حوار من دون " بوس " !


جراسا -

خاص - كتب أدهم الغرايبة - أنا من ضمن مئات الملايين العرب الذين لا تروق لهم السياسية الامريكية و مواقفها المعادية للعرب , لكني – مع ذلك – لا اضمر شرا للشعب الامريكي و لا اردد " آمين " حينما اسمع من يرجو الله ان ييتم اطفالهم و يرمل نساءهم مع ان الجيش الامريكي لا يقصر فينا ! , فالعلة فينا نحن العرب , و ليس مطلوب من الامريكان ان يسعوا لتخليصنا من تشتتنا و تخليصنا من طائفيتنا و توحيد كلمتنا و جمع شملنا و تسترد لنا فلسطين . لدينا مراره كبيره اوصلت البعض للتعبير عن ارائهم بالسلاح بسبب الانحياز الامريكي للكيان و ما فعلته ادارة بوش في العراق و ما يفعلة الامريكان الان في سوريا . لكن المرارة يجب ان تكون اكبر لضعفنا نحن العرب !
بالأخر للأمريكان مصالح في " الوطن العربي " – زمان عن هذا المصطلح ! – مثلما لهم مصالح في بقاع اخرى من هذا العالم , و هم يقومون بواجبهم لجني ثمار مصالحهم .

هذا لا يعني ايضا اني منخرط في حملة إنبهار بامريكا و الامريكان و لا ادعو للاستسلام لمخططاتهم او الترويج لها . فأنا انفر من المصالح المطلقة على حساب المبادئ, و من البراغماتية المفرطة , و من النموذج المادي المطلق , و من تسليع كل شيء انساني كما يفعل الامريكان .

عموما لهم دين و لنا دين ببساطة شديدة . حتى على الصعيد الاردني لا انزعج من تحركات السفيرة الامريكية . هي -بالاخر - تقوم بواجبها و تستطلع اراء الاردنيين - الذين تحتار في تخبطهم و تناقض ارائهم و ازدواجية مواقفهم و عدم وضوح رؤيتهم ! – و تزور منطاق الاطراف اكثر مما زارها الوزراء و الاعيان و النواب !

السفيرة الامريكية تقوم بواجبها من حيث انها تنسجم مع سياسات و مصالح بلدها و من حق اي سفير اخر ان يفعل ما تفعلة السفيرة الامريكية , و من واجب سفرائنا نحن ان يتعلموا الدرس , لولا ان اغلب هؤلاء غير مؤهلين لمواقعهم و لا يستحقونها !

لقاءات السفيرة الامريكية في عمان مؤخرا مع اشخاص مشبوهين و متهمين شعبيا بالفساد و المحاصصة و التوطين هي التي تثير حساسية شعبية , لأننا نعلم ان السياسية الامريكية تتبنى هؤلاء و تدعمهم انسجاما مع مصالحها . هذه اللقاءات تدين المجموعات التي تلتقيها السفيرة الامريكية و لا تدين الأخيرة بالمناسبة ! , الملاحظة الجوهرية التي بحاجة ان تنتبه لها السيدة " اليس ويلز " انها غالبا ما تجري حواراتها مع جماعات ضحلة سياسيا , و مفتعلة , و بلا افكار عميقة , و هي لا تمثل عمقا إجتماعيا , و هم جزء من المشكلة لا الحل . النواب في الاردن – مثلا - جيئ بهم بقانون أثير حوله ملاحظات سلبيه كثير’ , و لم يلق قبولا شعبيا , الإنتخابات ذاتها جرت بمشاركة ضعيفة للغاية فضلا ,عن تدخل دوائر رسمية اردنية للتأثير في النتائج باشكال متنوعة , و تعلم السفارة الامريكية – اكثر من غيرها – كل هذه الحيثيات . فما الجديد الذي يمكن ان تسمعه السفيره من هكذا اشخاص بخصوص هموم الاردنيين و هواجسهم ؟!

تبدلت القلوب في الاردن كثيرا نتيجة حقبة الفساد المنظم الذي يحظى برعاية , لكن التعبير عن النقمة الشعبية ظل مكبوتا لدى الاردنيين مخافة ان يخسروا وطنهم بالكامل , لكن للصبر حدود حتما !

الأمريكان يقدمون مساعدات ضخمة للاردن , كوطني اردني اكره العادة الرسمية الاردنيه في طلب المساعدات ان امطرت السماء او ان اشرقت الشمس , كرامتنا الوطنية تستدعي ان نبحث عن حلول لمشاكلنا الاقتصادية التي على رأسها حملة استرجاع خيرات الاردن و الانخراط في حملة تنقيب عن موارد طبيعية يزخر بها الاردن و تطوير منتوجاته الزراعية و تطوير قدراته السياحية التي تكفل برغد الاردنيين و اعفائهم من الديون و المساعدات التي تعلم السفارة الامريكية علم اليقين انها لا تذهب للغايات المعلنة و لا تفيد الاردنيين بشيء .

فضلا عن الفساد المالي و السياسي و تردي احوال المواطنيين الاردنيين معيشيا يعد مشروع التوطين ارقا و صداعا كبير في رؤوس الاردنيين خصوصا بعد توافد عدد كبير من اللاجئين من دول الاقليم . الاردنيون منحازون لقوميتهم و لديهم نزعة انسانية ترفض ظيم اخوانهم , لكن سوء ادارة الازمة و تسخيرة لغايات استدرار المساعدات و عدم توفير حماية اجتماعية للمواطنيين و الاعلان عن مشاريع توطين مشبوهة تثير مخاوف اردنية قد تدفع الاردنيين لمواقف عنيفة .

ما يدفع الامريكان للاهتمام بالاردن هو موقعه الجيوسياسي الحساس , الحوار الصريح مع اطراف دولية لها نفوذها و منها الامريكان ضروري جدا, و هم بحاجة لسماع اراء ظلت مكبوته و تقال همسا لردح طويل من الزمن لكنها اليوم تتصاعد و تقال في العلن من دون تردد و لم يعد بالامكان محاصرتها و كتمانها .

هناك افكار مدنية وطنية اردنيه حوصرت و حوربت بالخفاء بعنف ناعم تارة و ترويجها على انها " اقليمية " تارة اخرى و منعت من تشكيل تيار ملموس تبوح بأفكار غير تقليدية هي التي تضمن علاقات متوازنة مع الامريكان و تضمن مصالحهم المشروعة التي يجب الا تتناقض مع مصالح الاردنيين و لا تهدد دولتهم الوطنية و هويتها الاجتماعية .

أقول " حوار " مع الامريكان – و غيرهم - بدون تقبيل ايادي و بدون " تعبيط " !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات