اجتماعات الدوحة: رسائل متناقضة حول الملف السوري


جراسا -

أطلقت الأطراف الفاعلة في الملف السوري المتفجر، تصريحات متناقضة حيال الملف الذي كان على رأس جدول اعمال اجتماعات الدوحة التي جمعت امس وزراء الخارجية الخليجيين ونظيريهما الأميركي والروسي، وسط تأكيدات مصادر متطابقة، أن شخصية أمنية سعودية مقربة من الفريق خالد الحميدان رئيس المخابرات، أوعزت إلى زهران علوش زعيم تنظيم جيش الإسلام أكبر التنظيمات المتشددة بريف دمشق بالتهدئة مع الجيش السوري.

المصادر المتطابقة التي أوردت أقوالها مواقع اخبارية مقربة من عواصم النفوذ الاقليمي، أكدت من مدينة دوما قرب العاصمة دمشق، أن "شخصية استخباراتية سعودية طلبت من علوش تخفيض منسوب الاشتباك المسلح مع وحدات الجيش في الغوطة الشرقية بجميع قراها وبلداتها ضمن ما سمته تلك الشخصية بـ(السعي نحو المهادنة) في الظروف الراهنة".

كما نقلت المواقع عن المصادر ذاتها، تأكيدها أن "السعودية قد تتجه إلى حل تنظيم جيش الإسلام، لتلغي دوره في محاربة الجيش العربي السوري وذلك بعد أن يؤدي مقاتلو التنظيم دوراً رئيسياً في محاربة تنظيم داعش"، وقالت إنه على "خلفية الإيعاز السعودي قال زهران علوش خلال اجتماع ضم كبار قادة تشكيلات جيش الإسلام وتشكيلات أخرى متحالفة معه إنه من الأفضل التوجه نحو حل سياسي مع الدولة السورية وقتال تنظيم داعش".

ونقلت المواقع عن أحد قياديي جيش الإسلام الذين حضروا الاجتماع الذي دعا إليه علوش، ويُدعى "أبو عدي" تأكيده أن المرحلة المقبلة ستشهد جهوداً ستبذلها شخصيات من دوما للتوصل إلى هدنة أو تسوية مع الحكومة السورية.

وبالتزامن، قررت الولايات المتحدة شن غارات جوية للدفاع عن مقاتلي المعارضة السورية الذين دربهم جيشها في مواجهة أي جهة كانت بما في ذلك القوات المسلحة السورية.

ويهدف القرار الذي اتخذه الرئيس باراك أوباما إلى حماية مجموعة المقاتلين السوريين الذين سلحتهم ودربتهم الولايات المتحدة لمحاربة "داعش"، ويجيز هذا القرار قصف أي قوات تعترض هؤلاء بما في ذلك القوات الحكومية السورية.

من جهته، أكد اليستير باسكي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أنه لم يجر تقديم دعم واسع النطاق إلا للقوات التي دربتها الولايات المتحدة بما في ذلك "الدعم بنيران دفاعية لحمايتهم".

وفي السياق ذاته، أوضحت الكوماندر إليسا سميث المتحدثة باسم البنتاغون أن البرنامج العسكري الأميركي يركز "أولا وقبل كل شيء" على محاربة مقاتلي تنظيم "داعش".
وقالت سميث "رغم ذلك نعرف أن كثيرا من هذه الجماعات تقاتل الآن على جبهات عدة بما في ذلك ضد الجيش السوري وتنظيم داعش وإرهابيين آخرين".

وبدأ الجيش الأميركي برنامجا في أيار (مايو) الماضي لتدريب نحو 5400 مقاتل سوري سنويا، فيما يعد اختبارا لاستراتيجية أوباما بجعل ا تصفهم واشنطن ب"شركاء محليين يحاربون المتطرفين".

وتنضوي القوات التي دربتها الولايات المتحدة تحت لواء "الفرقة 30"، وأعلنت "جبهة النصرة" الأسبوع الماضي أنها خطفت قائد "الفرقة 30" لكن مسؤولين أميركيين قالوا إنه لم يتلق تدريبا أميركيا.

وكان 54 من أفراد هذه الفرقة اجتازوا الحدود إلى سوريا منذ أسبوعين بعد تدريبات عسكرية في إطار البرنامج الأميركي لما تصفها واشنطن ب"المعارضة المعتدلة".
أمّا روسيا، فقد استبقت وصول وزير خارجيتها سيرغي لافروف إلى الدوحة بتصريح قال فيه المتحدث باسم الكرملين، ان "تنفيذ خطط واشنطن بضرب القوات الحكومية سيؤدي إلى تعزيز مواقع "داعش" في سوريا".

وقال دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي للصحفيين امس، إن هناك خلافات جذرية جليّة بين موسكو وواشنطن بشأن هذا الموضوع.

وتابع أن الكرملين أكد أكثر من مرة أن المساعدات التي تقدمها واشنطن للمعارضة في سوريا، وبالدرجة الأولى المساعدات المالية والوسائل التقنية، تؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد وإلى نشوب وضع يمكن أن يستغله إرهابيو داعش، فيما تفقد القيادة السورية قدرتها على التصدي لتوسع التنظيم الإرهابي.
وفي وقت لاحق، عبّر الوزير سيرغي لافروف، عن امله في ان تساعد واشنطن والرياض في حل الازمة السورية.
ميدانيا، تمكن الجيش السوري من استعادة مناطق في ريف ادلب تربط اللاذقية بحلب شمالاً بعد معارك مع مقاتلي المجموعات المسلحة اسفرت عن مقتل 115 من الطرفين، في وقت سيطر تنظيم "داعش" على اعلى نقطة في ريف الحسكة بعدما طرده الجيش السوري والمقاتلون الأكراد من المدينة .
وكانت صحيفة "صندي تايمز" البريطانية اكدت على لسان مندوبتها هالة جابر المسؤولة عن ملف "الشرق الاوسط" فيها، في تقرير من دمشق، نبا زيارة اللواء علي المملوك رئيس مكتب الامن القومي السوري إلى الرياض على متن طائرة عسكرية روسية، ولقائه مع الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.

وتوقع مراقبون أن تؤسس اجتماعات الدوحة لتفاهم أوسع حول الملف السوري، لافتين إلى ان هذا التفاهم بدأت أولى خطواته غداة زيارة الامير محمد بن سلمان إلى موسكو ولقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 29 حزيران (يونيو) الماضي.

واعتبر المراقبون ان هذه التفاهمات ستشكل الارضية الصلبة لصياغة جديدة لخريطة التحالفات في المنطقة، مشيرين إلى ان عنوانها الرئيسي هو بقاء الدولة السورية، والنظام الحاكم على رأسها، وربما بقاء الرئيس بشار الاسد ايضا لفترة تطول او تقصر، حسب توافقات موسكو وواشنطن والرياض.

ولفت المراقبون إلى أن مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتشكيل تحالف رباعي تركي سعودي سوري اردني يتولى محاربة الارهاب في المنطقة وداعش خصوصا، جاءت بعد مباركة سعودية، وموافقة سورية، وعدم ممانعة تركية، وترحيب اردني. وقالوا ان "الغزل السعودي الروسي بدا يعطي ثماره بامتناع روسيا عن استخدام “الفيتو” ضد قرار مجلس الامن رقم 2216 الذي وفر الغطاء الاممي للتدخل العسكري السعودي في اليمن، وفرض حظرا على توريد الاسلحة للحوثيين وفرض عقوبات على قادتهم.

أمّا تركيا، الطرف الحاضر الغائب عن اجتماعات الدوحة فقد صرّح رئيسها رجب طيب أردوغان، أمس بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتجه إلى "التخلي" عن نظيره السوري بشار الأسد. وصرّح أردوغان في الطائرة عائداً من جولة نقلته إلى الصين وإندونيسيا، بأن بوتين "لم يعد يشاطر الرأي القائل بأن بلاده ستقف إلى جانب سوريا حتى النهاية. أعتقد أنه يتجه إلى التخلي عن الأسد".
وفي ِشأن الملف النووي الايراني، أكد الوزير جون كيري، "التزام واشنطن بأمن دول المنطقة، مؤكدا أن "الاتفاق النووي مع إيران يعززه".
تصريحات كيري جاءت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية في الدوحة في اعقاب مباحثات عقدها كيري مع نظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأشار كيري إلى أنه ناقش مع وزاء الخارجية الخليجيين الخطوات التي يجب اتخاذها لمحاربة الإرهاب سيما التصدي لتنظيم "داعش" والمنظمات المتطرفة الأخرى. وحول الأزمة السورية، أكد كيري أن الحل يجب أن يكون سياسيا وليس عسكريا.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية القطري إن دول المجلس الخليجي تتمنى أن يشمل منع السلاح النووي كل المنطقة وليس إيران فقط، مشيرا بذلك إلى الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرا بين طهران ودول مجموعة "5+1".

وقال العطية إن المجلس يريد أن يجنب المنطقة من أي أخطار أو تهديدات للأسلحة النووية.

وأكد العطية أن تواجد الأصدقاء الروس يعد فرصة للتباحث حول الملف السوري والخروج بشان الحل السياسي هناك.

وكان كيري اجتمع مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في الدوحة، وذلك ضمن جولة إقليمية ثانية يقوم بها لطمأنة حلفاء بلاده بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
وكانت الخارجية الأمريكية أشارت إلى أن وزير الخارجية سيعقد اجتماعا ثلاثيا في الدوحة مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير لبحث النزاعين، السوري واليمني.

وقال كيري، عقب الاجتماع مع نظرائه الخليجيين، إن "الولايات المتحدة وحلفاءها العرب في الخليج يستعدون للتصدي للأعمال التي تزعزع الإستقرار في الخليج". وأضاف: "ان الوزراء بحثوا أيضاً الدفاع الصاروخي ونقل السلاح، وان المزيد من التعاون الأميركي مع دول الخليج الذي يشمل تبادل معلومات الاستخبارات وتدريب القوات الخاصة".

بدوره، اعتبر وزير خارجية قطر خالد العطية أن الإتفاق مع إيران "كان افضل خيار بين خيارات أخرى للتوصل إلى حل لقضية البرنامج النووي الإيراني عبر الحوار".-(وكالات)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات