الطاقة النووية أم المتجددة؟ المواجهة التي لم تكن


جراسا -

تواجه العديد من البلدان تحديا مزدوجا يتمثل في تحقيق التوازن بين توفير الطاقة مقابل احتياجات السكان المتزايدة من جهة والحفاظ على النمو الاقتصادي بأقل تكلفة للبيئة من جهة أخرى، لذلك فهم يبحثون بشكل متزايد عن مصادر الطاقة المستدامة. وفقا لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة التي نشرت في عام 2015، بحلول عام 2040 تقريبا، سيتم توليد نصف كهرباء العالم من خلال تقنيات منخفضة الكربون. الاقتصادات سريعة النمو في الشرق الأوسط ليست استثناء لهذا الاتجاه، هناك دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وغيرها، تخطوا الخطوات الأولى نحو التحول بعيدا عن الهيدروكربونات.

حتما، يوجد هناك معضلة تواجه هذه الدول الا وهي الاختيار بين مختلف مصادر الطاقة، فهنالك منافسة قائمة ما بين الطاقة النووية والطاقة المتجددة ، بعد أن أصبحتا معروفتين على نطاق واسع جدا في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، ويوجد لهما المؤيدين والمنتقدين على حد سواء. ومن الواضح أنه في دول الشرق الأوسط حيث يتزايد الاهتمام في التطور النووي وهي كذلك تمتلك مصادر الطاقة سواء الرياح أو الطاقة الشمسية، في هذه الدول تجدر المقارنة بين الاستخدامات النسبية والكفاءة لمصادر الطاقة النووية والطاقة المتجددة لتلبية احتياجات المنطقة. ومن جهة أخرى، يمكن القول أن هذه الطريقة في النظر الى الطاقة النووية والمتجددة كنقيضين مختلفين هي غير مقبولة جوهريا ولا تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المختلفة لهذه التقنيات

العديد من خبراء الطاقة يتفقون على هذا المنطق، توم بليس، رئيس المجلس العلمي للمبادرات العالمية- وهي منظمة دولية غير حكومية تتألف أساسا من العلماء والمهندسين الذين شاركوا في أنظمة الطاقة المتطورة- يعتقد بأن المقارنة ما بين مصادر الطاقة النووية والمتجددة هو حقا كالمقارنة ما بين "التفاح والبرتقال لأن الطاقة المتجددة لا يمكن الاعتماد عليها وأنها قادرة على توفير جزء من الطاقة المحتاج اليها. ولهذا يجب أن يتم بناء قدرة احتياطية دائما، والتي توفر في الواقع المزيد من الطاقة أكثر من مصادر الطاقة المتجددة في كل حالة، ويجب أن يتوافر لدينا المزيد من القدرة الاحتياطية لتكون كافية لتوفير الطلب وقت الذروة خاصة في الأوقات التي لا تنتج فيها الرياح والطاقة الشمسية أي شيء تقريبا.

ولعل أفضل طريقة للنظر الى الطاقة النووية والطاقة المتجددة هو من خلال مفهوم بالغ الأهمية يتعلق بالاقتصادات الحديثة بالنظر الى الطاقة - الحمل الأساسي. يشير الحمل الأساسي إلى الحد الأدنى من الطلب على نظام التيار الكهربائي على مدى 24 ساعة، وهو مطلوب للصناعات لتعمل بشكل فعال لمدة 24 ساعة طوال العام، حيث يمكن أن يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى تلف هيكلي ومالي بقيمة مليارات الدولارات. مما يعني أنه يجب أن يكون الحمل الأساسي يمكن الاعتماد عليه ويمكن تقدير وضعه وهو يحتاج الى مصدر مستقر للطاقة، وهنا تصبح الطاقة المتجددة غير مقبولة

وهنالك أمر رئيسي يجعل مصادر الطاقة المتجددة يصعب الاعتماد عليها بشكل ملحوظ: هو ارتباط إنتاجها مباشرة بأحوال الطقس وغيرها من العوامل الخارجية، حتى انه يشار إليها بمصطلح الطاقة المتقطعة. حتى في البلدان التي تتمتع بوفرة من الشمس والرياح على مدار السنة، يمكن للرياح تحقيق صافي عامل قدرة يقارب 25%، والطاقة الشمسية توفر ما يقارب 20% أو أقل، في حين أن الجيل الأحدث لمحطات الطاقة النووية يمكنه الآن تحقيق قدرة صافية لما يزيد عن 92%.

منال حماد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات