جراسا -

حينما نُقبل على الحياه بجهل ندرك ونفهم ونتعلم ونكتشف كل مستور ونتقبل الآخر ونحترمه على أساس أنه كنز محتمل وقيمه مفترضه وإضافه نوعيه ، بعكس حالنا حينما تزيد مدخراتنا من العلم والفهم والإدراك عندها يتعاظم عجزنا عن التعلم و نفقد حماسنا بالإقبال ويغيب الحافز من تفاصيل إدارتنا للامور وإنتظارنا لنتيجة شيء ما .

والأهم من هذا وذاك فقدان المرونه وزيادة التصلب وكثرة النزاع التي تنتج عن تبني تصور ما وقناعه قديمه (لموقف لم يقطف عن أمه بعد ).

يصبح الاخر بوجهة نظرنا قنبله موقوته وعبوه ناسفه قابله للإنفجار بأي وقت وكل وقت لاننا نعلم أن الاخر يحمل فهم وعلم وقناعات تختلف عن تلك التي عكفنا عليها وشكلناها بموافقه تامه للمثل الشعبي الذي يقول (كل شبر بنذر ) نعم الافكار والتصورات هي كيانا وشخصيتنا وجوهرنا الذي نسوق نفسنا من خلاله سواء بالحياه الاجتماعيه او الوظيفيه وما سبق يربى كما طفل صغير وكلنا يرفض ان ينكث غزله ويعود لعمر التشكل بعد أن ذاق طعم الاستقلال المعقود بفم الأنا التي تقول (أنا هنا) وهذا ما يجعلنا بإستعداد تام لتحويل كل جلسه وإجتماع لأرض معركه وميدان للإقتتال سلاحنا فيه (معجم لغوي ومجموعة قصص وأمثال وروايات مسموعه وأخبار منثوره هنا وهناك لا رابط بينها إلا لسان وعقل من جمعها ونظمها بحبل أفكاره وأهدافه ) نخوض هذه المعارك وكل منا غير مكترث بما عند الاخر إلا بزاوية المحاججه التي تنطوي على الاستعراض لما نملك والإحباط لما يملك .

بالتالي أصبحت مناقشاتنا منولوج بصوت عالي يسعى كل متحدث لقول ما يملك بغض النظر عن رأي الآخر الذي يخالفه او يصوبه بنقطه ما ويتفق معه بمجمل ما طرح .

ما عاد الجهل مشكله وعائق بالتواصل بين الناس بقدر ما اصبح المتعلم هم العائق بحد ذاته ولب الخلاف وجوهره ، للجاهل عقل غض وقنوات إدراك مشرعه ترحب بالجديد بكل إحترام وتمحيص .

نحتاج لصحوه إجتماعيه تعيد النظر بقيمة المسميات الأكاديميه وضرورة ربطها بمنظومه أخلاقيه وسلوكيه أبسط ثوابتها البعد عن الغلو وإحتواء كل جديد وإحترام الاختلاف طالما انه لا يعني التخلف والإختلاف .