النماذج العددية .. مستقبل التنبؤات الجوية


جراسا -

فهيد الطعيمه

دخلت التنبؤات العددية ( Numerical Weather Prediction) في علم الارصاد الجوية منذ عهد بعيد ، وتطور وتقدم مع تطور اجهزة الكمبيوتر ( Super Computer) ، وفي عصرنا هذا اصبحت التنبؤات العددية الاساس في التنبؤات الجوية وفي العديد من التطبيقات المرتبطة بها.

ان الدول التي بامكانها تشغيل البرامج العددية قليلة لا تزيد عن اصابع اليد ،وتقدم منتجات هذه البرامج لمجتمع الارصاد الجوية ،بعض هذه المنتجات تقدم مجانا عبر شبكة خاصة تعرف ب GTS (Global Telecommunication System) ، والبعض الاخر يتحتم دفع مبالغ مالية لقاء الحصول على المنتجات ، ومع تطور شبكة الانترنت وزيادة سرعتها اصبح من المتاح الحصول على المنتجات عبر هذه الشبكة اضافة لما هو متوفر على شبكة GTS .

من المراكز الرائدة في مجال التنبؤات العددية المركز الاوروبي للتنبؤات الجوية(ECMWF ) ، وينتج هذا المركز خرائط تنبؤ متعددة لعناصر الطقس المختلفة بدقة عالية ولفترة تتجاوز عشرة ايام. منتجات هذا المركز محصورة بالدول الاوروبية اساسا، ويمكن للدول خارج المجموعة الاوروبية الحصول على منتجاته عبر اتفاقيات ثنائية بين المركز والدول الراغبة في الحصول على منتجاته،وخير مثال على ذلك ما حصل مع سلطنة عمان التي حصلت على نموذج عددي من هذا المركز بناء على اتفاقية وقعت بين الجانبين.

اضافة الى المركز الاوروبي هناك مراكز في واشنطن وطوكيو ولندن وفرنسا وروما تشغل نماذج عددية يختلف الواحد منها عن الاخر من حيث العناصر المنتجة ومن حيث الدقة.

هنا في الاردن بدأنا في استقبال بعض المنتجات من خلال نظام كان يعرف ب Fax-e (Fax-Europe) ، تلا ذلك ادخال نظام MSS (Message Switching System) من قبل الارصاد الالمانية ومن خلال ارتباط هذا النظام مع شبكة GTS والذي اسلفت ان بعض المنتجات تبث من خلال هذه الشبكة ، اصبح بالامكان تشغيل بعض برامج التنبؤات العددية محليا والحصول على العديد من المنتجات .

مع بداية عام 2000 تم تحديث نظام MSS من قبل شركة فرنسية ومن ضمن التحديث تم ادخال برامج متخصصة لتحليل المنتجات العددية لاكثر من نموذج منها نموذج من الارصاد الالمانية ، والفرنسية والبريطانية ومن المركز الاوروبي ، ولكنها ليست من النماذج العالية الدقة.وخير مثال على ضعف دقة النماذج العددية المتوفرة حاليا في الدائرة ما حصل في العاصفة المفاجئة التي حدثت يوم الخميس بتاريخ 5/11 والتي لم تظهر في نشرات الدائرة حيث حدثت سيول عارمة ادت الى اغراق شوارع العاصمة بالمياه ،والمثال الاخر ما تحدثت به النشرات الجوية اعتبارا من 12/11 والتي تحدثت عن امطار غزيرة وسيول وبرد ورعد وتم التهويل الزائد بما سيحصل واتت الرياح بما لا تشتهي السفن.

في السنة الاولى او الثانية بعد عام 2000 انشئت وحدة للتنبؤات العددية في عهد الاستاذ هيثم الشاعر في المركز الوطني للتنبؤات الجوية التابع لدائرة الارصاد الجوية ، وتم في ذلك الوقت الحصول على نموذج عددي HRM ( High Resolution Model) وتم تشغيله ولا زال يعمل لغاية هذا التاريخ. لاحقا تم الحصول على نموذج عددي يدعى Cosmo من المانيا وهو احدث ما انتجته الارصاد اللالمانية في مجال التنبؤات العددية بقدرة تصل الى 2.8 كم ( Pixel Resolution ) وهذه قدرته القصوى ليعطي تنبؤات ادق ، لكن وللاسف فان الدائرة لم تستطع تشغيله الا على 7 كم وهذا يقلل من دقته. انه لمن الاولوية لتحسين دقة التنبؤات الجوية تشغيل النموذج بكامل طاقته ، وهذا ينطبق على نموذج امريكي يدعى WRFمستخدم باكثر من 60 مركز تنبؤات جوية والمتوفر مجانا على شبكة الانترنت ، وكلا النموذجين بحاجة لتوفير اجهزة كومبيوتر عالية الكفاءة لتشغيلهما .عند هذه المرحلة توقف التحديث على برنامج التنبؤات العددية لعدة اسباب منها اولا عدم سعي الدائرة لمواصلة تحديث برامج التنبؤات العددية والسبب الاخر عدم وجود متخصصين في هذا المجال في الوقت الحالي ، ومن المؤسف ان الشخص الوحيد الذي تم تأهيله في هذا المجال من خلال ايفاده بعدة دورات تدريبية قد ترك العمل في الدائرة ولم يتم تهيئة شخص اخر ليحل مكانه لمتابعة تحديث وتطوير برامج التنبؤات العددية .

بالعودة الى المركز الاوروبي فكما اسلفت فان هذا المركز هو رائد التنبؤات العددية في كل اوروبا ، وكما هو معروف فان الاردن هو من ضمن المجموعة الاوروبية (Region 6 ) ضمن تقسيمات منظمة الارصاد العالمية ، ويتوجب بناءا على هذه العضوية السعي الجاد للحصول على منتجات هذا المركز نظرا للدقة العالية التي تتميز به منتجاته.

ان التنبؤات العددية هي الحجر الاساس في التنبؤات الجوية واعتقد اننا متاخرون كثيرا في هذا المجال، ويتوجب بداية لمواكبة ركب الدول التي قطعت شوطا طويلا في هذا المجال تاهيل العديد من التخصصات الفنية مثل البرمجة بلغات الكمبيوتر المختلفة وتاتي في مقدمتها نظام التشغيل Linux اضافة الى برامج اخرى ليس المجال لسردها ، كما يتوجب توفير تخصصات مثل الرياضيات والفيزياء للتعامل مع النموذج العددي ذاته والذي لشديد الاسف لم تعمل الدائرة على توفيره
ان مواكبة الدول بالحصول على النماذج العددية الحديثة سينعكس بالتاكيد على دقة النشرات الجوية لمختلف الاغراض ، وفي هذا المجال نسمع سعي الدائرة لتشغيل مشروع الاستمطار ان توفرت عوامل النجاح لهذا المشروع الذي سيكلف الدولة مئات الالاف الدنانير ان لم نقل ملايين ،انه لمن الاولى اولا تهيئة البنية التحتية ان كان للتنبؤات الجوية من خلال رفع وتحسين دقة التنبؤات الجوية ،لاستثمار ذلك في مجال الاستمطار، كما ان تاهيل المتخصصين في مجال استمطار السحب من فيزيائيين ومهندسين ومتخصصين في اعمال الصيانة . ان العمل بعكس ذلك كأنما يضع العربة امام الحصان.

اخيرا لا بد من وضع جدول للاولويات لينفذ الاهم ثم المهم ، فالاهم من وجهة نظري هو بمعالجة الكادر البشري الذي تأكل في السنوات الاخيرة نتيجة انفكاك العديد الموظفين من التخصصات الفنية المختلفة والتي لم يتم تعويضها بتعينات جديدة. فانه من غير المجدي السير في اي مشروع قبل تهيئة جميع السبل اللازمة لنجاح المشروع وعكس ذلك فهو الهدر في المال والجهد. 

حفظ الله الاردن بقيادة جلالة مليكنا المفدي عبدالله الثاني بن الحسين وسدد على طريق الخير هداه، والله الموفق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات