تقرير: أزمة جناحي "اخوان" عمان تضر بالقضية الفلسطينية


جراسا -

كشف تقرير استراتيجي فلسطيني صدر قبل أيام عن مركز الزيتونة للدراسات الاستراتيجية المقرب من حركة حماس ان ثمة انعكاسات سلبية على القضية الفلسطينية في حال استمرار الازمة بين جناحي اخوان عمان.

وبالرغم من ان التقرير يميل الى تبني وجهات نظر جماعة الإخوان المسلمين تجاه تحميل الصراع الداخلي أبعادا اقليمية ومحلية قد تؤثر سلبا في القضية الفلسطينية، وعلى ما يسميهم التقرير"الشريحة الفلسطينية في الأردن"، فإنه بالمقابل يظهر حرصا واضحا على تجاوز الجماعة لصراعها وخلافها الداخلي الذي ادى الى انشقاق في وحدتها التنظيمية والمرجعية، وأظهر جناحا يتمتع بالشرعية القانونية والدعم الحكومي، وهو الجناح الجديد المتمتثل بجمعية جماعة الإخوان المسلمين وبدعم حكومي، وجناحا ثانيا يتمتع بالشرعية الانتخابية والثقل التنظيمي، ولا يحظى بدعم حكومي بالرغم من اشارة التقرير الى تصريحات حكومية رسمية بأن ما جرى ويجري داخل الجماعة هو شأن داخلي لا دخل للحكومة به.

ويرى التقرير الذي يعد الاول من نوعه يدرس انعكاسات ازمة الجماعة الداخلية على القضية الفلسطينية خارج جغرافيا الأردن، ان حجم انعكاسات الأزمة لم تتضح حتى اللحظة على قوة الجماعة وشعبيتها، وكذلك على القضية الفلسطينية، وعلى العمل الإسلامي لفلسطين، وعلى العلاقة مع حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية.

ووفقا للتقرير فإن ثمة تخوفات من تداعيات سلبية محتملة لتصاعد الأزمة، وتفاقم الخلاف على الوضع الفلسطيني في الأردن، وعلى القضية الفلسطينية قد تتمثل بالتأثير سلبًا في حالة التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية لدى بعض الشرائح المجتمعية، وتحويل الموقف من التفاعل مع الشأن الفلسطيني إلى قضية خلافية موضع جدل وتباين.

ويعتقد التقرير ان جزءا من السلبيات المحتلمة قد تضعف من الدور الإيجابي لجماعة الإخوان المسلمين في إسناد الشعب الفلسطيني ودعم حركات المقاومة؛ حيث تقوم بدور رئيسي في تحريك الشارع الأردني للتعاطف مع الشعب الفلسطيني وللتعبير عن مواقف مساندة للقضية الفلسطينية، فضلا عن التأثير السلبي في حالة التعاطف والتأييد الشعبي لحركة حماس وفصائل المقاومة؛ حيث أظهرت استطلاعات الرأي طيلة السنوات الماضية تأييدًا واسعًا في الشارع الأردني للمقاومة الفلسطينية وبشكل خاص لحركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام.

ويتحوف التقرير من امتداد تأثيرات الخلاف الداخلي بين جناحي اخوان عمان في وحدة المجتمع الأردني وفي تماسكه، عبر إثارة تناقض الأولويات وإشكاليات الهوية والمواطنة وفكّ الارتباط، وازدياد حالة الانسحاب والسلبية لدى الشريحة الفلسطينية تجاه المشاركة في الحياة السياسية؛ حيث أظهرت الانتخابات النيابية والبلدية التي أجريت في الأعوام الماضية ضعفًا شديدًا في مستوى مشاركتها بالانتخابات، ولا سيّما تلك التي قاطعتها جماعة الإخوان المسلمين التي ينظر إليها كثير من الأوساط السياسية على أنها من أهم روافع تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية في الحياة السياسية.
ويخشى التقرير من أن ينعكس توتر العلاقة بين الجانب الرسمي وجماعة الإخوان في الأردن بصورة سلبية على العلاقة الرسمية مع حركة حماس بحكم علاقات التنسيق المميزة بين الحركتين الإسلاميتين.

وضع التقرير ثلاثة سيناريوهات لتجاوز الازمة الداخلية بين جناحي الاخوان في عمان، وتمثل السيناريو الاول بتجاوز الأزمة الداخلية والحفاظ على وحدة الجماعة، وانفراج العلاقة مع الجانب الرسمي، وإيجاد مخرج من ازدواجية اللافتات التي باتت تحمل اسم الجماعة.

ومن شأن تحقّق هذا السيناريو ـ يقول التقرير ــ أن يحافظ على قوة الجماعة وحضورها الشعبي، وأن يعزز استقرار المجتمع ووحدته الوطنية، ويضمن استمرار دور الجماعة القوي في مساندة القضية الفلسطينية، ويحول دون تنامي نزعات التطرف والتشدد والممارسات العنفية في المجتمع، كما أنه يحافظ على نسق العلاقة الإيجابي الذي نجح النظام الأردني وجماعة الإخوان في بنائه طيلة العقود السابقة في محيط مضطرب سادته علاقات متوترة بين الحكومات والحركات الإسلامية.

اما السيناريو الثاني فهو استمرار الأزمة الداخلية، وتأجيل الحسم، وإطالة أمد النزاع القانوني، الأمر الذي سيؤدي إلى وجود إطارين سياسيين يمثلان الجماعة ويتحدثان باسمها، أحدهما محدود الحجم والقوة لكنه يحظى بالشرعية القانونية والدعم الحكومي، والآخر يمثّل الشرعية الانتخابية ويحظى بالثقل التنظيمي الكبير لكنه محروم من التعبير عن نفسه سياسيًا وإعلاميًا عبر لافتة جماعة الإخوان، ما يضطره إلى ممارسة النشاط السياسي والعمل العام عبر لافتة حزب جبهة العمل الإسلامي واللافتات النقابية والطلابية.

ورجح التقرير الاستراتيجي في هذه الحالة أن يدخل الإطاران في حالة من الاستنزاف السياسي والقانوني والتنافس التنظيمي. كما يرجح أن يترتب على ذلك كثير من السلبيات على صعيد وحدة المجتمع وتماسكه وعلى حالة الاعتدال المجتمعي التي أسهمت جماعة الإخوان في تعزيزها بفكرها المعتدل.

ويرى التقرير ان استمرار هذا السيناريو وتداعياته المحتملة قد يرتب الكثير من الانعكاسات السلبية على صعيد الموقف الشعبي من القضية الفلسطينية وقدرة الجماعة على مواصلة دورها القوي في مساندة الشعب الفلسطيني وحركاته المقاومة، كما قد يسهم في مزيد من السلبية السياسية لدى الشريحة الفلسطينية في المشاركة بالحياة السياسية وفي مستوى تمثيلها في الأطر السياسية للمجتمع والدولة.

ويتوقع السيناريو الثالث تصاعد الخلاف التنظيمي بين الجمعية والجماعة، وحسم الصراع القانوني سريعًا لصالح الجمعية المرخصة في قضية تمثيل الجماعة والسيطرة على ممتلكاتها، وإخراج الجماعة القائمة على الشرعية القانونية واعتبارها إطارًا غير مرخص، وصولًا إلى فتح مواجهة رسمية معها يتم بموجبها ملاحقة الجماعة والتضييق عليها.

ويرى التقرير انه في حال تحقق هذا السيناريو فإن الباب سيكون مفتوحًا أمام انعكاسات سلبية بالغة الخطورة على مختلف المستويات، على الدولة والمجتمع والجماعة، وعلى حالة الاستقرار والتماسك المجتمعي، وكذلك على القضية الفلسطينية.

ويعترف التقرير المهم بصعوبة ترجيح واحد من السيناريوهات الثلاثة في ظلّ المؤشرات المتوفرة، إلا أن احتمال الذهاب باتجاه فتح مواجهة مفتوحة بين الجانب الرسمي والجماعة (السيناريو الثالث) لا يبدو مرجحًا، في ظلّ عدم رغبة الطرفين بالاندفاع إلى علاقة كسر عظم من شأنها أن تلحق الضرر بالجميع، والخاسر الأكبر فيها المجتمع والدولة.

ويرى التقرير أنَّ فرص السيناريو الأول المتمثلة بالانفراج والخروج من الأزمة، لا تبدو هي الأخرى قوية في ضوء المعطيات الراهنة، إلا إذا حصلت تطورات مهمة على صعيد إدارة الخلاف الداخلي والعلاقة بين قيادة الجماعة وبين القائمين على الجمعية، بحيث تكون مدخلًا لإيجاد صيغة حلّ مقبول مع الجانب الرسمي.

وفي حال لم يحصل ذلك وأغلق الباب على فرص الخروج من الخلاف الداخلي ليكون مدخلًا لتهدئة التوتر مع الجانب الرسمي، فان السيناريو الثاني المتمثل بالاستنزاف والتنافس وإطالة أمد الأزمة سيكون الأكثر ترجيحًا في ظلّ تمسك الجانب الرسمي بموقفه الحالي وعدم رغبته بالتراجع، وكذلك تردده بدفع الأمور إلى حالة المواجهة وكسر العظم في ضوء الأوضاع السياسية المعقدة التي تواجه الإقليم وتفرض على الأردن جملة من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية.

وقدم التقرير جملة توصيات قال انه يمكن طرحها على أصحاب القرار المعنيين بإدارة الأزمة التي لن تكون في صالح احد في حال استمرارها، داعيا لفتح حوار داخلي في الجماعة يفضي إلى معالجة الإشكالات القائمة والتوصل إلى حلول توافقية مقبولة تنزع فتيل الأزمة وتحول دون تفاقمها.

واقترح التقرير الاسترايتجي الصادر عن مركز الزيتونة فتح قنوات الاتصال بين الجانب الرسمي وقيادة الجماعة لإيجاد مخرج مناسب للأزمة، وإعادة ترسيم العلاقة بين الطرفين بما يحفظ المكتسبات التاريخية للعلاقة، ويعزز الثقة التي تراجعت في الآونة الأخيرة، وتجنّب دفع الأمور نحو مزيد من التصعيد الذي لن يستفيد منه سوى أصحاب الأجندات السلبية والخيارات المتشددة والمتطرفة.

ودعا التقرير الى تنحية البعد الفلسطيني والتوقف عن إقحامه طرفًا في الخلافات التنظيمية والتجاذبات السياسية، وتعزيز الوحدة الوطنية في المجتمع الأردني، وتوجيه البوصلة باتجاه مواجهة الاحتلال، وتنسيق الجهود لمجابهة الأخطار المشتركة التي تتهدد الأردن والقضية الفلسطينية في آن واحد.

ويرى التقرير ان اسباب الخلاف الداخلي في الجماعة لا تختلف عنها لدى بقية الحركات والقوى السياسية، مشيرا الى ثلاثة عوامل رئيسية ادت الى بروز هذا الخلاف وتناميه، واولها العامل السياسي الذي يتعلق بالتباين في الاجتهادات والمواقف السياسية إزاء بعض القضايا المهمة، خصوصًا ما يتعلق بإدارة العلاقة مع الجانب الرسمي، والموقف من المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية، وكذلك الموقف من المشاركة في الحكومات، وثانيها البعد التنظيمي الذي كان الأكثر حضورًا في الخلافات الأخيرة داخل الجماعة، التي اتخذت طابع الاستقطاب والاصطفاف؛ ولا سيّما في فترة إجراء الانتخابات التنظيمية، مع ما رافق ذلك من عوامل شخصية وتنافس على الوصول إلى مواقع قيادية.

والعامل الثالث ــ يقول التقرير ـ انه بسبب محاولات التدخل الحكومية في صياغة المعادلات التنظيمية داخل الجماعة.

ويشير التقرير الى ان تكرار إقحام حركة حماس في الخلافات التنظيمية داخل الجماعة واتهامها بالوقوف مع أطراف على حساب أخرى أكثر من مرة خصوصًا في فترات الانتخابات الداخلية؛ حيث قد يلجأ بعضهم لتوظيف الموقف من القضية الفلسطينية والاستقواء بدعم المقاومة والتعاطف مع حركة حماس في حشد التأييد الانتخابي، فيما قد يذهب آخرون لاتهام حماس بالتدخل لصالح مرشحين على حساب آخرين، في محاولة لتبرير عدم تحقيقهم النتائج المرجوة في الانتخابات، عبر إلقاء المسؤولية على عامل خارجي.



تعليقات القراء

فيصل هيثم الزعبي
اللهم اهدي اخوان الحكومة فهم لايعلمون وهم ........
رد بواسطة يوسف السردي ابو لؤي
صدقت اخي والمشكلة انو اخوان الحكومة لاترغب ان تنقلب على فكر وانما على املاك اخوان المسلمين
24-05-2015 11:21 AM
مسكين
اخوان شرعيين واخوان انقلابيين
24-05-2015 12:59 PM
اهل مكة ادرى بشعابها
القضية الفلسطينية مسؤول عنها السلطة الوطنية لانها الممثل الشرعي والوحيد وغير ذلك يتم استخدام القضية لاغراض سياسية ومنافع شخصية لا تمت بصلة بجوهر القضية.
24-05-2015 01:51 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات