نساء يخترقن حاجز الذكورة في صيانة شبكة المياه المنزلية


جراسا -

لم تتوقع العشرينية ناديا حبش أن تحرز نجاحا منقطع النظير بظفرها بالمرتبة الأولى في مبادرة تخفيض قيمة المياه المترتبة على استهلاكاتها المنزلية، بمجرد تغيير ممارسات استخداماتها واستطاعتها تركيب قطع توفير المياه وذلك بما يقرب من نسبة 52 %.

وعلى الرغم من أن موضوع "السباكة المنزلية" يقتصر "عرفا" على مجتمع الرجال خاصة في عالمنا العربي، إلا أن سيدات أردنيات استطعن خوض "تحدي" هذه التجربة، وتمكنّ من اختراق هذه الخصوصية "الذكورية" بنجاح مشهود له.

وفي هذا الصدد، تقول حبش (25 عاما)، وتعمل ربة منزل، إنها تمكنت من تركيب قطع غيار المياه بالإضافة لتغيير الممارسات الاستهلاكية المتعلقة بالمياه، حيث استطاعت توفير ما نسبته 52 % من قيمة فاتورة المياه مقارنة بقيم الدورات السابقة (الدورة كل ثلاثة أشهر)، اعتبارا من الفترة الممتدة ما بين شهر تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2014 وحتى نيسان (أبريل) الماضي.

وأشارت حبش إلى أن "والدها" كان له الفضل في هذا الإنجاز، من خلال تمكينها ومساعدتها وتشجيعها على المشاركة ضمن مبادرة تهدف بشكل أساسي لتأهيل السيدات في ترشيد استهلاك المياه.

أما الدهشة التي انتابت زوج الفائزة بالمرتبة الثانية في المبادرة نفسها، الخمسينية نايفة الشورة، حين أبدت رغبتها بتطوير مهاراتها في تركيب مواسير وقطع توفير المياه بشكل "فني" متخصص، فلم تحل دون تحقيق طموحها بكسر هذا الحاجز الذي طالما اعتبرته "حكرا" على جنس الرجال، و"عيبا" قد تتداوله ألسنة السيدات.

وأعربت الشورة، الناشطة في جمعيات ولجان نسوية تطوعية مختلفة في محافظة مادبا، عن رغبتها الملحة في المشاركة ضمن ما اعتبرته "تحديا" بالنسبة لعمل المرأة ضمن أعمال قد تقتصر على الرجال فقط، مضيفة أنها حققت طموحها في إمكانية صيانة شبكة المياه المنزلية الداخلية وبالتالي ترشيد استهلاكها، وإحرازها النجاح بتخفيض قيمة فاتورة منزلها المائية إلى نحو 50 %. تقول الشورة: "عملت مع الوكالة الألمانية للتنمية الفنية (GIZ) بشكل تطوعي على مدار 8 أعوام، حيث أحببت فكرة العمل على ترشيد استهلاك المياه، في الوقت الذي كانوا يقومون باستمرار بعقد محاضرات عبر مركز الأميرة بسمة".

وانتابتها حالة من "الغضب" حيال بعض سلوكيات مجتمعها المحيط المتعلقة باستخدامات المياه والهدر المائي، وهو ما دفعها للإصرار على المشاركة في هذه المبادرة.

أما الفائزة بالمرتبة الثالثة والمشاركة في مسابقة "رائدات التغيير"، الثلاثينية حنان دراغمة، فأكدت ضرورة رفع اهتمام الحكومة بهذا النوع من المبادرات على مستويات أعلى، مثل عقد دورات تدريبية لأغراض تأهيل مجتمع نسائي أوسع على الأعمال الفنية المتخصصة بتركيب قطع توفير المياه والحد من ممارسات الهدر المائي.

ولفتت دراغمة، وهي ناشطة اجتماعية، إلى أن تغيير سلوكياتها المتعلقة باستعمالات المياه المختلفة صارت "نمط حياة مستمرا"، عازية سبب مشاركتها بالمسابقة، إلى اهتمامها بحضور فعاليات إطلاق هذه المبادرة، وبالتالي نجحت بتوفير ما قيمته النصف تقريبا من قيمة الفاتورة.

وتهدف المسابقة، التي شاركت فيها حوالي 19 امرأة، إلى إيجاد قاعدة من السيدات الراشدات في استخدام المياه ليكونوا حلقة وصل مع باقي سيدات المجتمع وأفراده لنشر المعلومة وطرق وأساليب الترشيد.
وتنفذ وزارة المياه والري هذا النوع من المبادرات، باعتبارها أحد الأساليب التي يتبعها القطاع في نشر الوعي المائي، وذلك بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) من خلال مشروع استراتيجية الاتصال لقطاع المياه.
من جهته، قال أمين عام وزارة المياه والري المهندس باسم طلفاح، في تصريحات لـ"الغد"، إن الواقع المائي في المملكة يتطلب أهمية الترشيد في استهلاك المياه، مشيرا إلى ضرورة تربية الأردنيين على ثقافة الرشد في استخدام المياه، سيما وأن الكلفة الحقيقية لإيصال المياه لمنازل المواطنين تعد مرتفعة، حيث تبلغ كلفة المتر المكعب الواحد واصلا المنزل 1.87 قرش.
ونوه طلفاح إلى أن ترشيد استهلاك المياه يمتد إلى تقليل تكلفة المياه المعالجة، مؤكدا أهمية التأقلم مع الإمكانات المائية المتاحة.
وزاد أن التأقلم مطلوب من الأشخاص ومؤسسات المجتمع المحلي، فالمياه ليست مسؤولية وزارة المياه فقط بل هي مسؤولية وطن بكافة قطاعاته ومؤسساته.
وأشار مندوب الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) بيون زمبرتش إلى أهمية قطاع المرأة في المجتمع الأردني، مؤكداً على عمق التعاون بين قطاع المياه والوكالة.
وركزت المبادرة على كيفية أن يكون الشخص رائدا في المحافظة على المياه والتأثير بالمحيط المجاور، حيث تراوحت أعمار المشاركات ما بين 20 و50 عاما.
واستهدفت المبادرة ذاتها مختلف القطاعات النسائية من ربات بيوت، وموظفات من جهات حكومية وغير حكومية، ومتقاعدات ومتطوعات.
وركزت دورات التأهيل النسوية على الوازع الديني في استخدامات المياه، وتوعية الأطفال، وإعادة استخدام المياه (المياه الرمادية)، وزراعة نباتات الندرة المائية، واستخدام المياه الراجعة من الفلتر لتنظيف الساحات الخارجية، إضافة إلى استخدام مياه الجلي لسقاية الحديقة، ولفت نظر السيدات عبر التوعية بكل الوسائل وتركيب قطع توفير المياه وتدريبهن على صيانة شبكة المياه الداخلية.

وركزت المبادرة على خلق روح التنافس والتشجيع والتغطية الإعلامية لتكون حافزا لأخريات، واتساع قاعدة المشاركة وتقليل استهلاك المياه بالفاتورة.

وبدأت الفكرة انطلاقا من الإعلان عن تنظيم مسابقة بين جمعيات ومبادرات ومنظمات نسائية غير حكومية، واستقبال الترشيحات الواردة للمشاركة في المسابقة، وعقد اجتماع للمشاركات وتنظيم ورش عمل لهن حول صيانة شبكة المنزل الداخلية وتركيب قطع التوفير ورصد فواتيرهن، ثم اختيار الفائزات ممن حققن أكبر انخفاض على قيمة الفاتورة، والمتابعة معهن بشأن تجربتهن في منطقتهن.
وما يزيد من أعباء الأردن المائية، الذي يصنف كثالث أفقر دولة على مستوى العالم مائيا، وفق دراسة أعدتها وزارة المياه والري/ سلطة المياه، "عدم قيام 50.07 % من المواطنين بأية أعمال صيانة لخزانات منازلهم، ما يتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه".

وبينت الدراسة، التي شملت جميع مناطق ومحافظات المملكة، أن نسبة كبيرة من المواطنين "يقومون عمدا بتعطيل عوامات الخزانات في المنازل، مما يتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه ومضاعفة قيمة فاتورة المياه"، حيث أظهرت الدراسة ان "59.2 % من الذين يعترضون على ارتفاع فواتير المياه تكون عوامات المياه في منازلهم معطلة".

وحذرت من أن المباني التي لا تخضع لصيانة خزاناتها وشبكاتها من المياه تكون عرضة لمشاكل حقيقية تتوزع ما بين تصدع أو تلف في الجدران الداخلية اضافة لترسبات ملحية في اساسات المبنى، وانتفاخ التربة تحت الأساسات خاصة في المناطق ذات التربة الحورية أو الحمراء في المناطق الريفية والجبلية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات