يبدو أن صفة الأرقام قد طغت على كافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية في البلد ، وهي عدوى سليمة ومقبولة بل هي الأسلوب الأمثل لمعرفة الحقائق بشكل مختصر وبسيط ، وهذ لغة جاءت عدواها من دولة رئيس الوزراء عبدالله النسور صاحب القدرة التحليلة ، والمستندة على خبرة الكبيرة في الأرقام وحساباتها وما ينتج عنها .

وأخر هذه الأرقام ما تم تقديمه من قبل الملكية ردا على سؤال من قبل أحد النواب ،وهي أرقام تؤدي الى " صُداع وطني " بكل ما في الكلمة من معنى ، هي شركة طيران وطنية يساهم بها الشعب ومجموعة من رجال المال والحكومة ؛ أي ان أموالها لابد وان تخضع للمراقبة والمحاسبة بقوة حقوق المواطنين البسطاء وليس الحكومة أو رجال المال.

ومن بين هذه الأرقام أن ما يتم صرفه سنويا على موظفي الشركة في الخارج والبالغ عددهم 355 موظف هو 13 مليون دينار ، وبمتوسط حسابي شهري يكون كل موظف يكلف 3051 دينار أردني ، وهو راتب يعادل راتب وزير وراتب نائب وربما راتب مستشار الحكومة ، ورقم أخر يقول أن تكلفة رواتب موظفي الشركة في المركز وعددهم 3051 موظف تبلغ 71.5مليون دينار أي بمتوسط حسابي شهري يبلغ 1974 دينار لكل موظف ، وبالعودة لأخر ما خرجت علينا به دائرة الاحصاءات العامة بأن 51% من الأردنيين يتقاضون رواتب أقل من 500 دينار ، وهنا تظهر وبوضوح بأن هناك قرارات سياسية محلية تطغى على القرار الاقتصادي وتؤدي الى وجود حالات كثيرة من الترهل الوطني .
وكل هذه الحالات من الترهل في مؤسسات كثيرة وطنية تكون نهايتها أن تتحول تلك المؤسسات الى صناديق معونة وطنية للمتنفذين فقط وليس للفقراء من الشعب ، وتكون النهاية كذلك آزمة وطنية اجتماعية تقف امامها الدولة كالصنم ولاتستطيع أن تجد لها حل ، كونه وبمجرد طرح الحلول الاقتصادية السليمة ستصبح القضية قضية وطن وليس قضية فشل إداري سياسي محلي واضح كالشمس في كبد السماء ، وهذا هو الصُداع الوطني الذي يعيشه الأردنيين ممن هم في خانة ال51% من نتائج دائرة الاحصاءات العامة .