نقابة المعلمين بين قرار الوزير وحق تقرير المصير


جراسا -

في شهر كانون الثاني الماضي فاجأ الوزير مجلس نقابة المعلمين والمعلمين بقراره وقف اقتطاع الاشتراك الشهري على المعلمين لنقابتهم .. على اثر هذا القرار تدافعت ردات الفعل حين بادر معلمون الى زيارة النقابة لدفع الاشتراك بينما خرجت تصريحات اعضاء المجلس متضاربة فمنهم من دعا الى الدفع في المقرات ومنهم من قال سنخاطب البنوك للاقتطاع ومنهم من هاجم الوزير على قراره وذهب لتفنيد تجاوزه على القانون والزامية العضوية ومنهم من طالب بلقاء وتدخل رئيس الوزراء .

وبصفتي النقابية حينها وكعضو هيئة مركزية دعوت زملائي في المجلس الى المباشرة بمعالجة الأمر تشريعيا بدلا من الفزعات وردود الفعل من خلال ادخال تعديلات قانونية وتشريعية تنظم المسألة وتستبق الخطوة القادمة والأخطر لدى الوزارة والمتعلقة باعادة تعريف المعلم وباخراج الاداريين والقطاع الخاص خارج التعريف وخارج النقابة ضمنا .

وللتذكير فقد حاولت وبالمشاركة مع الزميل باسل الحروب​ تنبيه زملائي في المجلس الاول لخطورة ما تفكر به وتذهب باتجاهه عقلية ونوايا وزير التربية والتعليم بهذا الخصوص ولكن دون جدوى .

مجلس نقابة المعلمين التقى بعد قرار وقف الاقتطاع برئيس الوزراء ووزير التربية " في الواقعة الشهيرة " حيث تم الاتفاق حينها على ان يستمر وزير التربية باقتطاع الاشتراك على المعلمين وباستثناء الاداريين من الاقتطاع ولمدة ثلاثة اشهر وتعتبر مهلة الى ان يقوم المجلس وبالتوافق مع الوزارة بايجاد حلول لتحصيل الاشتراكات قبل انتهاء هذه المهلة وقبل المجلس بذلك حتى ان البعض اعتبر ذلك انتصارا حقيقيا للمجلس ولم ير الأمر على انه تفريط فعلي بحقوق أكثر من نصف الهيئة العامة والذين جلهم من الاداريين والعاملين في القطاع الخاص والذين تركوا في مهب الريح منذ تاريخه.

مع العلم بان موضوع التفريط في وصاية النقابة على العاملين في التعليم الخاص قد سبقت ذلك باشهر حين صمتت النقابة على قرار الوزير بالغاء ختم جداول التعيينات والتشكيلات للمدارس الخاصة من نقابة المعلمين في بداية العام الدراسي .

وقبل أكثر من شهر سررنا لخبر بثه الناطق الاعلامي حول اقرار تعليمات استيفاء الرسوم والاشتراكات لنقابة المعلمين ونشرها في الجريدة الرسمية وقد عبرت حينها عن موقفي بانه شعور بالفرح لاقرار التعليمات ولكنه مشوب بالخوف والحذر ... نعم الخوف والحذر والذي تبين لاحقا بانني كنت محقا بشأنهما فبعد أقل من يومين علمت بان اقرار التعليمات لم يستند الى المسار الصحيح في اقرارها تشريعيا حيث لم تطلع عليها وزارة التربية او المؤسسات الاخرى كالتقاعد والضمان الاجتماعي مما يعني سهولة تنصلهم منها ولعلمي بان التعليمات في مرتبتها التشريعية هي شأن يعني المؤسسة التي تصدرها ولا تلزم غيرها من المؤسسات الا اذا كانت تعليمات متوافق عليها من جميع الاطراف المعنية بتنفيذها وهذه من البديهيات القانونية .

فهل غابت عن مجلس نقابة المعلمين وعن مستشارها القانوني وعن موظفها القانوني ورئيس اللجنة القانونية فيها كل هذه البديهيات القانونية ... ام ان الامر كان غاية في البساطة حسب اعتقادهم بان يتم تمريرها عبر موظف في ديوان التشريع او قريب او جار لاحد اعضاء المجلس على طريقة " دبرها بمعرفتك " .

التعليمات التي سوقها المجلس كانجاز عظيم الغاها مجلس الوزراء لعدم مرورها عبر القنوات التشريعية السليمة فيما تناهى الى مسامعنا احالة الموظف الذي عمل على تمريرها " تدبيرها بمعرفته " الى التحقيق من قبل وزير التربية والتعليم .

وفي اجرائين متوقعين لوزير التربية قام الوزير قبل ايام في اجرائه الأول بالغاء تصديق النقابة على اجازات المعلمين المعارين والمجازين بدون راتب من قبل النقابة ليلحقوا بذلك بركب معلمي القطاع الخاص الذين ضاعت عضويتهم واخرجوا من تحت مظلة النقابة بمباركة وصمت المجلس .
وفي اجرائه الثاني اعلن وقف اقتطاع الاشتراك الشهري كليا لصالح النقابة اعتبارا من نهاية شهر آب باستثناء من يتقدم بتفويض خطي للوزارة .

مهلة المجلس في الاقتطاع والتي قدمتها رئاسة الوزراء سابقا كانت ثلاثة شهور ومددت الى سبعة شهور في انتظار ان يقدم المجلس حلول توافقية مع الوزارة لموضوع الاقتطاع ... وفي الوقت الذي دعونا فيه وانتظرنا ان يقدم مجلس النقابة وبالتعاون والانفتاح على الهيئة المركزية حلولا تشريعية لهذه المشكلة عبر تعديلات واضحة في النظام والقانون انشغل المجلس في مناكفة معارضيه وتغذية حالة التشتت في الهيئة المركزية مدخلا فرق الدفاع و التدخل السريع تارة ومختبئا وراء الحجة المزعومة " خطورة المرحلة " تارة أخرى ... وفي الظل يحاول مجلس النقابة تعويم الهيئة العامة للنقابة من خلال اضفاء الشرعية على عضوية المتقاعدين في خطوة ظاهرها عاطفي وباطنها انتخابي صرف مخالفا بذلك نصوص القانون وتعريف المعلم بشكل صريح ...

ومن المستهجن هنا والمستغرب ان مجلس النقابة واثناء بحثه عن مدخل لعضوية المتقاعدين ضيع الهيئة العامة بمجملها في حالة من التخبط و التجاوز على التشريعات وغياب المؤسسية وتغييب الهيئة المركزية والمناكفة والمساعي الانتخابية والاعلام المضلل والمشوه .

وسط كل هذا تبرز اصوات بين المعلمين مؤيدة لاجراءات الوزير معتقدة بذلك بانها توقف بذلك الامداد المالي للمجلس وتضع حدا لما يسمونه بالهدر المالي من قبل المجلس وسياسات التنفيع والتسبيب والصرف غير المبرر على حد وصفهم وتعبيرهم .

وسط كل هذه المعطيات وحالة العصف التي تضرب اركان نقابتنا وتستغل حالة الضعف المستشرية في هيئات النقابة وتزايد الفجوة بين الميدان والهيئات على الجميع ان يتذكر بان النقابة مؤسسة قائمة ناضلت لانشائها واحيائها اجيال من المعلمين وبان حمايتها والذود عنها مسؤولية جماعية سواء اتفقنا او اختلفنا مع هيئاتها ومجلسها ... فالنقابة ثابتة والهيئات متغيرة ومتبدلة ... والقرارات الأخيرة للوزير لن تصب الا في باب تقويضها وتدميرها وشل دورها وتأثيرها .... على المعارضين ان يجعلوا من نقدهم نقدا موضوعيا يهدف الى تصويب الاداء وتجويده بعيدا عن المساس بالمؤسسة كمؤسسة وعلى المجلس ان ينفتح على الجميع ويبتعد عن سياسة تصفية الحسابات والاستفراد بالعمل وتخوين وتشويه المعارضة .
واخيرا علينا جميعا كمعلمين ان نبادر لتوقيع تفويض الاقتطاع دون تردد وكحل مؤقت الى حين معالجة الأمر تشريعيا وبالطرق والقنوات السليمة التي تضمن بقاء نقابتنا والارتقاء بها .

فراس الخطيب / عضو الهيئة المركزية لنقابة المعلمين



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات