واقعنا الحزبي وخلم الحكومة البرلمانية


تشكل الاحزاب في اغلب دول العالم الاساس بل والركيزة المثلى للأنظمة الديموقراطية وتأخذ حيزا في الحياة العامة نظرا لكونها ضرورة ماسة تفتضيها انظمة الحكم في هذه الدول. فهي اي الاحزاب تعد مظهرا حضاريا في المجتمعات الديموقراطية ومؤشرا دالا على تطور وتقدم الحياة السياسية والفكرية لكافة شرائح المجتمع . 

وفي اردننا الغالي الحياة الحزبية والعمل السياسي ليس بجديد اذ نشأ مع تطور وقيام امارة شرق الاردن فكان هناك تأسيس لأول حزب في عام 1927 سمي حزب الشعب، وكان ذلك دلالة على الوعي الفكري والسياسي عند ابناء الاردن الغيورين على هذا البلد. وفي خضم المناداة بحكومة برلمانية تواكب التحول الديموقراطي الذي نعيشه واخذا برؤى جلالة الملك لان تكون الاحزاب هي الاساس في تعزيز روح الديموقراطية وان التحدي الرابع في وثيقة الهيئة الوطنية لشعار الاردن اولا الذي اصدره جلالته عام 2002 هو الاحزاب، ومن اولى الاجراءات لهذا التحدي ان لا ديموقراطية بدون احزاب سياسية ، كما ان مصادقة جلالة الملك على قانون الاحزاب جاءت دلالة على اهتمامات جلالته في ايجاد احزاب قوية ومؤثرة في عملية الاصلاح، لكن الشي الذي يجعلنا نتساءل باستغراب هل حقا هذا التهافت على تشكيل الاحزاب والذي اصبح اشبه ما يكون ب (فوره حزبية) هي ما نريدها لتواكب عملنا السياسي الهادف ؟ ام اننا بحاجة الى حزبين او ثلاثة احزاب قوية تمثل كل شرائح المجتمع الاردني لتكون اداة ونواة لتشكيل حكومة برلمانية ، ملبية بذلك حلم وطموح صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين .

نعم اننا بحاجة الى عدد قليل من الاحزاب بنوعية مختارة فكريا وسياسيا كما هي المسميات الان حزب وسط وحزب يساري وحزب قومي وحزب مستقل ، نحن بحاجة الى احزاب ممنهجة احزاب برامجية ذات طابع فكري وسياسي هادف الى تحقيق ودفع مسيرة الحياة الديموقراطية ، نحن بحاجة الى احزاب تكون تطلعاتها النهوض بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، احزاب تشكل الروافع الوطنية الداعمة لقوة هذا البلد وقيادته ، احزاب تكون قادرة على المشاركة الفاعلة في مسيرة الحكم بعيد كل البعد عن الايحاءات الخارجية والجهوية والعشائرية .

ان اردننا الحديث بحاجة الى منظومة حزبية تكون مناطة بالتنشئة السياسية واعداد القيادات الواعدة للمساهمة في بناء هذا الوطن ويكون لها دور فاعل في عملية الاصلاح وسندا لقيادة هذا البلد وتطلعاته.

وما نشاهده الان من تهافت كبير على تشكيل الاحزاب والتي قد يصل عددها الى قرابة الاربعين حزبا مرخصا ومع صدور القانون الجديد الذي يسمح ل150 عضو لتأسيس حزب قد يتضاعف العدد وتصبح المنظومة الحزبية اشبه ما يسمى بالأحزاب العائلية على غرار الجمعيات وقد يتم تشكيل الحزب من العائلة نفسها وامتدادها داخل خريطة الاردن ، هل هذا ما يحقق طموح صاحب الجلالة ؟ الذي اكد على تشكيل الائتلافات ودمج للأحزاب فيما بينها . وهل هذا سيشكل تطورا سياسيا في بلدنا.

نحن بحاجة الى وقفة لإعادة تصورنا للأحزاب اخذين بالاعتبار ان تكون نوعية وليس كمية اساسها برامج سياسية وطنية تستطيع معالجة الاخطاء وتنسجم مع الحراك السياسي والشعبي والحكومي لخدمة الوطن والمواطن، فلا نريد احزاب جوفاء خالية من الفكر السياسي ومن المضمون الرئيسي لإنشائها والتي تاتي لتحقيق رغبات الهواة الطامعين للشهرة والوصول الى مناصب سياسية ، فالساحة السياسية الأردنية لا تحتمل تزايد هذه الاعداد من الاحزاب لا ولن تكون بهذا الشكل نواة لأية حكومة برلمانية خاصة اذا ما علمنا ان اكثرها هي فكرة حزب الرجل الواحد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات