عندما يكون الحكام اقرب الى الله


قال عليه الصلاة والسلام (أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ) وليس معنى ذلك ان كلمة الحق عند سلطان عادل ليست جهادا ولكنه يثاب عليها أمّا إذا كان السلطان جائرا فإن النصيحة امامه قد تجلب العناء لمقدِّمها فتعتبر من افضل الجهاد .

والخيانة العظمى ليست فقط خيانة الأوطان والشعوب وإنّما هي خيانة الله وكتابه المقدّس بحيث تصبح غايات أخرى هي هدف الحاكم ومبتغاه ويعمل من أجل ذلك الهدف ما يُشبع رغباته ومصالحه مهما تسبّبت من أذى وضرر للوطن والشعب الذي يحكمه ويُؤتمن على مصالحه .

وما بفسده الحاكم في مدّة قصيرة يحتاج الشعب دهورا طويلة لإصلاحه مع بقاء بعض السلبيّات التي لا يمكن إصلاحها خاصّة إذا تعلّق ذلك بثقافة الأجيال وقيمها وطباعها وعادة ما تستفيق الشعوب بعد استفحال الضرر وتمكُّن الحكّام من تكوين شِلل حولهم منتفعون ذوي مصالح خاصّة يدافعون عن الحكّام وفسادهم .

وهكذا تقوم الثورات العفويّة أو المدفوعة من أطراف خارجيّة وقد تتسبّب مثل تلك الثورات والحركات النشطة المتواكبة مع إزدياد فساد الحكّام وتسلُّطهم لسقوط امبراطريّات كما حدث للإمبراطوريّات العديدة في الماضي ومنها إمبراطوريّة الفرس والإمبراطوريّة العثمانيّة وممالك الأندلس وغيرها وكذلك ما حصل في بعض الدول العربيّة بما سُمِّي بالربيع العربي الذي انقلب الى خريف بلون الدم القاني وسقطت على إثره زعامات تاريخيّة في المنطقة وباتت الثورات وبالا على شعوبها .

وفي المقابل عندما يكون الحاكم أقرب الى الله ويضع مخافة الله بين عينيه ومصلحة شعبه هي هدف حكمه فيحصل الحاكم على كلا الحسينين حيث رضى الله وحب شعبه وتكون فترة حكمه بمثابة فترة إزدهار ورفاه لأبناء وطنه ويكون هو مرتاح البال وينطبق عليه قول الهرمزان احد قادة الفرس لسيّدنا عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه حين قال حكمت فعدلت فأمنت فنمت ولكن عين الشرِّ لا تنام حيث قُتل سيدنا عمر وهو نائم بعد ان اعطى دروسا للحكّام جميعا كيف تكون العدالة والمساواة التي يوصف بها الحاكم قدوة ورسالة لأفراد الشعب صغارا وكبارا وتكون اللبنة الأساسيّة لبناء مجتمع صالح .

يُقال(( رأس الحكمة مخافة الله )) وإذا مثّلنا الحكمة بإنسان،فإنّ أخطر شيء في الإنسان رأسه، وفيه الدماغ، وفيه المحاكمة، وفيه الاستنباط، وفيه الذاكرة، وفيه الإرادة.

والخوف من الله وسام شرف للإنسان، فمن خاف من الله خافه كل شيء، ومن لم يخف من الله أخافه الله من كل شيء، فإنّ الخوف من الله أمن، وهناك علاقات ترضية، وهناك علاقات عكسية، مثلاً كلما زاد الملح في الطعام ارتفع الضغط، فالعلاقة طردية، لكن كلما ابتعدت عن الدنيا اقتربت من الآخرة، وكلما اقتربت من الآخرة ابتعدت عن الدنيا، علاقة عكسية، لو طبقنا هذه الحقيقة على موضوع الخوف، الخوف من الله يعني الأمن وعدم الخوف من الله يعني الخوف، ويقول تعالى
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾ صدق الله العظيم .

فإذا وضع الحاكم مخافة الله بين ناظريه فإنّه نال الحكمة والأمن معا وينتابه الخوف من أيِّ ظلم او فساد يلحق بالآخرين ويكون القدوة والنبراس للمجتمع .

ويقول تعالى ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ صدق الله العظيم

ومعنى أتقاكم أشدكم خوفاً من أن تعصوه، والمتقي هو الذي يخاف أن يعصي الله، بينما الفاجر هو الذي يعصي ولا يخاف، وإذا عصى الحاكم الله عزّ وجل فإنّه لا يأمن مكر الله الذي يمهل ولا يُهمل وخيانة الحاكم لله اشدُّ من خيانته لوطنه ونهب ثروات البلد ووضع المليارات في بنوك سويسرا ظنّا منه انّه وضعها في مأمن ويستطيع ان يلجأ لها حين الحاجة لها بعد حين دون ان يضع في الحسبان احتمال ان يصحوا الشعب بعد ان يبلغ السيل الزبى وتصل مرحلة القهر الى أوجها بحيث لا يحتمل الناس مزيدا من الإستبداد فيخلع الحاكم ويضع يده على جميع ما سرقه الحاكم في سنيِّ حكمه مهما طال الزمن ذاك .اللهم اصلح احوالنا واحفظ بلدنا ارضا وشعبا وقيادة وارزق حكامنا خير مستشارين يكونون اقرب الى الله ويؤمنون ان رأس الحكمة مخافة الله وان التقوى طريق النجاح والفلاح انك على كل شيئ قدير .



تعليقات القراء

صاحبك
عندما يكون الحكام ابعد ما بكونوا عن الله هل تعطيني مثلا على ذلك
08-07-2015 07:30 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات