ماذا يجري ؟


لقد بات الواحد منا في حيرة من امره في ما يجري على الساحه السياسيه العربيه , فلم يعد العقل يستوعب المستجدات التي تخرجنا من بوتقة تقديراتنا وتوقعاتنا لما يجري .

لقد باتت الدول العربيه حقل تجارب للصراعات والنزاعات والانشقاقات التي فتتت كيانها ووحدتها , بل اصبحت حقل تجارب حيه للاسلحه الحديثه الفتاكه التي يدفع ثمنها بالمليارات , والتي تضخها مصانع السلاح في العالم لتستخدمها هذه الدول في تدمير نفسها بنفسها .
والضحية هي شعوب هذه المنطقة التي اجتاحها طوفان ما سمي بثورات التغيير ( الربيع العربي ) ,

وهو في الحقيقه تغيير في خريطة هذه الدول , وتجهيزها لمرحله قادمة من التقسيم .
فأينما نظرت من حولك تجد دماراً وتقتيلاً وسحقاً لكيانات هذه الدول , ومحواً كل ما وصلت اليه من بنية ماديه وثقافيه وسياسيه وفكرية .

فبؤر الصراع تتنقل في المنطقه من مكان لاخر بسرعة اكبر من انتقال فيروس ايبولا , وكورونا , وانفلونزا الخنازير .

اليس هذا امتداداً لفتنة منظمه اريد لها ان تنهش كيان امتنا بلداً بلدا ؟
اليس هذا مخططاً ممنهجاً لتفتيت هذه الامه وتدمير بنيتها وقوتها ؟

ليس الامر كما يروج له الاعلام الغربي , بأن ما يحدث انما هي ثورات شعوب على واقعها , وصراعات طائفيه ومذهبيه , وصراع على السلطه .

فهذه الطوائف والمذاهب موجوده منذ ازمان بعيده , وكان يسود التعايش فيما بينها , ولم نسمع بالتطرف والغلو والتكفير والارهاب الفكري , وظهور جماعات متطرفة , الا في هذه الايام العجاف , التي نُزعت منها البركه والامن والامان .

اما الصراع على السلطه فهو قائم منذ خلق الانسان , والتاريخ رصد احداث وملاحم الاستحواذ على السلطه , ولكنها بمجملها لم ترقى لما نحن فيه من صراعات واستحواذ على السلطه , والتي قارب عدد ضحاياها في احدى دول الصراع العربي المليون قتيل .

والسؤال المطروح , ما الذي يجري ؟ وما نهاية هذه المأساة ؟

لقد استوقفني مقال مؤرق في صحيفة “الفايننشال تايمز″ للخبير البريطاني في شؤون الشرق الاوسط ديفيد غاردنر ، فقد طرح سؤالا مهما مفاده “هل يمكن اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل “ثورات” الربيع العربي في دول مثل ليبيا وسورية والعراق واليمن؟

واجاب على السؤال بالنفي ، وطالب بعقد سياسي جديد للدول او الامارات الجديدة التي ستظهر على اسس فيدرالية او كونفدرالية .

وهذا التحليل ارتبط لدي مباشرةً بمحتوى ملف الدراسة الذي تسربت من البنتاجون في الآونة الاخيرة والمتعلقة بالصراع العربي , ونشرت تسريباتها صحيفة “نيويورك تايمز″ الأمريكية ، والتي كشفت عن وجود مخطط يقضي بتفتيت الدول العربية قبل نهاية عام 2015 ، وعلى النحو التالي : تقسيم خمس دول عربية إلى ( 14 ) دويلة , منها تقسيم سوريا إلى ثلاث دول على خلفية الصراع المذهبي والديني ، واحدة للطائفة العلوية ، ودولة للأكراد , وانضمام سنة سوريا إلى المحافظات السنية في العراق، لتشكيل دولة سنيه .

وفي العراق استغلال النعرات الطائفية بحيث يتحد شمال العراق مع دولة الأكراد في سوريا ، أما الوسط السني العراقي يتحد مع سنة سوريا ، فيما يبقى جنوب البلاد للشيعة .

وفي ليبيا دفع النعرات القبلية إلى الانقسام إلى ثلاث دويلات، واحدة في الشمال الغربي وعاصمتها طرابلس ، والثانية في الشرق تتبع لبنغازي، إضافة إلى دولة فزان التابعة لسبها. 

وفي اليمن الذي يعاني الفقر والانقسام , وسيطرة الحوثيين فيه على السلطه والذي قاد الى تدخل التحالف العربي لاعادة رئيسه الشرعي الى السلطه , فسيصبح يمنين ، شمالي وآخر جنوبي .

وتراهن الدراسة على تحقيق النجاحات المتتالية ، بتقصير المدة، وتعزو ذلك إلى وجود انقسام أيديولوجي وفكري وعرقي وطائفي وصل إلى حد التجذر بشعوب المنطقة ، وترى الدراسة بأن المرحلة الراهنة للمنطقة العربية هي الأنسب لتنفيذ السيناريوهات في ظل الازمات الشديدة لبعض الدول العربية ، وانشغالها في أوضاعها الداخلية , وكل هذه المخططات تصب حتماً في مصلحة إسرائيل ، إضافة إلى ضمان شحنات البترول لأمريكا وأوروبا .

اذاً ما يجري هو عباره عن تنفيذ لاجندات ومخططات ترعاها الدول المعادية لهذه الامة , وعلى رأسها الصهيونية العالمية , ونحن ننفذها خطوة بخطوه , رغم علمنا بما يحاك لنا , وكأننا جميعاً تحت تأثير تنويم مغناطيسي , نأمل ان نصحو منه , قبل فوات الاوان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات