يَا مَوْلَايَ .. إنّ الُنسُور عَلاَ فِي الَأرْضِ


مَولَايَ المَلكِ عبد الله الثانِي حَفظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ وسدَّدّ على طَرِيقِ الخَيْرِ والعِزِّ خُطَاه.سَلامٌ عَليْكَ في العَالَمِين،فَإنِّي أحْمَدُ إليكَ اللهَ الذِي لَا إلهَ إلَّا هو.

مَولايَ : إنّ ببابِكَ نِيرانًا تتأجَّجُ مِنَ الجُورِ، سببه التعامل الجَشِعِ الذي يمارِسُهُ دَولَة رئيس الوزراء فأطفِئْهَا يا مولاي بِماءِ حِكْمَتِكَ ، قَبلَ أنْ تَضْطَرِمَ وتصبحَ حَريقًا ، يَلْتَهِمُ الأخضرَ واليابسَ.

لَمْ يبْتَلَ الوطن بحكومة مِثْلَمَا ابْتْلِيْ بمثل الحكومة الحالية ،فَلَيْسَ لَنَا إلَّا أنْ نَنْبُشَ المَاضِي لِنَسْتَخْرِجَ الصَّفَحَاتِ السَّوْدَاءِ لحكوماتنا ،لِنَعْكِسَهَا علَى حَاضِرِ حكومتنا التي تعِيشُ مَعَنَا ،وَنَعِيشُ مَعَهاُ مَخَاضًا عَسِيرًا ،حَتَّى أَصْبَحْنَا نَكْرَهُ سَمَاعَ ذكرها،لِأنَّها أصْبَحَت عِبْئًا نَفْسِيَّا واجْتِمَاعِيًّا وَمَالِيَّا عَليْنَا وعَلَى مُسْتَقْبَل وَطَنِنَا،ودولتنا، بِسَبَبِ سُكُوتِنَا غَيْرِ المُبرَرِ وَقِلَّةِ حِيْلَتِنَا ، الذي جعلنا ندفع الثمن باهظا .

لقدْ تناهَى إلى سَمعِكَ يا مولاي قرّارَات "حكومة الجباية" برفع الأسعار والمزيد من الضرائب ،الذي زادَ مَن احتقانِ الشعبِ وسخطه جرّاءَ هذه القرارات الظالمة.

واعلم يا مولاي أنَّ حكومتنا تتغذى عَلَى رَصِيْدٍ مِنْ ( هُمُومِ الشَّعْبِ وَآلَامِهِ) فلَمْ تعُد مَصْدَرَ دَعْمٍ لِأَمْنِ وَأمَانِ الوَطَنِ ، بَلْ أَصْبَحَت عِبْئًا ثَقِيْلاً عَلَيْهِ وخطرًا على أمنهِ.

وَحِيْنَمَا تصبح الحكومة عِبْئًا ثَقِيْلاً علَى حَيَاةِ النَّاسِ ، فَإِنَّهُا تتحَوَّلُ إلَى أطْلالٍ دَارِسَةٍ، ُتغْلِقُ مَسْلَكَ المُسْتَقْبَلِ ،وَتُعْشِي الأَنْظَارَ فِيْ تَطلُّعِهَا نَحْوَ الأفُقِ البَعِيدِ.

وإذَا أَرَدْنَا أنْ نَتَخَلَّصَ مِنْ هَذِهِ الأطلالُ المُعِيْقَةُ،لا بُدَّ مِنْ ترحيل الحكومة،التي أصْبَحَت مَطْلَبًا شَعْبِيًّا ،وَإنْسَانِيَّا،وَحَضَارِيًّا وَعَصْرِيًّا،قَبلَ أنْ يَتَحَوَّلَ الشَّعْبَ حِيْنَهَا إلى طُوْفَانٍ يَقْتَلِعُهُمْ مِنَ الحَيَاةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْعَامَّةِ.

فمِنْ مَوْرُثِنَا التَّارِيْخِيِّ الَّذِيْ يَحْكِيْهِ لَنَا: (أنَّ مَلِكًا كَانَ لَهُ فِيْل ،وكانَ هَذَا الفِيل يَصُولُ وَيَجُولُ فِي المَدَيْنَةِ ،يُؤَذِي النَّاسَ،وَيَقُومُ بِالتَّخْرِيبِ والتَّدْمِيرِ،وَيُرَوِّعُ السُكَّانَ ،ومَا كانَ أحدٌ يَسْتَطِيعُ مَنْعَهُ.

وفِي يوم من الأيَّامِ اجْتَمَعَ سُكَّانُ المَدِينَةِ،واتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنِهِم علَى أنْ يَذهَبُوا جَمِيْعًا إلَى المَلِكِ،وَيَقولُوا لَهُ صَبَرْنَا عَلَى الفَقْرِ،وَالضَّرَائِبِ،و الأوبِئَةِ ،والمَظَالِمِ،وأعْمَالِ السُّخْرَةِ ؟ أمَّا الفِيلُ،فَلا نَصْبِرُ عَلَيْهِ،فقَدْ أصْبَحَ عِبْئًا ثَقِيلاً عَلَيْنَا،جَعَلَ النَّاسَ بِلا أمَانٍ،وَيَظْهَرُ المَوْتُ إذَا بَانَ،وَلِهَذَا جِئْنَا نَشْكُو أمْرَهُ إليْكِ،ونضع ظلامتنا بين يديك ،إذ الأمر منك وإليك ،َراجُين أنْ تَرُدَّ أذاهُ عَنَّا.
فَلعل المَلِكَ لا يَعْرِفُ مَاَ يَفعَلُهُ فِيْلَهُ!!

فقالَ قائِلٌ مِنْهُم وَهَوَ صَاحِبُ الفِكْرَةِ وأشْجَعُهُمْ :وَعِنْدَمَا يَسْأَلُنَا عَنْ سَبَبِ مَجِيْئِنَا،نَقَولُ بِصَوْتٍ واحدٍ : الفِيلُ يَا مَوْلَانَا ،وعِنْدَمَا يَسْألُنَا مَا بِهِ؟سَنرُدُّ علَيْهِ بِأنَّهُ لَمْ يَعُدْ يَلْزَمُنَا لأنَّهُ أصْبَحَ عِبْئًا ثقيلاً عَلَيْنَا.

وَهَكَذَا اتفَقوا وَسَارُوا مَعًا إلى المَـلِكِ ،مُتُعُاهِدِيْنَ عَلَى مَا اتَفَقُوا علَيْهِ،وَعِنْدَ وُصُولِهِمْ القَصْرَ خَرَجَ قَائِدُ الحَرَسِ وَقَالَ لَهُمْ : مَاذَا تُرِيْدُونَ فَأجَابُوا كُلُّهُم مُقَابَلَةَ 'المَلِكِ' . فَذَهَبَ قائِدُ الحَرَسِ إلى المَلِكِ وَقَالَ لَهُ : سُكَّاُن المَدِينَةِ يُرِيدُون مُقابَلَتَـكَ يَا مَوْلَايَ .إنَّهُم كَثِيرٌ،فَخَرَجَ المَلِكُ مُهَرْوِلاً إلَى بَابِ القَصْرِ، ونَظَرَ إليَهِم وَقَالَ :

مَاذا تُرِيدُ الرَّعِيَّةُ مِنْ مَلِكِهَا ؟
الرَعِيَّةُ بِصَوْتٍ واحدٍ:الفِيْلُ يَا مَوْلَاي.
المَلِكُ : وَمَا خَبَرُ الفِيلِ؟
ممثلهم:الفِيْلُ يَا مَوْلَايْ.
المَلِكُ : كادَ صَبْرِي يَنْفَذُ ، تَكَلَّمْ مَا خَطْبُ الفِيْلِ؟

ممثلهم:الْتَفِتً إلَى المُحَيطَين بِهِ،فإذَاهُمْ صُمٌ بُكْمٌ لا يَنْطِقُون،رَهْبَةً وَرُعْبًا ،فما كانَ عَليْهِ إلا أنْ يَستمرجَرِيْئًا فِيْ هَذِهِ الَّلحْظَةِ التَّارِيْخيَّةِ،وَيَقُولَ الحقَّ!!

يَا مَوْلَايَ:الفِيلُ أكَلَ الأخْضَرَ،وَاليَابِسَ،َتجَبَّرَ،وَتَكَبَّرَ،وَعَلا فِيْ الأرْضِ، رَفَضَ كُلَّ الألوَانَ،إلَّا الَّلونَ الأحْمَرَ،فَهو كَدودِة العَلَقِ ،لا تَحْيَا إلَّا علَى مَصِّ الدَّمِ مِنَ الجَسَدِ المُبْتَلَى بِهَا،حَتَّى تُصِيْبَهُ بِفَقْرِ الدَّمِ،ثمَّ تُجْهزُ علَيْهِ،فَرَدَّ المَلِكُ بَعْدَمَا رَدَّ أنفاسَهُ،رَدًّا جَمِيلاً،وَقَالَ :عُودُوا رَاشِدِيْنَ.

إنَّ انحيازَكَ يا جلالةَ المَلكِ لمطالِبِ الشعبِ ،ورغبتهِ في عيشٍ كريمٍ ، لنْ ينساهُ لكَ شعبُك الأردنِيُّ ،وسيُخلِّدُه التاريخُ بأحرفٍ مِن نورٍ.

فأنتَ مَنْ يَحُسُّ بِهَمِّ المواطنِ ،ويشعرُ بألمِهِ حينما يَئِنُّ أينما كانَ ،وفي أيِّ مكانٍ مِن وطننا العزيز ، فهو الذي لا يقبلُ الضيمَ أو الظلمَ أو هضمَ حقوقهِ االتِي شرعَها الخالقُ جلَّت قدرتهُ ،وكفِلَهَا الدستورُ الذي هو المِظلَّةَ التي ينضوي تحتَها الأردنيِّين جميعًا أينَما كانوا ،لا فرقَ بين مواطنٍ وآخرَ ،إلا بالانتماءِ وأداءِ الحقوقِ ،وهم سَواسِيَة أمامَ القانونِ.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات