حول تصاريح العمل لأبناء قطاع غزة


بقلم النائب: د. رلى الفرا الحروب

ثار جدل كبير خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حول قرار مجلس الوزراء الذي أعفى بموجبه أبناء قطاع غزة من حملة جوازات السفر الأردنية المؤقتة من رسوم تصاريح العمل عن الأعوام الماضية، والأمر باسيتفاء رسوم هذه التصاريح إعتباراً من العام 2016.

المشكلة تتلخص في أن حملة جوازات السفر الأردنية المؤقتة من أبناء قطاع غزة وغيرهم (وعددهم يصل الى 150 الف نسمة من كل الاعمار، جزء صغير جداً منهم يعملون في الأردن) لم يكن مطلوباً منهم في السابق إستخراج تصاريح عمل أو دفع رسومها، ضمن ما يسمى سياسة المسكوت عنه، ولكن هذا كان مطلوباً من حملة وثائق السفر الفلسطينية (وعددهم لا يتجاوز بضعة آلاف، وجزء صغير جداً منهم يعملون أيضاً لأن الكثير من المهن مسجلة باعتبارها مهناً مقيدة لدى وزارة العمل)، وبالتالي فإنهم كانوا يعملون في القطاع الخاص، وبعضهم كان خاضعاً للضمان الاجتماعي.

هؤلاء الخاضعون للضمان طلب بعض منهم عند إنهاء خدماتهم قبل إحالتهم الى التقاعد الحصول على تعويض الدفعة الواحدة من الضمان، ولكن الضمان الاجتماعي طلب منهم، وبناء على فتوى صادرة عن ديوان التشريع والرأي في عام 2012 الحصول على تصاريح عمل عن كل السنوات السابقة ودفع رسومها لوزارة العمل قبل إعطائهم مخصصاتهم لدى الضمان.

المشكلة أن الفتوى الصادرة عن الديوان إعتبرتهم غير أردنيين واعتبرتهم بالتالي خاضعين لأحكام المادة 11 من قانون العمل التي توجب على غير الأردنيين الحصول على تصريح عمل وترتب غرامات وجزاءات على المخالفين.

قبل هذه الفتوى من الديوان لم يكن هناك أي مشكلة، لأنه كان يتم التعامل معهم كالأردنيين ولا يطلب منهم الحصول على تصريح عمل، أما بعد صدور الفتوى وقرار مجلس الوزراء الذي صدر قبل بضعة أسابيع، فقد أصبح هناك وضع جديد وخطير يعاملهم وكأنهم عمال وافدون، وكأن جواز السفر الأردني المؤقت الذي يحملونه لا قيمة له إلا في عبور الحدود والإقامة في الأردن، حيث أن هذه الفئة ليس مطلوباً منها الحصول على إذن إقامة في الأردن، في حين أن حملة وثائق السفر الفلسطينية بأنواعها لا بد من حصولهم على إذن الإقامة ودفع رسومها وغراماتها في حال التأخير.

إجتهادات بعض النواب ذهبت في الإتجاه الخطأ مع الأسف حين اعتقدوا أنهم بإمكانهم تعديل المادة 13 في قانون الإقامة والأجانب المعدل (26 في القانون الأصلي) الذي نوقش تحت القبة وأقر في جلسة الثلاثاء الماضي، لينصوا فيها على استثناء حملة الجوازات الأردنية المؤقتة من الحصول على تصاريح عمل، في حين أن المادة تتحدث عن حق وزير الداخلية في منح أذونات الإقامة لبعض الفئات ومنها من يحصلون على تصاريح عمل، أي أن الشرط عكسي، وليس كما فهمه الزملاء، فللوزير الحق في منح إذن الإقامة بموجب أحكام هذا القانون لمن يحصل على تصريح عمل بموجب أحكام قانون العمل، ولم يستوعب الكثير من الزملاء أن المادة التي تستوجب التعديل هي المادة 11 في قانون العمل التي تنص على تصاريح العمل، وأن قانون الإقامة لا علاقة له بأحكام إصدار تصاريح العمل، وإنما يحدد أحكام إصدار أذونات الإقامة ورسومها وغراماتها.

كما فاتهم أيضاً أن حملة الجوازات الأردنية المؤقتة ليسوا بحاجة الى الحصول على أذونات إقامة في الأردن، أي أن المادة 14 المذكورة في قانون الإقامة المعدل لا تشملهم بالأساس، في حين أن حملة وثائق السفر الفلسطينية هم الذي يحتاجون لأُذونات إقامة، وكان الأَولى بالزملاء أن يؤيدوا إقتراحاً قدمته في المادة التي تليها وهي المادة 14 في القانون المعدل للإقامة والأجانب (المادة 30 في القانون الأصلي) بشمول إعفاء حملة وثائق السفر الفلسطينية من دفع رسوم أذونات الإقامة أسوة بباقي الرعايا العرب الذين ينتمون الى دول تعامل الأردنيين بالمثل، ونظراً لأن حملة وثائق السفر لا ينتمون الى دولة، (لأن دولتهم تحت الاحتلال)، فقد كانوا محرومين من هذا الإمتياز الذي منحه القانون.
ولكن مع الأسف الشديد، ورغم أنني قدمت هذا الإقتراح بتعديل المادة قبل شهر من الزمن، وقبل إثارة أي مشكلة تتعلق بموضوع تصاريح العمل، إلا أن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة قرر أن لا يقرأ الإقتراح الذي قدمته في المادة، ولم يسمح لي بقراءته وعرضه على الزملاء، وصوت على المادة بدون الإقتراح، وضيَّع على أبناء قطاع غزة من حملة وثائق السفر الفلسطينية فرصة ذهبية لإعفائهم من رسوم أُذونات الإقامة بموجب أحكام القانون، بدلاً من أن يبقوا أسرى على الدوام لقرارات مجلس الوزراء بالإعفاء أو عدم الإعفاء.

وحين طلبت إعادة فتح المادة في نهاية القانون حين كان الزميل د. مصطفى العماوي هو من يدير النصف الأخير من الجلسة، فإن الزملاء لم يوافقوا على إعادة فتح المادة، وضيَّعوا على أبناء قطاع غزة الفرصة الوحيدة القانونية المتاحة وهي إعفاؤهم من رسوم أُذونات الإقامة التي ارتفعت للشخص الواحد الى خمسين ديناراً بدلا من ثلاثين ديناراً بموجب أحكام القانون المعدل الذي أقر قبل أيام.

المخرج الآن من الورطة التي وضع فيها ديوان التشريع والرأي جميع الأطراف هو واحد من إثنين: إما بصدور قرار عن مجلس الوزراء الموقر بإعفاء جميع أبناء قطاع غزة من حملة الجوازات المؤقتة ووثائق السفر الفلسطينية من الحصول على تصاريح عمل، ومعاملتهم معاملة الأردنيين فيما يتعلق بفرص العمل في القطاع الخاص (ذلك أن القطاع العام محصور بالأردنيين)، أو بتعديل نص المادة 11 من قانون العمل لاستنثاء جميع حملة الجوازات الأردنية المؤقتة والمقيمين الدائمين من حملة وثائق السفر الفلسطينية في المملكة من تطبيق أحكام هذه المادة.

وقد إتفقت لجنة العمل النيابية (وأنا عضو فيها) مع لجنة فلسطين النيابية على تبني هذا الإقتراح، وسيتم التصويت عليه في لجنة العمل خلال يومين ورفعه الى عموم المجلس للتصويت بإحالته الى الحكومة لتعيده على هيئة مشروع قانون معدل لقانون العمل.

قد يقول البعض أن هذه الرحلة طويلة زمنياً، وهي كذلك، وقد يقول إن قانون العمل بحاجة الى تعديلات أوسع من تعديل المادة 11، وأن هناك قانوناً مؤقتاً للعمل بحاجة الى إقرار ويقبع في أدراج الرئاسة منذ عامين، وهذا صحيح، ولكن هذا هو الحل القانوني الوحيد، ولذلك، فإن الأسلم أمام الجميع في الوقت الراهن ولكسب الوقت، هو صدور قرار جديد عن مجلس الوزراء الموقر يعود فيه عن قراره السابق ويقرر إعفاء جميع حملة الجوازات الأردنية المؤقتة والمقيمين الدائمين من حملة وثائق السفر الفلسطينية من دفع رسوم تصاريح العمل.

إننا نناشد مجلس الوزراء الموقر إصدار هذا القرار كمرحلة أولى الى حين إعفائهم من إستصدار هذه التصاريح بالأساس بتعديل المادة 11 من قانون العمل، ونتمنى من الحكومة إرسال تعديل المادة 11 من قانون العمل الى المجلس خلال أسبوع ليصار الى إقراره بصفة الإستعجال بدلاً من إنتظار رحلة التعديل الطويلة التي نص عليها الدستور حين يأتي الإقتراح بقانون من قبل مجلس النواب، ذلك أنه بعد تصويت عموم المجلس عليه بالأكثرية المطلقة يتوجب على الحكومة إعادته على هيئة مشروع قانون خلال الدورة ذاتها أو الدورة التي تليها، ولأن المجلس سيرحل أغلب الظن بعد هذه الدورة، فإن الفرصة تكون قد فاتت الى حين إنعقاد مجلس جديد يأتي ضمن متغيرات جديدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات