أصدقائي في حياتي


د فخري النصر

عندما خلق الله -سبحانه وتعالى - آدم عليه السلام لم يخلقه وحيدا , بل خلق من ضلعة حواء لتكون له صاحب في الجنة , فعصا ربهما فنزلا الى الارض ,وفي الارض تكاثروا واصبحوا شعوبا وقبائل لتعارفوا قال تتعالى : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء.

والانسان لا يستطيع ان يعيش وحيدا على وجه الارض , بل يحتاج الى صديق صدوق سوى كان كبيرا او صغيرا غنيا او فقيرا ذكرا ام انثى ,ولنا عبره من صداقة ابو بكر الصديق مع رسول الله صلى الله وعليو وسلم ويحدث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا, لو كنت متخذا من أمتي أحدا خليلا لاتخذت أبا بكر, والكل يحتاج الى صديق ,ولكن لماذا انتم حياتنا ايها الاصدقاء؟

أحيانا يضع الله في طريقك أشخاصًا تبتلى بهم ؛ فهل تعلم أن سبب وجودهم في حياتك هو لصالحك؛ كي تصلح ما بداخلك , قد تتعامل أحيانا مع شخص عصبي او غبي ؛ فتتعلم الصبر والهدوء وطولة البال ، وفد تتعامل مع شخص آخر أناني حسود حقود ؛ فتتعلم الحكمة والاثراء والعطاء ؛ وقس على ذلك باقي الصفات المزعجة التي تدركها كل يوم .

ولكن كن على يقين بأن الله – سبحانه وتعالى - يعالجك أنت من خلال هؤلاء الأشخاص والمواقف المزعجة التي تصدر منهم . لأنه يحبك ويريد ان يسعدك .

ولكن عليك أن تكون متفهما ؛ وانظر لكل شخص يدخل في حياتك ؛ كأنه الرجل الصالح بالنسبة لموسى - عليهم السلام - وقل في نفسك : ماذا سأتعلم من وجود هذا الشخص في حياتي؟
أو ما هي الرسالة التي ستصلني من مرور هذا الإنسان في حياتي؟

وأحيانا يحصل العكس ؛ فتلتقي بأشخاص يكونون في غاية الروعة والطيبة والكرم والعطاء ؛ فتعزهم ويعزونك وتحبهم ويحبونك , وبعد ارتياحك لهم تنقلب الصفحة وتظهر أمور مزعجة وتتبدل الأحوال - سبحان الله !

ما هو السبب وراء ذلك ؟
وما هي الحكمة يا ترى من ذلك ؟
فقط عليك أن تتذكر أن هؤلاء أيضًا هم علاج لك, بعثهم الله لك كي تتعلم منهم الكثير , وتتبدل سيئاتك الى حسنات بعد صبرك وتحملك لهم.

إذا كان الناس كلهم رائعين ، فكيف ستتعلم الصبر والحكمة والرحمة والتسامح والحكمة في التعامل , لو رأيت ما يزعجك من تصرفاتهم من البداية كنت ابتعدت عنهم ورفضت صحبتهم مثال : لو صاحبت شخصًا سريع الانفعال فإنه سيجعلك تنتبه لكلامك وتختار ألفاظك قبل التلفظ بها وهذا أمر حسن وبذلك تكون قد اتصفت بفضيلة لم تكن فيك .

أغلبنا قلوبنا ضيقة ؛ فلا نُدخل في قلوبنا إلا أشخاصًا بصفات محددة مسبقًا ! والله تعالى بواسع علمه يريد أن يوسع قلوبنا للناس فتكون مصدر حب لكل الناس وتقبل لهم , تأكد أن كل شخص مختلف عنك هو بالنسبة لك دواء تحتاجه في رحلة علاجك لصفاتك وتحسين طبائعك , الله تعالى قادر على أن يحيطك بأناس يشبهونك تمامًا ؛ ولكن هذا الأمر ليس فيه لك أدنى مصلحة !

جاهد نفسك ضد الإدانة وجاهد نفسك ضد إصدار الأحكام على الناس وجاهد نفسك ضد سوء الظن وجاهد نفسك ضد الغيرة ومع كل شخص مختلف عنك عليك أن تفهم غضبك .

كن صادقا مع نفسك واسألها ما هو السبب الحقيقي لغضبك ؟ لا تفتح حوارات مع الشيطان ، ولا تكسر المحبة ، ولا تتسبب بأدنى ألم للآخرين ؛ سواء بالتجريح بالكلام ؛ أو الإساءة والقسوة بالتصرفات والأحكام , دوما حكِّم عقلك ؛ وضع نفسك في مواقع الآخرين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات