اجعلوا يوم الخميس للخدمة المجتمعية لا للعطلة


في احد ايام الجمعة، قبل اسابيع من الان، كنت اقيم في مدينة fort collins الاميركية، المدينة تحتضن جامعة كولارادو، تعد من أهم الجامعات في الدولة.
اثناء تجوالي في ارجاء الجامعة، دخلت الى كليتي العلوم السياسية، والصحافة و الاعلام، حضرت محاضرة في كل منهما.

استمعت جيداً، وكتبت عدد من الملاحظات، أهمها يتعلق بجدية الطلاب وتركيزهم، واهتمامهم، وتفاعلهم مع المحاضر، إذ يسيطر العقل الناقدي على سواه، المحاضرة اعتمدت أدوات الحوار المنهجي، المباشر ،و البعيد عن التزمت، كوسيلة لتعليم الطلاب.

قبل نهاية المحاضرة " تحديداً الخاصة بالعلوم السياسية" قام البرفسور ( نسيت أسمه ) بتكليف عدد من الطلاب بالبحث والكتابة عن مواضيع تتعلق بموضوعها، ومن ثم تقديمها بعد اسبوع، لمناقشتها، مع زملائهم الطلبة. تراوحت المواضيع، التي طرحها البرفسور، ما بين الكتابة عن أمن الطاقة والقرار السياسي، و الإرهاب المضاد، للإرهاب، و سيطرة الشركات العابرة للقارات على مفاصل القرار في العالم، الى جانب العديد من المواضيع الأخرى. تجدر الاشارة الى ان عدد كبير من الطلاب، يعملون بعد نهاية الدوام الرسمي.

اعتقد، أن تجربة ذلك اليوم كانت رائعة بالنسبة لي.

صحيح الجامعات هناك تفتح ابوابها، على مدار ٢٤ ساعة .


اسوق هذه السطور، لاقول: ان دولتنا - ممثلة برؤساء الجامعات الاردنية الذين قرروا تعطيل الطلاب يوم الخميس من كل اسبوع، بناء على استفتاء طلابي اجرته الجامعة الاردنية بهذا الخصوص، وخلص الى نتيجة مفادها أن طلاب الجامعة يفضلون اعتبار يوم الخميس من كل اسبوع عطلة رسمية، مثله مثل يومي الجمعة والسبت. اصحاب القرار اعتمدوا على حجة توفير اجور المواصلات على الطلبة ، يقول رئيس الجامعة الاردنية الدكتور اخليف الطراونة “ ان ذلك يوفر عليهم اجرة مواصلات يوم الخميس “ !!!! كما ان القرار جاء “ للتوفير على موازنة الجامعة ، علماً بأن القرار يضيف أعباء مالية ولا يوفرها ….. “ يضيف الدكتور اخليف الطراونة، الغريب هنا ان الدكتور متناقض، اذ يقول ان الهدف من القرار التوير على موازنة الجامعة، ومن ثم يعترف ان القرار يزيد من الاعباء المالية عليها، هنا نسال ان كان القرار يرتب مصاريفاً جديدة على ادارة الجامعة، يا ترى ما الجدوى منه اذن. هذا من جانب. من جانب اخر يعتبر الدكتور الطرانة ان القرار جاء لخدمة الفئة العاملة من الطلاب، اذ يوفر لهم يوم عمل اضافي، هنا يحق لنا السؤال ان عدد هذه الفئة من مجموع طلاب الجامعة الاردنية.


من جانب اخر اكثر اهمية، لا اعلم لماذا اعتبر الدكتور اخليف الطراونة ان زيادة ايام العطل للطلاب، عمل ايجابي، دون ان يطرح الامور السلبية التي تترتب على القرار، من زياة رقعة لمشاكل الاجتماعية، زيادة وتيرة الغياب عن المحاضرات، غياب الجدية في الدراسة، بل لنقل ان الايام هذه قد تمنح البعض حيزاً للانتماء لبعض المنظمات، ومن ثم الالتحاق بها، نتيجة الفراغ الكبير الذي يشعرون به.

وعليه، أقول: كان من باب أولى عطوفة الرئيس زيادة عديد ايام الدوام للطلبة، لا تقليلها، سيما وأن مخرجات التعليم الاردني ومنذ ١٠ سنوات على أقل تقدير باتت في الحضيض، طبعاً انت وغيرك تعرف الأسباب.

ثانيا: منذ متى يتم اتخاذ القرارات من هذا النوع، بناء على استفتاء الطلبة، مع تغييب تام، للدراسات الممنهجة، وهل القرارات تخض لرغبة البعض، لانه فقط فكر بها.

ثالثا: ان كانت قرارارت الدولة تتخذ او يمكن اتخاذها بهذه الصورة، يا ترى لماذا لا تنصح دولة الرئيس مثلا، لتطبيقها واتخاذ الوسيلة طريقة لقياس مدى تقبل الناس لقراراته ومشروعاته، سيما وان مثل هذه الطرق تقلل التكاليف على الدولة !!!

رابعاً: قبل اسابيع، تم الاعتراض على مشاريع وزير التعليم العالمي " الخضرا" القائمة على اسقاط التدريس القائم على مبدأ الحصص، والشلليلة، والعشائرية، قامت الدنيا ولم تقعد. واعتبر ذلك مشروعاً يهدد الدولة الاردنية واساساتها، شيطن الوزير واعتبر عثرة بطريق الإصلاح، بل واعتبر حاملاً لإجندة خارجية، يريد تطبيقها إرضاءاً لأسياده! مع ان الوزير فكر وفق منهج سليم، وحقيقي، سيما وان هذه التقسيمات عملت على اسقاط التعليم الجامعي الاردني، وافقدت الثقة فيه.

خامساً: هل من الممكن الاعتراض اليوم على سياسية الجامعات الاردنية، التي تتوجه الى تعطيل الدراسة يوم الخميس، بحجة تقليل التكاليف على موازنة – الجامعات - الدولة. مع العلم أن ثمة الكثير من الوسائل والطرق التي يمكن اعتمادها لتقليل المصاريف، إن توجهت وسارات الحكومة بالشكل الصحيح، دون اعتماد سياسة القفز في الهواء.

سادساً: هل ياتي اليوم، ليتم استفتاء الطلبة لاختيار رئيس جامعتهم، ورئيس وزرائهم، والوزراء، وفق هذه الطريقة، كما فعلت الجامعة الأردنية مؤاخراً مثلاً، هل من الممكن تدريب الطلاب على مثل هذه الوسائل، للاستفادة منها لاحقاً.


اعود الى جامعة كولارادو ...... لاقول : ان الجامعات تفتح ابوابها غالبية ساعات اليوم، وأن التدريس هناك بحثي، بحت، ونوعي، يحفز الطالب على تقديم رؤيته، دون خوف أو وجل، تدريس يعتمد أدوات علمية، لا أدوات الواسطة، وفنجان القهوة، أو فنجان النسكافية الذي لا يستقيم يوم الطالب إلا به - أو عباءة الشيخ، أو أسم العشيرة، أو منصب الأب، أو سطوة السكرتيرة !

تدريس يصقل العقل الإنساني، ويجعله صاحب تفكير نقدي تحليلي، تدريس يصنع جيلاً، لكنه لا ينسخ ابداً.


اخيراً ....... اقتراح قد يراه البعض ضرباً من الجنون .

لنأخذ قرارات الجامعات الأردنية القائمة على تعطيل الدراسة ليوم الخميس من كل اسبوع، على محمل الجد، بل ولنشجع القرار، لانه ينطلق من حرص اكيد على الدولة وموازنتها، لكن، بالمقابل، لنعتمد يوم الخميس من كل اسبوع، يوماً للخدمة المجتمعية، بحيث يتم تدريب الطلاب على ما يحتاجونه في سوق العمل، بيتخرج الطالب من جامعته فيما بعد، وهو حامل لمهارات عديدة، دون الحاجة إلى التدريب بعد التخرج، أليس من الممكن أن يدرس طاللب اللغة الانجليزية، ٣ حصص أسبوعية في مدارس المملكة،ألا يستطيع طالب الهندسة المدنية الإلتحاق بوزارة الأشغال لمدة ٤ ساعات أسبوعياً للتدريب، ألا يقدر طالب العلوم السياسية على العمل لمدة ٣ ساعات في كل أسبوع في وزارة الخارجية.

بحيث يصير يوم العطلة هذا، عامل بناء، لا معول هدم، وسيلة لتطوير أدوات الطلبة، تعينهم على العمل بعد تخرجهم، وتسهم إلى حد بعيد في تقليل نسب البطالة، سيما وأن قطاع واسع من المتعطلين عن العمل، يفتقدون للدوات التدريبية التي تعينهم على الإندماج في سوق العمل، لأن الجامعات التي درسوا بها، لم تكترث لأمر تدريبهم.

ليكون يوم الخميس يوماً لخدمة المجتمع، لا يوماً للعطلة وزيادة الفراغ في حياة الطالب، يوماً تطبيقياً تدريبياً في الاسبوع، مقابل أربعة أيام نظرية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات