التفريغ الديموغرافي في بلادنا العربية الى اين؟


من عجائب هذا الزمن ان تحن قلوب العالم ويدخل فيها الرأفة والانسانية تجاه امتنا العربية ، هذا الاحساس الذي ليس له سابقة والذي حط فجأة على قلوب العالم مرحبا وافتحا الابواب والنوافذ لاستقبال المهجرين من ابناء امتنا العربية ، فعلا انها اعجوبة القدر ان يلاقى العرب الود والمحبة اتجاه ابناء عروبتنا المهجرين من ديارهم هذا الود المبطن والمفروض على هذه الدول من قيادات اقطاب القوى العظمى. الى اين سيؤدي في نهاية المطاف ؟

ديموغرافيا يعرف بان الشعب هو العمود الرئيسي بل والركيزة الاساسية لبناء وقوة الدولة واي تغيير في تركيبة هذه القوة سيؤدي الى اضعاف وتمزيق اركان الدولة بل وجعل هذه الدولة او تلك ساحة لمطاحنات دموية الخاسر فيها هو الشعب . فليس منا من يعي ويعرف ان وجود شعب متماسك تجمعه قيادة قوية هو دائما بمثابة شوكة في عيون الاخريين .

ما يحدث الان في دولنا العربية في سوريا والعراق ولبنان وليبيا . هو فعلا مأساة انسانية وجغرافية اريد لها بمخطط همجي إمبريالي لتفريغها من سكانها واضعافها ، هذا السيناريو الذي اختلق من دول المنطقة العظمى لم يكن وليد الساعة ولم يكن لحظة اختلاق الربيع العربي بل هو جزء من مخطط دولي لهدم اركان وقوة هذه الدول وامتداد للمخطط الصهيوني الممنهج منذ سبعة عقود ضد شعبنا في فلسطين المحتلة وهو ايضا امتداد لاتفاقيات وسيناريوهات قديمة منذ الغزو الصليبي وحتى اتفاقيات سايكس بيكو .

ان ما نشاهده اليوم من تسابق لدول العالم على تقويض قوة وامكانيات دولنا العربية بذريعة التصدي للإرهاب وتحت ذريعة التصدي للقوى المتطرفة، ودعم هذا وذاك هو قرار اتخذ بالإجماع من كافة الدول الناقمة على الامة العربية والاسلامية لطمس اي معلم حضاري وانساني عربي واسلامي، فهذا التسابق فحواه اطار سياسي تحكمه المصالح الاستراتيجية ،اذ باتت كل دولة من هذه الدول وبالذات الثالوث ،امريكا والاتحاد الروسي وايران وحلفائهما تنتهج مخطط يخدم مصالحها واجندتها في بلادنا العربية وليس من باب التعاطف او المساندة الاخوية والصديقة او وقوفا مع مطالب الحرية والكرامة وبناء دولا ديموقراطية كما تروجه هذه الدول. فالتهجير والتفريغ الديموغرافي المتعمد في سوريا والعراق وليبيا هو مشروع مدروس يمرر من خلال الامم المتحدة التي بدت تسعى لإخراج سكان هذه الدول من موطنهم والمطالبة الأممية وضغطها على دول للقبول باستضافتهم كلاجئين وهذا ما يؤكد ان هناك فعلا مؤامرة تتم في الخفاء لعملية التهجير بمطلب صهيوني يتيح لليهود التمدد مستقبلا دون اي معارضه او مقاومة.

بقي ان نقول ان ما حدث ويحدث الان في دولنا العربية التي هزها الزلازل العربي وادى الى طمس مفهوم الدولة، جاء نتيجة مخطط مرسوم منذ عقود مضت لفرض واقع فوضوي دائم تبنته السياسات في الدول العظمى الحليفة لإسرائيل لخلق دول ضعيفة هشة مشعلة فيها روح الفتن وزعزعة الامن والاستقرار وتأليب شعوب تلك الدول على بعضها البعض وجرها الى التناحر والاقتتال بهدف تفتيت المعالم الجغرافية واحياء لمشروع برناردو لتقسيم دول المنطقة الى دويلات صغيرة ضعيفة حماية لمصالح الغرب والقوى المتآمرة على عالمنا العربي والاسلامي ، وهو ما نشاهده اليوم من تنفيذ واقعي لهذا المخطط الاليم.



تعليقات القراء

قطروووز
الدول والشعوب الاخرى تخطط وترتقي بحياتها وعلمها وطموحها، والعرب مع علمهم بهذه الامور لا يخططون ولا يرتقون ولا يطمحون! فقط نحذر من نوايا الاخرين ولا نعمل شيئا بالمقابل!!
14-10-2015 04:36 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات