عرس فهيدة ومشايخنا وكلام كثير ..


حدثت قصة حب بين شاب يدعى أحمد الجوفي و فتاة حسناء من عشيرة البروم تدعى فهيدة ولخلافات عشائرية لم يوافقوا على زواجهما، وعندها اتفق احمد مع فهيدة على درب الخطيفة، وهربا الى بصر الحرير و التجئا الى شيخها، الا ان الشيخ فتن بجمال فهيدة فأسر عشيقها احمد و هدده بالقتل، ومن ثم طرده كاسرا" العادات العربية بحماية الدخيل. وتزوج شيخ بصر الحرير من فهيدة غصبا" عنها بعد التهديد بذبحها و تسليم جثتها الى عشيرة البروم.

وبعد الطرد إلتجأ احمد الجوفي المطرود الى سليمان نصر في قرية تعارى في الجبل، وعندما علم شيخ بصر الحرير لجوء الجوفي الى الجبل خشي نقمة الدروز واستعمل الحيلة فأرسل اثنتان من نسائه الى تعارى ليلا" ليقولا للجوفي ان فهيدة تريد الهرب وعليه ملاقاتها الى المطخ ( البركة ) الغربي ليهربا معا". عندها حذره سليمان نصر من غدر في الموضوع يتهدد حياته، لكن الجوفي اصر على الذهاب فأرسل سليمان معه ثلاثة فرسان من الدروز و عندما وصلوا الى المكان خرج عليهم عدد من المقاتلين "مرسلين من قبل شيخ بصر الحرير زوج فهيدة" لقتل الجوفي، الا ان رفاقه الثلاثة انقذوه و قتلوا واحدا" من المهاجمين فيما اطلق محمود نصر النار فأصاب عيون هشمان شقيق الشيخ زوج فهيدة وافقده البصر و عادوا الى تعارى سالمين ..

جن جنون الشيخ على مقتل ابن اخته و العمى الذي اصاب شقيقه و اخذ يرسل التهديدات بالانتقام ويحاول جمع العشائر الذين رفضوا محاربة الدروز مجددا" بعد المأساة التي حدثت معهم ففقدوا خيرة شبابهم و سلاحهم ..

ارسل آل نصر المرسال للشيخ ليرضوا بالصلح العشائري او يكونون عرضة لسيوف التوحيد فرفض شيخ الموحدين الدروز، الشيخ ياسين الصلح العشائري.

في الربيع قصد شبلي نصر راعيه المقيم شرق بصر الحرير وحالما وصوله نصحه الراعي بالرحيل لان حفلا"ل ١١ عريسا" كان قائما" و الرجال كلها متجمعة، وخشي عليه من عدوانهم و فعلا" ما ان ركب فرسه و غادر حتى تبعه اكثر من ثلاثين رجل على خيولهم شرقا" و قبل ان يصل تعارى بقليل اصابوه بكتفه وسمع اطلاق النار اهل تعارى و هبوا لنجدته فجرت معركة قصيرة انتهت بمقتل رجال بصر الحرير المهاجمين كلهم عدا اثنين منهم فيما قتل من الدروز خمسة ...
عندها التجأت العشائر الى الدولة شاكين قتلاهم فأرسل الوالي التركي الى الدروز يطلب منهم المصالحة و دفع دية القتلى ..
فرد عليه الدروز بوفد من مشايخهم، سليمان حمود الاطرش وابراهيم ابو فخر رافضين الصلح، فتسلل عدة بدو ليلا" الى ديار آل نصر و اغتالوا سبعة من رجالهم غدرا" و لاذوا بالفرار، عندها احتشدت البيارق الدرزية على اثر هذه الحادثة و قرروا الحرب، فيما حشد الباشا التركي جيشا" جرارا" و اتبعه بأنصاره من العشائر و البدو مستغلا" الخلاف العميق الذي بدأ بسبب فهيدة الحسناء وتمركز الجيش قرب بصر الحرير..

وكبداية لجس النبض ارسل الجيش خمسمائة خيال مدججا" بالسلاح الى قرية الدويرة بقيادة ضابطه الاول قائد الخيالة فجوبه بمقاومة شرسة قتل فيها القائد مع نصف رجاله و عاد الباقون جرحى مرعوبين يجرون انفسهم الى بصر الحرير وصفوف الجيش.
ولما بلغ الخبر الباشا التركي أمر جيشه وانصاره بحرب إبادة شاملة على غربي الجبل ثم على الجبل كله ..

بدأت الحرب الطاحنة في ربيع سنة ١٨٧٦ و مع بزوغ الفجر كانت الالاف الجرارة من الجيش و الانصار تجتاح قرى الدويرة و تعارى تلاها مقاومة عنيفة من الدروز الذين ارهقتهم المدافع و كان يقود جيش التوحيد الشيخ ابو علي قسام الحناوي الذي امر بعد الضغط الشديد من الجيش والعشائر و البدو المسلحين بالبارود و المدافع بالتراجع حتى وعر قراصة بداية اللجاة عندها صرخ بجموع البيارق:-
وين راحوا النشامى... اليوم ولا كل يوم

و انطلق عزف المجاوز و النخوات فثبت الدروز عند قراصة بعد تراجعهم لكيلو متر واحد و هناك كانت المعركة الرئيسية.
هجم الفرسان الدروز بسيوفهم البواتر و كان المشهد الهائل...
فخيول غائرة و رؤوس طائرة و أشلاء متناثرة و اعمل الدروز بالجيش و انصاره تقتيلا" و تقطيعا" و التقى وسط الميدان الشيخ ابو علي قسام مع جواد ابو عساف عند المدفع الكبير فقفز جواد ابو عساف من فوق المدفع بفرسه و لقفزته عرف بالقميزي و ضرب قائد المدفع بسيفه فقطع رأسه فيما قفز الشيخ ابوعلي عن جواده و سد فوهة المدفع بعمامته البيضاء...

اضطر الجيش للتراجع حتى تعارى امام الذئاب الكواسر و انقلب التراجع الى هزيمة فلم يكتفي الدروز بانسحابه الى تعارى بل تبعوه حتى البركة الغربية فاتكين به حتى شرق بصر الحرير..

بحلول الظلام انتهى القتال و انهزم الجيش مخلفا" ألاف القتلى و الاسلحة على مسافة طولها ثلاثة كيلومترات من قراصة شرقا" حتى بركة بصر الحرير غربا" فيما خسر الموحدون ٢٢٠ شهيدا.

وهذه قصة عرس فهيدة التي يستخدمها اهل بلاد الشام ويتندروا بها عندما تتفاقم الاحداث وتتعاظم بسبب مصلحة فردية ...

★ الخلاصة والتغذية الراجعة،
لم يكن يتنحى الرؤساء العرب جانبا في كل من سوريا وليبيا واليمن ومصر وتونس ... وبذلك تحول الربيع العربي كعرس فهيدة التي جلبت داعش وباحش وفاحش وحاثش وكل الاخوات من هذه المشتقات التي لم نكن نعرفها ...
ولكن شيخ بصر الحرير تأبط الجميلة فهيدة، اما احمد الجوفي فقد كان ساذجا حد الهبل ...

والحقيقة المرة هنا أنه ما يحزن المواطن العربي ان هنالك عرس لفيهدة في العراق وعرس في آخر سوريا وعرس ثالث في اليمن واعراس لفهيدة في كل من ليبيا ومصر وتونس ... وما تزال اعراس فهيدة مستمرة حتي استحضار هذه القصة كما رويت ووثقت بالحبر والورق. والحق ان فهيدة العربية ما زالت تعيش بيننا في بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان .....

★ لقد كانت والدتي رحمها الله تقارب تطور الاحداث البسيطة وتفاقمها وتقول "يمه ما يحصل مثل عرس فهيدة" علما بأني لم اكن اعرف قصة تلك المقولة ولكني عثرت عليها مساء امس.



تعليقات القراء

د. نورهان الحلبي
عرس فهيدة في كل قطر عربي ... صدقت يا دكتور حموري، ولله در قصتك العربية الحقيقية الراهنة التي تمثل الواقع والتي دارت احداثها قبل اكثر من قرن ما بين بصر الحرير وجبل الدروز ...
18-06-2015 10:57 PM
ماجد الحيدر الزبن
صدقت : بالأمس عرس فهيدة ، واليوم عرس فهيدان . وفهيد اليوم حفيد فهيدة الأمس .
24-07-2015 02:31 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات