وَقَضَىَ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً


يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له, فإن القضاء ههنا بمعنى الأمر, قال مجاهد {وقضى} يعني وصى, وكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود والضحاك بن مزاحم {ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} ولهذا قرن بعبادته برّ الوالدين, فقال: {وبالوالدين إحساناً} أي وأمر بالوالدين إحساناً, كقوله في الاَية الأخرى {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}. وقوله {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف} أي لا تسمعهما قولاً سيئاً حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء {ولا تنهرهما} أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح, كما قال عطاء بن رباح في قوله {ولا تنهرهما} أي لا تنفض يدك عليهما, ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح, أمره بالقول والفعل الحسن, فقال: {وقل لهما قولاً كريماً} أي ليناً طيباً حسناً بتأدب وتوقير وتعظيم, {واخفض لهما جناح الذي من الرحمة} أي تواضع لهما بفعلك {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} أي في كبرهما وعند وفاتهما, قال ابن عباس: ثم أنزل الله {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الاَية.

وقد جاء في بر الوالدين أحاديث كثيرة منها الحديث المروي من طرق عن أنس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد المنبر قال: «آمين آمين آمين» قيل يا رسول الله علام أمنت ؟ قال: «أتاني جبريل فقال: يا محمد رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك, قل: آمين, فقلت آمين, ثم قال رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج فلم يغفر له, قل: آمين, فقلت آمين, ثم قال: رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة, قل: آمين, فقلت آمين».

قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم, حدثنا علي بن زيد أخبرنا زرارة بن أوفى عن مالك بن الحارث, عن رجل منهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من ضم يتيماً من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يستغني عنه, وجبت له الجنة البتة, ومن أعتق امرأ مسلماً, كان فكاكه من النار يجزى بكل عضو منه عضواً منه» ثم قال: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة, سمعت علي بن زيد فذكر معناه, إلا أنه قال عن رجل من قومه يقال له مالك أو ابن مالك, وزاد «ومن أدرك والديه أو أحدهما, فدخل النار فأبعده الله».

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان عن حماد بن سلمة, حدثنا علي بن زيد عن زرارة بن أوفى عن مالك بن عمرو القشيري, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار, فإن كل عظم من عظامه محررة بعظم من عظامه, ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله عز وجل, ومن ضم يتيماً من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة».

قال الإمام أحمد حدثنا عفان, حدثنا أبو عوانة, حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «رغم أنف, ثم رغم أنف ثم رغم أنف رجل أدرك أحد أبويه أو كلاهما عند الكبر ولم يدخل الجنة» صحيح من هذا الوجه, ولم يخرجوه, سوى مسلم من حديث أبي عوانة وجرير وسليمان بن بلال عن سهيل به.

(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا ربعي بن إبراهيم, قال أحمد وهو أخو إسماعيل بن علية وكان يفضل على أخيه, عن عبد الرحمن بن إسحاق, عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي, ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان فانسلخ فلم يغفر له, ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر, فلم يدخلاه الجنة» قال ربعي: ولا أعلمه إلا قال «أو أحدهما». ورواه الترمذي عن أحمد بن إبراهيم الدورقي عن ربعي بن إبراهيم, ثم قال: غريب من هذا الوجه.

(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا يونس بن محمد, حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل, حدثنا أسيد بن علي عن أبيه علي بن عبيد, عن أبي أسيل وهو مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما أنا جالس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, إذ جاءه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال: «نعم خصال أربع: الصلاة عليهما, والاستغفار لهما, وإنفاذ عهدهما, وإكرام صديقهما, وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما, فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما» ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن سليمان وهو ابن الغسيل به.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات