روبرت تيرنر القائد الإنسان


لا نمتلك نحن الفلسطينيين إلا أن نتقدم بالتحية والمحبة إلى القائد الإنسان روبرت تيرنر، الذي قدم استقالته من منصبة مديراً لعمليات الأونروا في قطاع غزة، بعد أن أعرب عن رفضه لآلية دخول مواد الاعمار لقطاع غزة وفق خطة روبرت سيري، لقد رفض روبرت تيرنر أن يكون شاهد زور، وأن يكون مسئولاً غير قادر على القيام بواجبه الإنساني تجاه سكان غزة على أكمل وجه، لذلد قال جملته التي ستدوي في الآفاق، وتعبر القارات وهي تدق على أبواب الأمم المتحدة، لقد قال تيرنر: إن غزة مكان أثبتت للروح البشرية مرات ومرات بأنها لا تقهر.

غزة لا تقهر، ولن تقهر، ولم تقهر على مر التاريخ، هذه الحقيقة عن غزة ما كان لتيرنر أن يعرفها ويتلمس معانيها لولا أنه عاش حياة سكان قطاع غزة، وتجول في شوارعها، واحتك مع سكانها، وسمع منهم، وراقب تصرفهم، وتابع ردة فعل، فوصل إلى النتيجة التي عجز أن يصل إليها كل قادة العرب والفلسطينيين؛ الذين يسمعون عن غزة من خلال الموظفين والتقارير السرية، لقد تأكد للمبعوث الدولي روبرت تيرنر بأن سكان غزة يرفضون الهزيمة، ويرتضون الموت ولا يقبلون الدنية بوطنيتهم، وسكان غزة يرفضون نزع سلاحهمم، ويفتخرون بشهدائهم وتضحياتهم، ولهم كرامتهم الوطنية، ولن يتخلوا عن وطنهم فلسطين حتى لو اعترفت القيادة بدولة إسرائيل.

لو لم يعش القائد تيرنر وسط الناس في غزة لما نطق بكلمة حق في وجه مجتمع دولي جائر، ولو أدى تيرنر عمله الوظيفي من مدينة باريس أو لندن أو تل أبيب، لما نطق بالحقيقة التي لامست معانيها حياة الناس في قطاع غزة، وصفعت وجه المحتلين الإسرائيليين الذي يحاصرون غزة، ويتفاخرون بأنهم يحاصرون غزة تحت سمع وبصر العالم.

لقد أكد تيرنر أنه سيواصل الدفاع عن غزة، وعن لاجئي غزة، وبهذا التصريح تجف الأقلام التي تحمل المقاومة مسئولية حصار غزة، وتطوى صحف السياسيين الإسرائيليين والعرب والفلسطينيين الذين اشترطوا نزع سلاح المقاومة لإعادة اعمار غزة، لقد أكد تيرنر على الحقيقة التي تزعج الصهاينة حين أضاف: إذا ما كان هناك من درس سآخذه معي من غزة، فهو أن إنكار حق سكان غزة في سلام عادل ودائم سيبقى في صميم محنتهم الإنسانية.

لقد اعترف مدير عمليات الأونروا بان الثلاث سنوات الأخيرة كانت أعظم سنوات حياتي المهنية من حيث الإنجاز وحجم التحديات، وذلك لأنه عمل في غزة، ومعنى ذلك أن غزة هي محور العمل الإنساني، ومركز الفعل السياسي على مستوى الشرق الأوسط، لقد أكد تيرنر على هذه الحقيقة وهو يغادر منصبه، في توقيت سياسي يعكس مصداقية الرجل في كشف الحقيقة، دون طمع، ودون محاولة للتكسب المادي أو المعنوي، وإنما يتحدث من منطلق إنساني، ووفق ما أملى عليه ضميره الذي ينبض بالوفاء للبشرية بشكل عام.

سكان قطاع غزة وكل الفلسطينيين لا يحلمون بأكثر من قيادة فلسطينية تهتم بقضاياهم بالقدر نفسه الذي اهتم بقضيتهم روبرت تيرنر، سكان قطاع غزة يتمنون أن تعيش القيادة الفلسطينية بعض أيامها في غزة مثلما عاش الأجنبي روبرت تيرنر عدة سنوات في غزة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات