الأردن و الحرب على داعش


يبرز دور الأردن كلاعب محوري في الأحداث الجارية في المنطقة ، لموقعه الجغرافي المتميز الذي فرض عليه أعباءً و مهمات كبيرة . و يتعرض الأردن لضغوط سياسية و اقتصادية من عدة أطراف اقليمية و دولية للسير في مخططاتها و استراتيجياتها .
و عبَّر عن الموقف الأردني كبار المسؤولين في تصريحاتهم العديدة حين اعلنوا أن مواجهة الارهاب تتطلب تكاتفاً و تنسيقاً إقليمياً و دولياً . و الأردن يساهم في جهود التصدي للإرهاب و التطرف الذي يستهدف الجميع بدون استثناء . يحدُّ من تأثيراته ،ويضع حداً لمخاطره على الأمن و السلم الدوليين .
ويزداد حجم القلق لدى الشعب الأردني من تزايد الدعم لتنظيم داعش من بعض الأردنيين ، حيث شهد الاردن المظاهرات المؤيدة لداعش في بعض المحافظات . كما يعارض الكثيرون مشاركة الجيش و الأمن في الحملة التي تستهدف التنظيمات الارهابية " داعش و النصرة " . كما يشكل تنامي السلفيين بين الأردنيين وضعاً محرجاً للنظام الذين يرفضون التدخل الرسمي الأردني ضد هذه التنظيمات .
فرضت التحديات المستمرة على الأردن تغييراً في مواقفه في الفترات الأخيرة ، مما اضطره إلى تغيير مواقفه من الأزمتين السورية و العراقية . فأعلن كبار المسؤولين بصراحة تامة ، أن الأردن وحماية لمصالحه الوطنية العليا سوف يلجأ للتدخل من خلال دعمه للعشائر " السنية " في سوريا و العراق حفاظاً على حدوده الشمالية و الشرقية من خطر داعش الذي بات يتمدد باتجاه هذه الحدود بعد أن خرجت عن سيطرة الجيشين السوري و العراقي .
إن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة واضحة : لماذا غيّر الأردن سياسته السابقة التي كانت تتمثل بالنأي بالنفس عن التدخل المباشر في الأزمة السورية ، والتي حافظ فيها على سياسة متميزة من الأحداث برغم الضغوط العديدة التي فرضت عليه إقليمياً و دولياً ؟
وهل هذا الموقف الأخير مرتبط بمخططات تهدف لتغيير الخارطة الجغرافية و السياسية لدول المنطقة ؟. يبدو من تبدل سير المعارك المؤقت أن واقعاً جديداً بدأ يفرض نفسه ، و الذي قد يؤدي بحسب تحليلات البعض إلى انهيار أو سقوط بعض الأنظمة ، و ظهور دول جديدة كالدولة الإسلامية ، و الدولة الكردية ، وربما بروز دول جديدة أخرى في الجزيرة العربية و مصر . فإذا كانت الأحداث المتلاحقة والحروب القائمة ستؤدي إلى هذه المتغيرات الاستراتيجية ، فهل سيحقق الأردن فيها مصالحه الوطنية العليا المتمثلة بالحفاظ على أمنه و استقراره ، و ابعاد شبح المنظمات المسلحة الإرهابية عن ساحته ؟ .
لقد بات مطلوباً اليوم وقبل فوات الأوان من الأردن و باقي الدول العربية المشتبكة بحروب مع بعضها ، وضد الإرهاب و التطرف ، أن يعمل الجميع وبشكل سريع للبحث عن الحلول التي تنهي الحالة الشاذة التي يعيشها العرب و تنزع فتيل الحروب المدمرة ، و أن يدرك قادة هذه الدول الواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه شعوبهم و التاريخ ، بدلاً من ركوب المغامرات الخطرة التي ستكون عواقبها وخيمة و كارثية على الجميع.
لقد قدَّم الرئيس الروسي "بوتين" مبادرة للعرب جميعاً ، وخصَّ بها الأردن و السعودية و تركيا تتضمن الدعوة لتحالف هذه الدول مع سوريا لمواجهة العدو المشترك ، الإرهاب و التطرف المتمثل بتنظيم " داعش و المنظمات الارهابية الأخرى ". و أعلن أنه بدون الدول المجاورة لسوريا لا يمكن الوصول إلى حل سلمي للأزمة السورية . وأوضح أن جوهر هذه المبادرة يرتكز على حل سوري سوري يجمع المعارضة و الحكومة السورية بدعم و إسناد من الدول المجاورة ، لأن الظروف الدولية تغيرت كثيراً وأصبح هاجس دول العالم هو الإرهاب الذي بات يطرق جميع أبواب دول العالم . فهل تستجيب هذه الدول لهذه المبادرة الخيّرة ؟ .
لقد أصبحت القضايا التي تهمنا اليوم ، وسوف تهمنا في المستقبل ، هي قضايا الحرية و الديمقراطية ،وقضايا السلام ،و قضايا العلم و المعاصرة . وإن مرحلة الانتقال من حال إلى حال هي دائماً من أصعب الفترات ، وإن كل تجربة لها خصائصها .
لقد تطورت المجتمعات العربية و نمت و أصبحت جاهزة للانتقال إلى عصر المشاركة في صنع القرار ، كمدخل للديمقراطية التي هي الحل للعبور إلى المستقبل . فهل فاتنا القطار أم لا يزال في الوقت متّسع ؟




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات