في تشرين يبدأ الحب في خجل ، فتسقط رذاذات المطر الخجلة على صدر الأرض فتنتشي وتفتح له أذرعها ، فيخلي لهم كل شيء المكان مع اول القطرات.

تختبأ القطط تحت المركبات وبين الزقاق ، وتغض الأزهار أبصارها على مضض ، تغلق النوافذ على استحياء ، وتهرب الطيور إلى أعشاشها على عجل ، ثمة عصفور تعلم للتو الطيران فتعلم معه أول دروس الحب والعشق عندما لامست جناحه الأيمين قطرة من المطر.

يهرب الجميع إلى منازلهم بفرح ، في تشرين فقط نفرح في هروبنا ، لنخلي كلنا للعاشقين المكان ، الأرض والمطر ، فتعم رائحة التراب الرطب المكان في نشوة اللقاء.

في تشرين يأتي المطر صدفة ، كما الحب يأتي صدفة ، وبلا مقدمات ، يبدأ المطر بقطرات كما يبدأ الحب بنظرات ، فيستمرا في اللقاء وينتهيان في عناق ، فتغيب الدنيا وتحضر في آن واحد لتصبح الدنيا أجمل وتصبح عالما آخر..

تشرين يا سيد الحب والخفايا، يا وجع العاشقين ، ويا مدرسة العشق ، وبندول ساعة اللقاء، يا غاسل الأرض والشجر ، ويا فرح العصافير ويا ضحكة ترسم معك على وجه كل الأشياء.
بالله عليك ... يا غاسل الشجر والحجر بماء المطر .

اغسل معك بالعشق قلوب هذا البشر.