بعد "قانون الـ 150" .. على الاحزاب السلام !


كتب ايهاب سلامة .. اقرار مجلس النواب لمادة بمشروع قانون الاحزاب حددت عدد مؤسسي الحزب بـ 150 شخصا فقط ، تضرب بالاحزاب والعمل الحزبي عرض الحائط، ولن يقوم للفكرة الحزبية عقب اقرار هذا القانون السيء، قائمة بعد اليوم ابدا .

ان يستطيع كل 150 شخص تأسيس حزب، فهذا يعني أن عدد الاحزاب لدينا سيدخل في موسوعة "غينس" للارقام القياسية !، ويعني ايضا، أن الحياة الحزبية التي تعاني اصلا، تسير باتجاه التفتيت، والتشتيت، و"تخنيث" عملها بالكامل، لتصبح بلا قيمة سياسية تذكر، وبلا جدوى او تأثير فاعل، وتغدو مجرد منبر أجوف لبعض محبي الخطابات العصماء، و"المنظرين" السياسيين لا أكثر !.

وهنا، يجب توضيح امر في غاية الاهمية، وهو ان مجلس النواب الذي يعمل على اقرار مشروع قانون الاحزاب ، هو خصم - ضمنا - للاحزاب ؟ وليس من مصلحته تقويتها ، لوجود (تعارض بالمصالح) بينهما ، خاصة وان كلا الطرفين يضعان صوب اعينهما 'اصوات الناخبين'، وسيسعىيان لاستقطابها حينما تحين ساعة الانتخابات، الامر الذي يجعل من اقرار مجلس النواب الحالي لقانون الاحزاب بصيغته الحالية، (مثار شبهة)، خاصة وان المجلس يفتقد لوجود زخم حزبي قادر على التأثير بنتائج اقرار قانون يتعلق بالاحزاب !؟.

ان الحكومة ومجلس النواب، بتوافقهما على اقرار قانون الاحزاب ببعض بنوده الكارثية الحالية ، يضع السلطتين في قفص اتهام اضعاف الحياة الحزبية، الضعيفة اساسا، وزيادة تفتيتها وشرذمتها، لتظل الصورة النمطية السياسية الغابرة قائمة،وذات الوجوه مسيطرة، ومستحكمة، حتى يرث الله الارض ومن عليها ..!

وحال الجبل الذي تمخض فأرا .. فقد تمخضت الحكومة حلا لتقوية الاحزاب، تمثل بايجاد قانون يفرّخ المزيد من الاحزاب .؟! وهو امر مثير للسخرية، ففيما تواجه الاحزاب المرخصة  عقبات وتحديات ومشاكل حقيقية تعيق عملها، كان الاجدر بالحكومة ومجلس النواب التركيز على تنمية الحياة الحزبية، واقرار قوانين تسهم بتقويتها ، لا اضافة اسماء حزبية على القائمة الطويلة المثخنة بكل ما فيها من عقبات !

وفي حين لم تستطع لا وزارة التنمية السياسية التي جاء وزيرها اليساري حاملا خطاباته وتنظيراته السياسية فقط.. ولا الحكومة التي كانت تلتقي بالاحزاب لامتصاص غضبتها .. ولا مجلس النواب الذي كان يجرى معها لقاءات للاستهلاك الاعلامي فاقر "قانونها" لاحقا خلافا لتوصياتها، ايجاد حلول حقيقية للحياة الحزبية، وتقوية عشرات الاحزاب المرخصة ، فكان الحل الحكومي العبقري، الذي بصم له مجلس النواب، يقتضي بخلق احزاب اضافية جديدة  تؤدي بالتالي الى زيادة رقعة المشاكل الحزبية العالقة !؟.

المثير للسخرية والسخط معا، ان قانون الاحزاب الجديد، لم يأخذ بتوصيات الاحزاب التي اجتمعت عشرات المرات بينها.. وبينها والحكومة والنواب ايضا، حول ذات المادة المتعلقة، فاقرت، كما اشتهت سفينة الحكومة والنواب، ووفق اهوائهما، ومصالحهما المشتركة، وعادت الاحزاب وكانك يا "ابا زيد ما غزيت" ؟

ثم لماذا يتم التركيز على ترخيص احزاب جديدة ؟ والاحزاب المرخصة اصلا، لا تلق اي اهتمام يذكر لا من سلطة تنفيذية ولا تشريعية، اللهم باستثناء لقاءات وخطابات وزير التنمية السياسية البروتوكولية الاستعراضية، التي استهلكها، وانتهت منذ اشهر؟

ولماذا هذا التسخيف والتسطيح للعمل الحزبي من قبل الحكومة والنواب معا، وهما ربما لم يطّلعا على الورقة النقاشية الخامسة للملك التي دعت الى دمج الاحزاب، فجاء الرد على الارض مخالفا للرؤى الملكية، ولطموح الحزبيين والسياسيين الاردنيين، بزيادتها بدلا من دمجها ؟

تسهيل ترخيص احزاب جديدة، انما يأتي لتفتيت الاطر السياسية، وتجزئة المجزء، وتحويل الاحزب الى فاترينات سياسة فارغة مفرغّة، لا تملك من القوة الحزبية والجماهيرية، والسياسية شيئا، حتى تتكرر سيناريوهات البرلمانات القادمة بذات الوجوه والاسماء والسياسات والضعف !

اذا كان لدينا عشرات الاحزاب المرخصة والقائمة اصلا،التي تحوي مختلف المشارب الفكرية والايديولوجية، وتمتد من اقصى اليمين لاقصى اليسار، تّمكن أي مهتم بالشأن الحزبي وراغب بالعمل تحت عباءتها، بالانضمام لها ، فلماذا نوطىء لمزيد من الاحزاب في الظهور بمشهد لم يعد يحتمل الصورة ؟.. وما هي الجدوى من زيادة الازدحام الحزبي في شارع سياسي داخلي لا يتسع للموجودين به اصلا ؟ حتى لن يجد الرئيس ولا وزير تنميته السياسية لاحقا، مكانا يتسع للاجتماع فيهم ومعهم.

ان اقرار البند المتعلق بعدد مؤسسي الحزب، ضربة قاصمة للحياة الحزبية الاردنية، وأضعاف لها، تقدمت بقانونه حكومة ربما ترى ان الوجود الحزبي يؤثر مستقبلا سلبا عليها وعلى سياساتها ووجودها ، واقرها برلمان "خصم" للحياة الحزبية يرى انها تتعارض مع مصالحه ؟.



تعليقات القراء

اسعد العزام
أبدعت ... صديقي العزيز
11-06-2015 02:01 AM
حزبي بكل اسف
والله يا استاذ ايهاب تكلمت كل ما على السنتنا ووالله لم نعد نرى في الانخراط بالعمل الحزبي اي مبرر بعد ا لان والبقاء فيه مسخرة وتضييع للوقت ونتركه للكلالده والحكومة والنواب يشبعون فيه
11-06-2015 08:26 AM
صوت الحق
بداية تأسيس الأحزاب في الأردن ب 10 أشخاص لترخيص حزب ثم تم رفع العدد إلى 50 ووصل إلى 500 ثم أخيرا تم اعتماد 150 والأصل أن معيار قوة الحزب هو في النوع لا في الكم ... فمثقال أوقية جوهر خير من طن حجر
11-06-2015 01:34 PM
هلاله
الحكومة لا بدها احزاب ولا بطيخ بدها النسور والكلالدة ,,,,,, وزغرتي يا هلالة
13-06-2015 06:02 AM
لؤي جرادات
للبيع على السيارة4 احزاب بدينار معنا احزاب سياسيه احزاب بيئيه احزاب مختلط للبيع احزاب حارات احزاب عائﻻت احزاب عمال جميع النواع متوفر البيع مع مكانية التسجيل مجاني
19-06-2015 05:26 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات