الهاشميون والاردنيون صنوان لا يتفرقان


بعد لقاء سيدنا مع ابناء معان بالأمس تمعنت جيداً بما قاله الفيلسوف "جان جاك روسو" : أن السعادة الحقة لا تُوصف بل تُحس وتُلمس ، وكلما إزداد وصفها ،إزداد الاحساس والتمسك بها ، لأنها لا تنجم عن مجموعة وقائع، بل هي حالة دائمة.

والهاشميون هم الشيء نفسه ، فكلما اقتربنا منهم لكي نمسك بأغصانهم، وجدنا قامتهم تستطيل وتتشعب اكثر من قدرتنا على ملاحقة انجازاتهم ،والارتفاع لمستوى اخلاقهم ، شاء من شاء ،وأبى من أبى ، ورفض السير خلفنا ، وتقوقع على نفسه ، مفضلاً إلا ان يكون من المستكبرين.

فالسؤال الهام هنا : هل للهاشميين دورٌ وتأثير في حياة الاردنيين؟، أم هُم شرٌ يمكن تجنبه؟، نعم اقول وما يقيني إلا بالله الذي عليه توكلت وبه أمنت بانهم ظاهرة في حياتنا على مّر الاجيال ، بدلالة ان الكثيرين من اخوتنا العرب وغيرهم من غير بني جلدتنا يحسدوننا عليهم ، ويتمنوا ،وكم تمنوا على الشاشات الفضائية لو ان قادتهم استطاعوا اللحاق بهم وبما يقدمونه لأوطانهم وشعوبهم .

فيا اصحاب الرؤى الضيقة من ابناء شعبنا، من الذين استخدموا ساحات مساجد الكالوتي والحسيني والنخيل سلالم للفت الرؤية وجلب الانتباه وكسب الشعبيات الرخيصة التي سرعان ما تزول في بلد كالأردن شعار ابنائه الله الوطن المليك، لقد كان الهاشميون اصحاب رؤية قومية واسلامية ووطنية ،هدفوا بمختلف مراحل حكمهم الى تثبيت الولاء للوطن بكل ابعاده ، فغدوا بين نظرائهم من الحكام اصحاب نظرة شاملة.

فعندما فشلت انظمة الحكم العربية في غالبية البلدان ، وأثّر نظام حكمهم على تركيبة مجتمعاتهم ،استفادت من ذلك الحركات الاسلامية والمتأسلمة واكتسبت جاذبيتها من فشل اولئك الحكام، ولكن وللأمانة المهنية والتاريخية لم تستطع الحركات المتأسلمة والسياسية الاخرى في الاردن من الوقوف على اقدامها إلا بمقدار ما يتيح لها ذلك قضاء الحاجة في الحمام.

نعم ان المتمعن في الوضع العربي يلحظ بأن ثوراتها اثبتت فشلها في تحديد هويتها الوطنية ، فغدت دول وشعوب بلا هوية ، وبعضها اصبح بأكثر من هوية كما هو الحال في العراق واليمن ، ومن لا يستطيع الى الان تحديد هوية جامعة لشعبه ،ولا ان يوّحد مكوناته ، فالجحيم له هو المأوى.

فكلنا يعلم وقد رأى بأم عينيه بأن مفهوم الثورات بالوطن العربي ارتبط بمفهوم الخروج على طاعة اولي الامر ، ما عدا الاردن لجأ اصحاب الثورات الى العرش لإنقاذهم وإعادة وحدتهم ، فالهاشميين وحدهم الذين ما كانوا يوماً بحاجة الى اعادة انتاج السلطة ، وملاحقة المعارضين بسيف التكفير والارهاب واثارة الفتنة، بل كانوا الحضن الدافئ لكل من حاد عن جادة الصواب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات