ليس غريباً تلك الاحتجاجات العمّالية التي بدأت مؤخراً في مصنع الصافي للألبسة في لواء ذيبان وبالتحديد قضاء مليح ، ولو أتيحت الفرصة للعمالة الأردنية في كافة مصانع القطاع الخاص لخرجوا على بكرة أبيهم احتجاجاً على تدني الرواتب المعيشية وغياب السلامة العامة فضلاً عن ساعات العمل الطوال الذي يقضيها الموظف أو الموظفة بين ضجيج الآلات وصخب التعليمات المجحفة فضلاً عن عبارات التهديد والوعيد بالتسريح والطرد كلّما حاول الموظف أو الموظفة المطالبة بحقوقهم، والتي لا اعتقد أنها سوف تنال من المرابح الطائلة التي ينالها المستثمر من صادرته التي غالباً ما تحط رحالها في أسواق الغرب بدلاً من السوق المحلية والسير على نظرية نلبس ممّا نصنع.
ثورة مصنع الصافي جاءت بعد ثورات متعددة في مصانع القطاع الخاص الذي يبدو أنه يشهد عطفاً وحناناً حكوميا غير مسبوق وكأنها لا تأبه بحقوق المئات من الآلاف في مصانعنا الذين يقبعون تحت رحمة المستثمرين وأرباب العمل مستفيدين من الامتيازات والتسهيلات التي ينالونها من الدولة لجنيّ الإرباح مقابل تشغيل العمالة الأردنية، لكن بدون وضع ضوابط وتشريعات تحدّ من تغوّل القطاع الخاص على موظفيهم وإجبارهم على تقديم الرواتب المعيشية المحقة والتي تأخذ بعين الاعتبار غلاء الحياة المعيشية وارتفاع التضخم والذي من شأنه أن يهدد المئات من العائلات بإعلان الإفلاس وخلق فوضى اجتماعية نحن في غنى عنها.
بالطبع البعض سوف يحمّل أبناء اللواء المسؤولية عن تلك الاحتجاجات وأن مناطق الأطراف غير مؤهلة للاستثمارات وأن ثقافة العمل والعطاء والصمود مغيّبة تماماً عن تلك المناطق وأن عليهم الانصياع والقبول بسياسة الأمر الواقع مادام أن الحكومة نفسها مازالت تعيش في سبات عميق أو أنها لا تعلم أن الرواتب لم تعد تكفيّ أياماً معدودات في القطاع الحكوميّ وهو الأفضل حالاً تقريباً من القطاع الخاص كيف بالعاملات في المصانع اللواتي يتقاضين رواتب زهيدة وساعات عمل طويلة وغياب تاب للسلامة العامة والآمان الوظيفي.