مليون مغترب أردني يستثمرون في عقار وبورصة الخليج


جراسا -

رغم تراجع أداء كثير من المؤشرات الاقتصادية خلال الأعوام الأخيرة، إلا أن حوالات العاملين الأردنيين في الخارج ما تزال تصنف من بين دعامات الاقتصاد التي حافظت على قوتها.

وحافظت حوالات المغتربين على تماسكها منذ سنوات وسط موجة التغييرات التي اجتاحت العالم والمنطقة العربية، وبالأخص في السنوات الأخيرة.

وبينما تعرضت الحوالات خلال السنوات القليلة الماضية لمجموعة عوامل خارجية وداخلية، إلا أنها لم تتراجع إلا في العامين اللذين أعقبا الأزمة المالية العالمية، فيما ارتفعت الحوالات فيما يسمى بسنوات "الربيع العربي".

وفي المقابل؛ يدعو خبراء لضرورة قيام الحكومة بتشجيع زيادة الحوالات الواردة إلى الممملكة عبر رفع جاذبية الاستثمار المحلي وخفض الضرائب وتقديم الحوافز للمغتربين لأن بعضهم بات يفضل الاستثمار في دول أجنبية وعربية على الاستثمار في الأردن بسبب ارتفاع العائد.

وحافظت الحوالات خلال الأعوام الثلاثة الماضية على نسبة نمو تراوحت بين 2 % و5 %، فيما كانت تتذبذب في السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية بين ارتفاع وانخفاض طفيفين من العام 2009 حتى 2011.

وما قبل ذلك، كانت نسب نمو الحوالات مرتفعة ووصلت في ذروتها إلى 19 % في 2007 حينما كان اقتصاد دول الخليج نشيطا، وهي المنطقة التي تضم أكثر المغتربين الأردنيين.

وبلغت قيمة حوالات المغتربين العام الماضي 2.38 مليار دينار.

وحوالات المغتربين تشكل ما نسبته 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتعد مصدرا للعملات الأجنبية التي تدعم مؤشر الاحتياطي الأجنبي وتعزز الثقة بالدينار الأردني إلى جانب رفع الطلب المحلي بشكل عام ونمو ودائع البنوك.

لكن خبراء يؤكدون أن تسهيلات الاستثمار في الدول التي يعيش فيها المغتربون شجعتهم على إبقاء أموالهم هناك بدلا من تحويل جزء كبير منها للأردن، إلى جانب أن إحلال العمالة المحلية بدلا من الأردنيين وخاصة في المملكة العربية السعودية، أثر على النمو المتسارع في الحوالات.

ويبين الخبراء أن المغتربين الأردنيين الذين يعملون في دول الخليج التي ترتبط ميزانياتها التنموية بأسعار البترول تأثروا بعد هبوط أسعاره العام الماضي إلى جانب أن تغير النمط الاستهلاكي لأولئك المغتربين يقلل من ادخارهم للأموال.

ونما إجمالي حوالات العاملين خلال أول شهرين من العام الحالي بنسبة 2.6 % ليصل إلى 564.5 مليون دولار (400.2 مليون دينار) مقارنة مع حوالي 550.1 مليون دولار (390.0 مليون دينار) خلال الفترة نفسها من العام 2014، بحسب البيانات الأولية الصادرة عن البنك المركزي الأردني.

ويبلغ عدد المغتربين الأردنيين نحو مليون موزعين على حوالي 70 دولة، بحسب الإحصاءات الصادرة عن وزارة الخارجية.

وأظهرت البيانات أن 79.5 % من المغتربين الأردنيين متواجدون في دول الخليج العربي، و11 % في أميركا وكندا، و4.3 % في أوروبا،
و3 % في باقي الدول العربية.

وقال زياد الدباس وهو  المغترب في دولة الإمارات العربية: "المغترب الذي يرغب في استثمار أمواله بالتأكيد يبحث عن عائد جيد مع مخاطر أقل، لذلك فإنه ينوع استثماراته ويوزعها".


ويضيف الدباس "من خلال تجربتي خلال الأعوام من 2005 و2008، كان سوق عمان المالي يشهد انتعاشة، في حين أن العقار شهد ذروته بعد العام 2003، لكن بعد الأزمة المالية العالمية أصبحت بورصة عمان من أضعف الأسواق وسوق العقار مرتفع الكلف".

ويشير إلى أن المستثمر الأردني المغترب أصبح يتجنب دخول تلك الأسواق وخاصة إذا ما قارنها مع أسواق الخليج وتحديدا سوق الإمارات ذا الضرائب والرسوم الأقل.

ويلفت الدباس إلى أن السوق المالي في دبي يشهد تدفقا للأموال بشكل ملحوظ منذ سنتين، الأمر الذي يشجع المستثمرين على دخوله.

ويقول "إن المغتربين الأردنيين يحتلون المركز الأول ضمن المستثمرين العرب في قطاع العقار في الإمارات".

وتصدّر الأردنيون عدد المستثمرين العرب في عقارات دبي خلال الربع الأول من 2015، مع استثمارات بلغت قيمتها 708 ملايين درهم، من خلال 204 مستثمرين.

ويشير الدباس إلى أنه رغم ارتفاع سعر العقار في الإمارات مقارنة مع الأردن، الا أن عائده أعلى بكثير.

ويلفت إلى أن المغتربين الأردنيين يفضلون الاستثمار في سوق الأسهم والسندات والعقار في الإمارات أولا ثم قطر ثانيا وتأتي السعودية ثالثا نظرا لوجود بعض القيود.

بدورها؛ تقول الطبيبة خالدة التميمي والمغتربة في ايرلندا شمال بريطانيا، إنها وزوجها ابتاعا منزلا هناك كونه أقل ثمنا مقارنة بسعر العقار في المملكة بنفس المواصفات والمساحة.

وتضيف التميمي أنها لا تفضل شراء عقار في الأردن كونها لن تعود خلال المدى القريب وأن أولادها يتلقون تعليما وعلاجا مجانيين.

أما المهندس مأمون منصور والمغترب في السعودية، فيقول "أفضل الاستثمار في بلدي على أن أستثمر في بلاد الغربة، ولذلك قمت بتحويل مبلغ لأهلي لشراء عقار لي في العاصمة عمان واستثماره".

ويشير منصور إلى أنه "يحول كل فترة مبلغا نقديا لتلبية حاجات أهله في الأردن عن طريق محال الصرافة".

في حين تقول ربة المنزل خديجة علي، إن ابنها المغترب في إمارة رأس الخيمة يحول لهم مبلغا نقديا كل شهر كمصروف للعائلة يساعد في تلبية متطلبات الأسرة.

وتشير علي إلى أن ابنها يحول النقود شهريا على حساب بنكي لها ولزوجها الذي لا يعمل نظرا لكبر سنه.

وتضيف "ابني يرسل لنا المبلغ شهريا منذ ثلاث سنوات، وحول أيضا مبلغا لشراء أرض له كاستثمار في عمان لأن الأراضي تربح كثيرا".

ومن جانبه؛ يقول الخبير الاقتصادي د.يوسف منصور "في الأردن عجزان؛ عجز في الميزان التجاري وعجز في الادخار والاستثمار، وما يسد جزءا من العجز الأخير هو حوالات المغتربين".

ويشير منصور إلى أن الأردن أصبح يعتمد على حوالات المغتربين كونها مصدرا للعملة الصعبة وتدخل في حساب ميزان المدفوعات وتحفز الطلب المحلي.

ويبرر سبب النمو الطفيف في قيمة الحوالات بأن المستثمر يبحث عن مكان قليل الضرائب والرسوم لتحقيق عائد أكبر، وهذا ما يحدث من المغتربين الأردنيين عندما يجدون أن الاستثمار في الخارج أفضل من داخل بلدهم.

ويقول منصور "ليست لدينا تسهيلات كتلك التي تقدمها دبي في قطاع العقار، لأجل ذلك فإن أكثر المستثمرين في هذا القطاع في الإمارات من الأردنيين".

ويشير إلى أن حوالات المغتربين قد تكون تأثرت بهبوط أسعار النفط في دول الخليج منذ حزيران(يونيو) الماضي، بالاضافة إلى أن سعر الفائدة على الدينار قليل في الأردن في حال الوديعة مقارنة مع تلك في الدول التي يتواجد فيها المغتربون.

ويرى منصور أن أهالي المغتربين الأردنيين ينفقون الأموال التي تحول لهم على حاجياتهم اليومية أو متطلبات ضرورية، لذلك فإن هذه الأموال معظمها تذهب للاستهلاك المحلي.

وبدوره؛ يقول الخبير الاقتصادي زيان زوانة "نحن في الأردن مواردنا من العملات الأجنبية قليلة، ولذلك فإن حوالات المغتربين مورد أساسي للعملات الأجنبية إلى جانب الصادرات وأخيرا السياحة والاستثمار".

ويشير زوانة إلى أن الأردن يتشارك مع دول أخرى تعتمد على الحوالات كمصدر أساسي للعملات الصعبة، وهي الهند ومصر ولبنان وباكستان.

وتشكل تحويلات العاملين اللبنانيين حوالي 16 % من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان وتبلغ سنويا معدل 7 مليارات دولار ويبلغ عدد المغتربين اللبنانيين نحو 9 ملايين مغترب؛ أي ضعف عدد السكان الأصليين، في حين تبلغ تحويلات المغتربين المصريين سنويا نحو 18 مليار دولار وعدد المصريين المغتربين في الخارج حوالي 8 ملايين مصري يوجد نحو 70 % منهم في دول الخليج العربي.

ويبين أن أثر الحوالات يظهر بشكل إيجابي في الطلب المحلي سواء الاستهلاكي أو الاستثماري سوق العقارات تحديدا.

ويوضح زوانة أن أسباب النمو الطفيف في حوالات المغتربين تكمن في أن الأردنيين أصبح لهم منافسون من المواطنين المحليين في الدول التي يتواجدون فيها، وخاصة في السعودية التي تعمل على نظام "السعودة".

ويشير إلى أن الحوالات بدأت تتأثر سلبا بعد الأزمة المالية العالمية والاستغناء عن بعض المغتربين الأردنيين من شركات في قطاعات مالية وخدمية.

ويضيف زوانة أن تفضيل الاستثمار في دول الخارج وخاصة في دبي وقطر نظرا للتسهيلات المقدمة لهم هناك مقارنة مع بلدهم، يقلل من قيمة تحويلات المغتربين الأردنيين.

ويشير إلى أن مستثمرين أردنيين أصبحوا يغادرون بلدهم للاستثمار في الخارج هربا من الضرائب والرسوم المرتفعة.

ويضيف زوانة أن من الأسباب الأخرى لتراجع النمو في الحوالات، أن ادخار المغتربين في الخارج أصبح أقل نظرا للغلاء في البلدان التي يعملون فيها وتحولهم لنمط استهلاكي يقلل من توفيرهم.
ويرى زوانة أن الظروف السياسية المحيطة في المملكة واقتراب التوترات من الحدود يؤثر أيضا على الاستثمار.الغد



تعليقات القراء

اقتصاااادي
والاردن بلا دعائم اقتصاديه حقيقه تجعل من الاردن منبع داخلي للاقتصاد وانتاج العمله، بل مجرد تصريف للاموال الاتيه من الخارج!
17-05-2015 10:31 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات