قراءة في فنجان الذنيبات بعنوان .. علني وعاجل جدا


في الأيام القليلة القادمة ستشهد المملكة حدثا مهما يترقبه الجميع خارج وداخل الوطن, من الأصدقاء والغيورين والمحبين للوطن وكذا من الحاسدين المتربصين لكل هفوة أو زلة, ستنطلق بإذن الله فعاليات مؤتمر التطوير التربوي الذي أراه في حكم المؤكد باحثا في تفاصيل الهمّ التربوي والتعليمي بكل مفاصله (المنهاج, الطالب, المعلم, المشرف, المرشد, القيادة والإدارة التربوية, الاختبارات, البيئة المدرسية, ولي الأمر, المجتمع المحلي, المؤسسات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة,....الخ).

ها نحن وقبل كل شيء يا معالي الوزير نقرأ ونستشرف بشغف ما سيحصل خلال يومين من العرض والنقاش والمداولات ليكون الجميع على بينة من أمرهم بغية وضع الأمور على طاولة البحث كالعادة, وهو أمر من المؤكد انه جيد ويلبي الرغبة والطموح وخصوصا إذا ما علمنا أن فترة التحضير لهذا المؤتمر أخذت فترة طويلة من التروي والتردد والإحجام امتدت على مدى عام ونصف ليكون اللقاء مثمرا جامعا مانعا بحول الله كما كنت تبغي وترغب.

باعث الأمل في هذا المؤتمر انه يأتي (طاقة فرج) في فترة مفصلية من حياة الوطن في ظل مخاضات عسيرة تجري لدول الطوق من حولنا وما تمليه هذه المخاضات علينا من تجاذبات وتداعيات سياسية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية ولوجستية تجبركم على توخي لازمة أمنية تتردد من رجالات الأمن الوطني منطوقها يقول (الأهم فالأقل أهمية) حيث أهمية الأمن الوطني - وهذا حق - تتصدر المشهد الكلي بامتياز وتتبدى على امن كل الأشياء وهي دعوة كادت أن تطيح بآمال كل المهتمين في شأن التعليم خارج الوزارة وداخلها ممن هم حولك أيضا من قيادات كريمة ( إدارات عليا وفرعية) وكأن أمر المؤتمر هو ترف فكري في هذه الظروف ليس أكثر.

المتمعن في تفاصيل الأمور وما يجري يقول حقا إن الأمن مهم لكن امن التربية والتعليم لا يقلان عنه أهمية أيضا لما لهما من مساس وجداني متجذر في قلوب كل الأردنيين بحكم وعيهم الجمعي في أن التعليم أمر مصيري للبنين والبنات وهو في وجدان القيادة السياسية يقين راسخ بان راس المال الحقيقي هو الإنسان المتعلم الواعي المتمكن من أدوات المعرفة وليس ابتلاعها لقمة معلبة جاهزة (shrunk) ثم استرجاعها على أوراق الإجابة كوجبة سريعة خالية الدسم (junk food ).

معالي الوزير, حتما سيكون اللقاء ثريا ومفيدا وسيكون المتحدثون على مستوى اللحظة التاريخية المفصلية في تاريخ هذه الوزارة, لأنني بحكم عملي خبرت وشهدت بعضا من سجالات ومناقشات جعلتني أتعرف ولو بشكل مبدئي على كيفية انتقاء الأوراق والمواضيع والشخوص بما تخللها من عملية تصويب ورد البعض منها لأسباب تتعلق بوهن وتهافت المحتوى وعدم ملامسته للواقع التربوي المعاش وهو أمر يحسب لصالح المؤتمر سلفا ويحسب للوزارة ممثلا ذلك بكم وبلجنة التحضير وخبراء اعتماد الأوراق أيضا.

معالي الوزير المحترم, كل الأردنيين يتطلعون بشوق بالغ إلى نجاح المؤتمر لان نجاحه نجاح لهم جميعا (بدون أدنى مجاملة), فمن هو الشقي التعس منا الذي يكره الخير لمستقبل فلذات كبده من أبنائه؟
مع يقيننا بأهمية كل ما سيطرح من مواضيع في جلسات المؤتمر إلا أنني ارجو التذكير بأمر ربما لم يفتكم انتم ومن معكم من أصحاب العطوفة (الأمين العام, مديري الإدارات, مديري التربية,...), هذا الأمر باختصار ذو طابع إداري بحت لكنه محوري ويلعب دورا حاسما في مدى نجاح أو فشل المؤتمر لا قدر الله, وهاك ما عندي إن تكرمت:
يقول الروائي الشهير الكولومبي (غابرييل غارسيا ماركيز) في احد روائعه ( إن سرعة حركة القطعات العسكرية من النقطة أ إلى النقطة ب محكوم بسرعة الابطأ منها).

كما يقول مايلز كوبلاند في كتابه الشهير لعبة الأمم (nation's play ) إذا خشيت من خسارة المباراة عليك بتغيير الفريق فورا (كله أو بعضه).

أما القاعدة الكيميائية وهي القاعدة التي تمثل ثيمة الحياة فهي ما يتعلق (بموضوع سرعة التفاعل الكيميائي), وحيث الحياة بأسرها تفاعلات في تفاعلات فان أي تفاعل كيميائي (مواد تتفاعل لتؤدي إلى مواد جديدة كنواتج) هو حصيلة جمع عدة خطوات جزئية (كل خطوة تمثل تفاعلا بحد ذاتها), ولكل خطوة معدل سرعة مختلف, منها البطيئة ومنها السريعة, للحكم على سرعة التفاعل الكلية فأننا نجمع الوقت المستغرق لحصول جميع الخطوات الجزئية , فمثلا إذا ما كانت جميع الخطوات سريعة جدا فان التفاعل الكلي سيبدو سريعا جدا أيضا, وإذا ما كانت كلها سريعة ما عدا خطوة واحدة منهن بطيئة جدا فان الزمن المستغرق لظهور النواتج وتمام التفاعل سيكون بطيئا جدا اعتمادا على زمن حصول الخطوة البطيئة (المعيقة), لذلك أطلق علماء الكيمياء على الخطوة البطيئة ب (الخطوة المحددة لسرعة التفاعل) وبالانجليزية (Rate Determinate Step ), فلا فائدة في سرعة باقي الخطوات حتى لو كانت كلها تجري بسرعة الضوء, ليبقى الأمر مرهونا بالخطوة البطيئة كخطوة محددة للسرعة الكلية.
معالي الوزير: أنت حر, والحر من الإشارة .

لن ينفع التطوير مع من (توطنت نفسه) على الروتين اليومي الممل وتبلدت أحاسيسه ضد أي تغيير ايجابي, كما لن تفيد أوراق العمل والتوصيات ولجان المتابعة والدعوات ما لم يكن هناك أداوت (قوى بشرية) قادرة مؤمنة بالتطوير والتغيير تواكب في جهدها وعزمها وقدرتها كل ما يفضي إليه المؤتمر العتيد من طروحات.

سترى أن بعض اللاعبين أصابهم الوهن والتعضل, وبعضهم لا يجيد إلا ممارسة الشد العكسي, البعض منهم وفي مواقع قيادية ( من الوزارة حتى ابعد نقطة في الميدان) يمثلون في منهج عملهم الخطوة البطيئة المعيقة, وهم الذين سيحددون سرعة الانجاز والتطوير بكل تفاصيله لكل ما تتطلع إليه أنت ومن معك حتى لو ارتقت مخرجات المؤتمر إلى منزلة الدساتير السماوية والشرائع العقائدية فهم بالإضافة إلى واقعهم المتردي سيعيقون حركة الآخرين من حولهم من ذوي الهمة والنشاط والدافعية.

أخيرا جل أمنيات التوفيق والفلاح لكم يا معالي الوزير ولوزارتكم بطواقمها كافة, لخدمة الوطن وأبنائه.

العميد المتقاعد
طه عبدالوالي الشوابكه
خبير تربوي – ماجستير مناهج وأساليب تدريس



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات