حقوقُ الإنسانِ في ميازين اللجانِ


• حين ينحصر منهج الدولة في بوتقة السلوك الجائر كسلوك الغزاة فلا مجال بعد ذلك أبدا للحديث عن كذبة حقوق الإنسان, لأن ذلك جنون وعبث وذرٌّ للرماد في العيون.
• حين تكون الدولة غريبةً عن انتهاج سلوك التحضّر والحياة المدنية ودعوات احترام حقوق الإنسان - بمضمونها الفعلي - بوصفها دولة متنمرة غازية غاصبة لكل الحقوق ترى ماذا نقول في تقارير لجان حقوق الإنسان ونتائجها التي يتمشدقون بها صبح مساء؟
• كيف لنا أن نؤمن بسوية حقوق جرى قياسها بأدوات قياس لا علاقة لها بواقع ما يجري في الوطن, غريبة الوجه والهوى والهمّ؟
• هل علِمتْ لجان حقوق الإنسان بأن هناك معايير واقعية تصلح لمكان بعينه بينما لا تصلح لمكان آخر؟ أم أنها وضعتنا في هذا الجزء من العالم على مسطرة قياس واحدة ككل الشعوب والأوطان, تلك إن حصلت فهي أسّ البلاء والداء؟
• هل علمتْ لجان حقوق الإنسان بما يجري – مثلا لا حصرا - على يدي (مهندس الشعارات الوطنية وعرّاب المبادرات الكاذبة التي أشغلتنا واستنزفت جل وقتنا ومواردنا) وهو يفكر ليلا نهارا بعقلية شيلوخ (تاجر البندقية)؟هذا التاجر صاحب فكرة زرع الكاميرات كالألغام ومصائد المغفلين تحت إبط الأعمدة وخلف الآرمات وبين تلافيف الشجر والأنفاق والجسور.
• أين حقي كمواطن في أن أرى بعيني واعلم مسبقا بوجود الكاميرات في مكان محدد واضح وضوح الشمس كحق لي, وإن خالفت - بعد ذلك - وتحديت وجبت علي العقوبة وإلا فكل مخالفات السير (ما تقدم منها وما تأخر) باطلة وهي جريمة تسجل من جرائم الاعتداء تستوجب الاستئناف ورد الحقوق إلى أهلها؟
• أين حقي ورجال المرور يحررون المخالفات تلو المخالفات بجباية وأتاوة يضعونها بسعادة بالغة وحماسة غير مسبوقة فوق زجاج السيارات غيابيا بلا أي مهلة زمنية أو إخطار يعطيني الفرصة كانسان؟
• أين حقي في سماع صفارة الشرطي لتنبيهي مرتين وربما أكثر إذا ما وقفتُ بسيارتي في مكان ممنوع كما في العالم المتحضر ليكون بعد ذلك ما يكون من مخالفات وغرامات؟
• أين حقي في محاسبة من سرقني وضيع موارد وطني وأنا أراه يتبختر امامي ويعلو بريقه في كل زمان ومكان؟
• أين حقي في طريق (لم ينفذه راش من أصحاب الحظوة والشأن الذين تسيدوا بغناهم الفاحش من حصاد عطاءاتهم الحكومية أقدس المواقع السيادية وثغاؤهم اليوم يعكر الأجواء)؟ أقول أين حقي في طريق معبد خال من الردم والطمم والحجارة والمطبات والحفر والمناهل الفاغرة أفواهها وهي تصطاد مركبتي تحطمها وتقضي على أعمدتها الفقرية (الشاصيهات) كل يوم كي لا اترك عملي مصدر رزقي وأنا ابحث بمشقة عن ورشات للتصليح وقطع للغيار فيطير نصف الراتب والمدخول ليغنى صاحب العطاء المذكور وشريكه صاحب الذنب المغفور؟
• أين حقي في الاعتراض على حدود السرعات البالغة (50 كيلومتر| الساعة ) على طرق رئيسة حيوية السير فيها بهذا المعدل هو بحد ذاته خطأ فادح وخطورة بالغة ليظل صندوق الأمانة الذي لا نفع فيه للوطن عامرا بالأرصدة (من أموال الغزو) يغفّها الجمل بشدقه بين ليلة وأخرى بلا بنود أو توثيق؟
• أين حقي في دواء شاف أصيل غير بديل كما هي العادة كحل عبثي يأتي من باب سد الذرائع والشبهات وإغلاق القيود؟
• أين حقي كمواطن غلبان والادارة في مختلف المواقع صارت ريعية تدليسية تتحذلق وتتذاكى على جيبي بلا ضمير أو رادع أخلاقي من مسؤول لا يراعي حدود الله.
• أين حقي كمواطن في بيئة نظيفة تخلو من القوارض والبعوض والقارص والجرذان وأنا المدفون بين أكوام النفايات والحاويات بينما الغبار والأتربة والحفريات على جنبات الطرق تعيق وتضيق علي سبل عيشي؟
• أين حقي وأبنائي وأنا أعاني من بيئة تعجّ بالكلاب الضالة المسعورة والقطط المريضة التي تحمل الأوبئة وتتوالد كلها بالعشرات والمئات ودوائر الدولة المعنية انقرضت أما من بقي منها في النزاع الأخير لا ترى ولا تسمع؟
• أين حقي في غذاء نظيف طازج يقيتني غير منتهي الصلاحية خال من المسرطنات والأمراض والأوبئة؟
• أين حقي في شوارع نظيفة مسفلتة غير مغشوشة لا تتكشف مع أول سحابة هطل وأنا أعاني من فيضان وطفح مائي آسن للعوادم التي تترع بها مناهل الأمانة والبلديات على مدار الأسبوع بينما المسؤول الأنيق يصور بمنطقه الممجوج على التلفاز سبخة المياه العادمة فوق الشوارع وكأنها مرايا لامعة من الكريستال والبلور؟
• أين حقي وأنا أتحرّق شوقا إلى حمّام (غسول) يشفي الغليل قوي الضخ غير منقوص في مياه على مدار الساعة, وأنا أعاني من شح الماء الذي يأتيني خيطا رفيعا مرة في الأسبوع بينما النبلاء وعلية القوم ومن جاورهم من أبناء وبنات الليل يسبحون مع جرائهم وقططهم في شلالات وبرك عامرة بمياه الضخ الحكومي المتواصل بلا انقطاع وبلا أي ضابط وهم يقولون لك (جاور المسعد تسعد)؟
• أين حقي كمواطن وأنا ادفع فاتورة الوقود من دمي أضعافا مضاعفة تفوق معدلها العالمي الذي ينبغي أن يكون, في ظل غياب المساءلة والرادع لكبار المسؤولين وسيارتهم الحكومية ذات الدفع الرباعي والمحركات الكبيرة التي تطيح بكل المداخيل؟
• أين حقي في لقاء سهل ويسير بلا عوائق أو قيود مع مسؤول بهندام حكومي جميل أشكو له همي بينما الكل منهم يرى ويعلم ويشيح ببصره وعقله عن التدخل إلا حين يكون التدخل معدا وفق إخراج وتصوير فني يرسل رسائل باتت مكشوفة لكل المواطنين؟
• أين حقي في تعليم جامعي مجاني وأنا ابن وطن منكوب مكلوم مصدور مثلما يجري في كل الأوطان حتى الفقيرة جدا منها؟ أين حقي في دراسة تخصص يلبي طموحي ويوافق رغباتي وأهوائي وقدراتي؟
• أين حقي في إعلام حر (بضمير حي) يحاكي الحالة والرغبة ويسد لهفتي إلى خبر وتحليل صحيح غير موارب وغير مبرمج ولا معلب لا ترى فيه التسويف والهذر والثرثرة؟
• أين حقي كمواطن أردني أقول مرة أخرى أردني ولست بخائف في إظهار هويتي والتغني بتاريخ وطني ومن ثووا تحت ثراه منذ مئات السنين دون اغتيالي بتهمة التفرقة والعنصرية وضرب الوحدة الوطنية؟ أين حقي وأنا أخشى الإفصاح عن أردنيتي؟ أين حقي في الإجابة حين يسألني سائل من أين بلد أنت؟ أين حقي وأنا انقّل نظراتي من حولي كالمكسورة عينه أتردد كثيرا قبل قولي أنا أردني؟ ترى من صيرها جريمة من جرائم العصر التي لا تغتفر غير منهج الدولة الغازية؟ تبا لهذا الحال ومن ساهم فيه من الأنذال.
• أين حقي في تعمير بيت متواضع يؤويني وأبنائي دون أن يكلفني العمر كله في أنين وزحير يقطّع الأكباد ورثاثة حال يتوارثها الأبناء والأحفاد بعيدا عن التفافات الأمانة والأراضي والتراخيص والرسوم والكهرباء والمياه والغرامات التي لا أساس لها إلا في عقلية من وضعها وخطط لها ليظل الفساد طابع الدولة الموصوم على جبينها المكفهر من سجود على قطعة النقد بات يخزيها تتستر عليه لكننا ببصريتنا نعلمه إن لم نلحظه من مظاهر خزيهم البادية على وجوههم؟
• أين حقي في انجاز معاملاتي اليومية دون هدر يوم كامل وأنا ابحث في شوارع وأزقة مغاريب عمان عن دوائر حكومية تنتشر متباعدة عن بعضها كأنها في حالة اختفاء وتورية عن أنظار المتعقبين بين جبال عمان وأقسامها تدار وفق بيروقراطية مقيتة ران عليها الدهر, بينما الحكومة الالكترونية لا زالت كطائر الفينيق أكذوبة جميلة لكنها باتت تتصدع منها الرؤوس؟
• أين حقي في مساحة متواضعة ورثتها كابرا عن كابر من ارض وطني وقد باتت مزدحمة تخنقني, مترها مقسوم اليوم على ألف ؟ لتر الماء مقسوم على ألف, لتر الهواء مقسوم على ألف, لتر البنزين على ألف, رغيف الخبز مقسوم على ألف, وكل ذلك من موجات الطيور المهاجرة غير العائدة المتوالية المتزايدة دون التفاتة أو تدخل من مسؤول شجاع لا يخشى إلا الله في هذا الوطن؟
• أين حقي في مناقشة قرارات (خيالية|عنقائية|فجائية|مزاجية) محكومة بأهواء مسؤول (أهبل| اخوث| أسدل| اخرق) تعلم تعليما قرويا بائسا, تربى في زوايا بيت مهمش يفرض علي (لهجته ولكنته وهمشريته وثقافته الضحلة), يحاول قسرا تحميلي وزر مفاهيمه الشخصية وقيمه العائلية الضيقة دون احترام للمؤسسية التي تضفي على الجميع الارتياح والقبول؟
• أين حقي في الاعتراض على مدرّس جامعي (غرّ ارعن) وآخر( مسن خرف به لوثة, مصاب بعقدة النقص من ضياع فرصة التنصيب والتوزير) يتصرف وفق ما يحلو له مع الطلبة كأنه في مقهى للحشاشين دون أن يطيح بي ويقضي على مستقبلي الجامعي بلا أي رقيب او حسيب يحاسبه من رؤساء الجامعات الذين هم على شاكلته؟
• أين حقي في دخول موقع سياحي أردني ورثته عن الأجداد دون ردعي وزجري وجباية مبلغ يعجز كاهلي حتى يخولني المستر مايكل والمسيو بورتو لدخوله أنا وأبنائي؟ أين حقي وأنا المنذور خلسة دون أن اعلم في كواليس الدولة العلية كرأس حربة ووقود حرب للمعركة القادمة لأقضي شهيدا وقتيلا منافحا عن هذا الموقع المقفل في وجهي للذود عنه حين يحوفه الحوافون بينما الدولة وشراذمها من السائحين يجعلون مني (في ساعة الراحة) متسولا يرجو السماحة والجود ممن قدموا من وراء البحار؟ كل ذلك بحجة كذبة الخصخصة والاستثمار التي كبرت ولا زالت تكبر بلا حياء أو خجل إلى أن نلتقي يوما على فضيحة آتية لا محالة, حينها سترى الدولة كيف يكون حق ابن الوطن مصانا؟
• أين حقي في وظيفة تناسب ميولي وتعليمي دون إجباري على امتهان مهنة لم أفكر فيها في حياتي قط؟ بينما أولاد الذوات والحسناوات يتخيرون الفرص يتقافزون بين المناصب على هواهم وصولا إلى أعلى المواقع في هرم الدولة دون أي رادع من مسؤول مؤتمن على حقوق البلاد والعباد؟
• أين حقي في عدالة اجتماعية (واقعية لا نظرية) حين يطبق القانون على ابن الساذج الفقير المنقطع من رحمة الواسطة القانع مذ خلق بكذبة الوطنية المخدوع منذ الجد السابع بمقولة (القناعة كنز لا يفنى), بينما ابن الشاطر حسن خارج النص وخارج الدساتير وفوق كل المقولات والقوانين؟
• أين حقي في مجلس نيابي يعوزه النفس الوطني غير متهتك الأوصال يخرج من رحم الشعب وفق برنامج واقعي بعيدا عن المال السياسي وشراء الذمم والضمائر دون استغلال فقر الناس وحاجتهم إلى كل شيء حتى الكرامة, لنرتاح من مجالس متعاقبة خطط لها أن تكون إكسسوارا لا أكثر تلعب على حبل التناقضات وعلى مرأى من الدولة تمارس طقوس الهزبرة والزعبرة في مصائر الوطن وتضيّع حقوق الشعب في الهراء والتخبيص بلا مساءلة أو تمحيص؟
• أين حقي في مجلس أعيان يخلو من أكفان وتوابيت مركونة كالخُشب المسندة على جنبات المجلس لأي طارئ من سكتة فجائية تصيب حشود الكهول المكتهلة)؟ أين حقي في مجلس يجري تعيين أعضائه وفق القدرة والعدالة والإنصاف والتعليم, يمرع فيه رجال متحمسون ينهضون بالأعباء ويصدون الأنواء وعزيمة الشباب تمور في صدورهم, يقيلون الوطن من عثراته دون مجاملة ودون تزييف في استرضاء من اختاروهم؟ أين حقي في وطن ارغب أن يتطور ويرتقي ليلامس الثريا بينما الكل من أعوان الدولة يمتدحون ويثنون ويطبطبون ويربتون على كتف الخطأ, يغازلون الخطيئة رغم دمامتها خوفا وطمعا ورياء لضمان استمرار العضوية المؤبدة حتى الممات؟
• اين حقي والمناصب الرفيعة أدهر فيها العفن جراء جلوس كائنات فضائية التصقت على المقاعد دون محاولة الدولة لخلق الفرص وإتاحة المجال للطموحين الجادين في تولي هذه المواقع حتى بات طموح الغالبية المهمشة في الارتقاء ضربا من ضروب المستحيل؟
أيها الحاكمون العابثون بمصير الوطن:
• الأمانة تجبي, الأراضي تجبي, المياه تجبي والكهرباء تجبي والجمارك تغتصب وأسواق الخضار تسطر الأسعار بمزاجية...... والقائمة تطول وتطول, دون أدنى مظهر يدل على وجود للدولة.
• الدولة في طورها الأخير وها هي قد انتقلت إلى متحف التاريخ, الدولة جرى ترحيلها فعلا إلى ثلاجة الموتى, وكذب من قال إنها في غرفة الإنعاش, هي اليوم بكامل مفاصلها جثة هامدة تجثم على صدور أهل الحقوق تنتظر وسيطول انتظارها إلى من يتعرف على هويتها ليدفنها دفنا يليق بالميت مهما كان واقع حياته (وقورا مؤمنا أم زنديقا سافلا), لكن هيهات أن تجد لها دافنا.
• الدولة منذ عهود وعقود كانت تدنو باحترام من مواطنيها تتستر بالحياء وان كانت ريعية تجبي وتتعامل بعقلية القط والفار, أما اليوم فقد باتت في تنمرها زيادة على اعتدائها أوضح من ذي قبل وكأنها تقول بينها وبين ذاتها: ممن نستحي؟ وممن نخاف؟
• أخيرا, أين حقي في أن اسأل عن حقي دون تجريم أو تعزير؟ يا لجان حقوق الإنسان.



تعليقات القراء

صالح دخيل الله الجازي
صدقت هي مجرد شعارات يعني حبر على ورق واكبر دليل غرف الطفل ايلان اين حقوق الانسان ؟
05-09-2015 11:15 PM
انور قطيفان
لقد عبرت عن حاجة كل انسان اردني بان يكون انسان يحترم في وطنه لك الشكر اخ طه
06-09-2015 12:27 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات