جراسا -

لعب شيوخ العشائر الأردنية ادوارا عظيمة في دعم الكفاح ضد الإستعمار البريطاني ودعم ثورات المجاهدين في فلسطين وسوريا والعراق والبلدان العربية ، ووضع لبنات الكيان السياسي الشرق أردني ، وقد انتصر شيوخ العشائر لمبادئ الثورة العربية الكبرى وتأييد شخصية الشريف حسين بن علي وابناءه المناضلين علي وفيصل وعبدالله وزيد (رحمهم الله)، ومن هؤلاء الشيوخ حمد الحنيطي ، صايل الشهوان العجارمة،ماجد سلطان العدوان، مثقال فندي الفايز ، علي خلقي الشرايري، كليب الشريدة ، عودة ابو تايه ، امكازي اخوارشيدة ، فواز البركات الزعبي ، ناجي باشا العزام، نواش العيد ابو دلبوح ، محمدعلي المغربي، عبدالعزيز الكايد العتوم ، محمد العيطان ، مرزوق القلاب ، ارفيفان المجالي ، قدر المجالي ، سليمان سودي الروسان ، الشيخ علي حرب ، خلف التل ، محمد علي العجلوني ، محمد صبحي ابو غنيمة ، مصطفى وهبي التل ، سعيد خير ، منصور القاضي ،حديثة الخريشة سليمان بن طريف ، حمد بن حاتم ، راشد باشا الخزاعي ، عبدالحليم الشياب ،منور الحديد وغيرهم، وقد اتخذ شيوخ العشائر مواقف سلبية ضد الاستعمار الفرنسي والبريطاني والايطالي في البلاد العربية .

وقدمت العشيرة الأردنية الكثير من الشهداء في الحروب العربية ضد الإستعمار والصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر والأخص بعد عقد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 مرورا بثورة الشوبك عام 1905 الى الإنقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني من قبل الحركة الطورانية التي كان يمثلها جمعية الاتحاد والترقي اليهودية عام 1908-1909 مرورا بثورة الكرك بقيادة الشيخ قدر المجالي عام 1910 ثم الثورة العربية الكبرى عام 1916 ولازالت حتى هذه اللحظه . ومن الرواد المناضلين الذين الذين كان لهم دور كبير في الحياة السياسية الأردنية في بداية إنشاء الإمارة عام 1921 الشيخ نواش العيد ابو دلبوح الذي كان رئيس لحكومة جرش مع الكايد من العتوم .

وعندما توفي الشيخ نواش جاء من بعده ابنه طيب الذكر الشيخ عقله الذي صادفت قبل ايام قلائل الذكرى السنوية الأولى لوفاته ؛ إذ أنه توفي في شهر اب /اغسطس 2014 بعد حياة حافلة بالعطاء وخدمة الوطن .

لقد كان الشيخ عقله النواش ابو دلبوح يسعى طوال حياته الى تعميق الفهم الصحيح لمعنى التغيير والإصلاح الجذري لبنية العشيرة وتركيبها الميتافيزيقي في المجتمع للوصول الى حالة تطور فكرة الإصلاح بالمعنى البطريركي أي أن يقوم شيخ العشيرة بالدور الأبوي لأفراد العشيرة والمجتمع لابل عمل الشيخ عقله بدماثة اخلاقه وابتسامته التي لاتكاد تفارق محياه على اعتبار العشيرة بتطورها الحالي احدى مؤسسات المجتمع المدني ذلك لأنها تملك منظومة قيمية متطورة تماشت مع مفردات التطور التقني ، وقد عمل الشيخ عقله رحمه الله ايضا على محاربة التغيير العشوائي غير المخطط له والتيارات الدخيلة التي حاولت تهميش النص العشائري والبنية العشائرية التي ورثت عن الأباء والأجداد وتنمية الدور الإيجابي لأفراد العشيرة من خلال إخضاع القيم البديلة للتجربة العقلانية والنقد البناء ، والشيخ عقله رحمه الله كان يؤمن بأن عملية التغيير والإصلاح هي عملية أساسية وليس ترفا اجتماعيا أو فكريا ، وقد تستغرق ردحا من الزمن ، لأنها تتطلب قدرا من المخاطرة ، ذلك لأن بعض الناس يظنون أن بقاءهم على حالهم يوفر لهم قدرا كبيرا من الأمن ، وبالتالي فإن عملية الإصلاح بالنسبة لهم عملية غير منتجة ، لكن الشيخ عقلة لما كان يتمتع به من ثقافة عشائرية واسعة وقف بكل ماأوتي من قوة ضد هذه الفكرة التي قد تؤدي الى تثبيط الهمم والإندفاع والحماس ، فكان رحمه الله من أشد المنافحين عن الفكرة العشائرية إلى جانب تطور المفهوم والمصطلح العشائري اجتماعيا وتقنيا ودينيا وثقافيا ووطنيا .

رحم الله الشيخ عقله نواش العيد ابو دلبوح لما قدم للوطن من جيل قادر على حمل رسالة الأباء والأجداد ومواصلة الفكرة العشائرية المتطورة.

* بقلم : الدكتور ياسر طالب الخزاعلة