أشواك القمح !!


جراسا -

بقلم: م.أنس معابرة

أثرى الله عز وجل الكون بالأشكال والأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات، وكل فرد أو مجموعة في هذا الكون له ما يجمعه ويوحده، وله ما يتطلع اليه، وله مخاوفه وشكوكه وظنونه.

لذلك يحاول كل واحد منهم الوصول الى هدفه وغايته التي يتطلع اليها، ويسخر لها جل إمكانياته، ويستخدم وسائل هجومه ودفاعه المختلفة، والويل كل الويل لمن يحاول أن يقف في طريقه أو يعطل مسيرته.

وعند التأمل في الكائنات من حولنا نجد أن لكل واحد منهم وسيلة دفاعه الخاصة، والتي تكفل له البقاء على هذه البسيطة والإستمرار في الحياة، فالورد من حولنا ذو المنظر الجميل الخلاب والرائحة العذبة التي تخطف الألباب؛ يمتلك شوكاً قوياً يحيط بجماله وروعته، ويدمي كل من يحاول الوصول اليه وخطف أنفاسه منه.

ونبات الصبار، صاحب الثمار الأنيقة والطعم الحلو المحبب الينا، وذو الفوائد الصحية والبدنية الجمة، يحيط أوراقه وثماره بأشواك قاسية عنيفة، تمنع من حوله من الوصول اليه، وتجعل في تناوله صعوبة كبيرة.

وهنالك نباتات تمتلك وسيلة دفاع مختلفة، فهي ذات رائحة كريهة كالحلتيت، تجعل من حولها يتجنب لمسها سواء أكان من البشر أم من الحيوانات، وبعضها له مادة هلامية تجعله منفراً لمن حوله ولا يحب أحد أن يقترب منه.

ولكن أثار حفيظتي القمح، تلك السنبلة التي لها فضل كبير في إدامة الحياة على الأرض، ذلك المخلوق الذي يملك جاذبية الحياة للإنسان والحيوان، ولا يكاد يخلو منه بيت هنا أو هناك.

القمح وعلى الرغم من فائدته الكبيرة وأهميته العظيمة إلا أنه لا يمتلك شوكاً يدافع به عن نفسه، ولا يمتلك رائحة كريهة من أجل صيانة حياته وإستمرار بقاءه، بل تجده وقد أستسلم لمن حوله من أجل إيصال الفائدة لهم وإستمرار حياتهم مقابل القضاء عليه.

كذلك هم البشر من حولنا، لا يختلفون عن النباتات كثيراً، القليل فقط من الإختلافات في الأسماء والأهداف ووسائل الدفاع.

فبعضهم كالورد ذو رائحة جميلة وصيت كبير ومنظر خلاب، وقد أحاط نفسه بالعديد من وسائل الحماية ليمنع من حوله من إسقاطه أو النيل منه، ولكن حقيقته أنه لا يصلح لشيء إلا لكونه ذو منظر جيد مؤقتاً، وسرعان ما يختفي بريقه وتذبل بتلاته وتتلاشى رائحته.

وقسم من البشر كنبات الصبار، مؤلم في تعامله مع من هم حوله، ولكنه بعد هذا الألم والعناء تجد منه الطعم الحلو اللذيذ والفوائد الكثيرة، قد يقسو عليك بين الحين والآخر، ولكنه في النهاية لا يرجو الى مصلحتك ومنفعتك، ويتطلع الى رؤيتك في مواقع التميز.

وهناك من البشر كالحلتيت ذو الرائحة الكريهة، لا يصلح من أجل البشر أو الحيوانات ولا من أجل أي شيء آخر، بل إنه قد يلحق الضرر بمن حوله إذا إقتربوا منه ولو عن طريق الخطاً، فلسانه قذر وأخلاقه شيئة، وتصرفاته حمقاء، وردود فعله تحمل النزعة الهجومية دائماً.

والقسم الأخير من البشر كالقمح، يحتاج منك في البداية الى القليل من الرعاية والعناية والإهتمام، ويتكفل ببقاءك على قيد الحياة طوال الدهر، وقد تكون الآية مقلوبة؛ فهم يهتمون بك طوال حياتك، لتهتم بهم في أواخر أيامهم.

صنف نادر من البشر ذلك الذي يعطي الكثير الكثير قبل أن يشرع بالأخذ القليل، شموع تحترق من أجل أن تنير لك الطريق، أناس قلما تجدهم من حولك، ولو وجدتهم ستكون محظوظاً كثيراً، وربما هذه الصفة لا تنطبق إلا على الوالدين أو المعلم.

عزيزي القارئ الكريم، إنتبه جيداً لأصناف البشر من حولك، تأكد أن تحيط نفسك بكوكبة من القمح بلا أشواك، ومن الصبار ذو الأشواك المفيدة، وإبتعد كل البعد عن أولئك الذي لا يحملون في داخلهم إلا الإضرار بمن حولهم، ولا يملكون الفائدة لغيرهم.



تعليقات القراء

@ أمـيـر ألأحــزان @
عجبني المقاااال

رؤؤؤؤؤعه
20-05-2015 02:47 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات