قراءة في الضوء الأزرق


عندما تطالع ما سطره الفلسطينيون، عبر الأزمان، من أدب وشعر، كأمثال جبرا إبراهيم ويحيى يخلف وماجد أبو شرار واميل حبيبي وخليل بيدس وغسان كنفاني وحسين البرغوثي واميل توما وحنا أبو حنا وتوفيق زياد وسميح القاسم وإبراهيم طوقان والذي مات محمودا وعاش درويشا : "محمود درويش"، يخال لك العبور ببطء تحت جناح كلماتهم وجمالية نقدهم وتصورهم لوقائع مدن فلسطينية واحداث أكل عليها الدهر وشرب، وحتى ما نقلوه عن مجازر لا تنتسى، كانت قد أودت بحياة النساء والشيوخ والأطفال والعزل.

هل يتجرأ الفلسطيني أن يسطر حلم شعب، دمه على كفه، ورقيا؟ كيف يحلم الروائي الفلسطيني بالتحرير والوحدة؟ زقزقة طيور النورس وكوب قهوة دافىء، والنظر في حقول الزرع، تجعل كان ما يكون، أن يبدع؟! نصف حقيقة!.

القهر وتغلغل الجراح جعلا من الروائي الفلسطيني بابا مفتوحا لتقدم الرواية العربية في الشرق الأوسطي المنكوب، ليس مستغربا أن يكون الفلسطيني مبدعا، بالفطرة، لأنه قاسى ودافع عن أرضه وأشجار اجداده وبرتقال الضفة الحزين، وكان بحروفه ندا منيعا أمام العدو الغاشم، وسطر بجراحه ومآسيه صكوك الشموخ والانتصار.

... جدارية أدبية فلسطينية، نقشها الروائي "حسين البرغوثي"، عبر سجاله مع واقع رخو آليم، وذاكرة لعينة في شتات دائم، وقلب كجلمود صخرة على كتف جبل "المكبر".. الضوء الأزرق.

نقول ولا نتقول، بأن البرغوثي في تحفته الأدبية "الضوء الأزرق"، مكن القارئ لأن يفكر ويشعل حواسه الخمس في محاولة أستقراء ما وراء سحر الكلمة، كما وحرص على النظرة البعيدة للثورة – الفلسطينية خاصة في مسألة التحرير والوحدة. وكان على حسين البرغوثي، أن يفرق بين كفاح الكلمة في الجهاد وغريزة التملك : تملك الأرض والجبال وأشجار السنديان..

للبرغوثي أفكاراً غريبة عجيبة في افتهام الحياة، تمخضت من جوف القراءة، ربما، أوحرصه في تطبيق القاعدة الأرسطوية الخالدة :أعرف نفسك بنفسك"، وأيضا، تجاربه اليومية اكتسحت مجالا وأسعا في "الضوء الازرق"، بشكل لا يخفى على قرائها ..

لا ادري ما النبيذ الذي كان يشربه حسين البرغوثي، لكني على يقين بأن فاه يلفظ عبارات في النفس وسيكولوجية الإنسان المقهور، ويبتعد عن فهم الأمور بالمعنى الطوباوي، قد شرب عسل الحياة بحلوها ومرها .. هذه السيرة ثائرة بمعانيها الصادقة.

وعندما يتأثر البرغوثي بـ الفيلسوف الألماني " فريدريك نيتشه"، في محاولة تصويب فؤاده وغربلة أوجاعه بما يتناسق مع عذوبة الكلمات والمعان، أعلموا بأن حسين مقهور جدا، جدا، جدا..

كما أن البرغوثي أرثى في "الضوء الازرق"، فرانز كافكا، متعمدا ان يذكره بالجنون والانفصام، ولكن، من تحت المجهر، قد يكون حسين قام بتقمص شخصية كافكا الجنونية، لكن لفترة قصيرة. في المرحلة الدراسية. وربما أكثر.. لست أدري!

حسين البرغوثي استنشق عبير الكلمات والمعان، وأبدع!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات