أمة تحترق


اشد انواع الاحتراق ان تحترق المبادئ السامية والقيم العميقة والفهم الصائب عند الافراد , المكون الاساس للمجتمعات المسلمة , وتنشأ فرق و معسكرات تدريب ومناطق تجمع , وحواضن فكرية متكاملة , في مختلف مناطق العالم الاسلامي بفكر خاطئ , بعيدا عن الحق والانصاف , ونتاج ذلك اخراج افراد الامة من دينهم , وينصبون انفسهم دعاة على ابواب الجنة , بعيدا عن عدالة الله في ارضه وعلياءه في سماءه, و هذا التململ والمخاض الذى تشهده امتنا للنهوض والاستيقاظ بعد سبات طويل ’ استأسدت فيه عصب البغاث فينا واشباه الرجال , بعقليات المؤسساتية الاستثمارية بشفط خيرات البلدان والتنفع على حساب ضمير الامة وعزها وكرامتها , بعقلية الطابع المستبد ’ و تحكم العقل في التفكير والسلوك الجبري للمجتمعات , بعيدا عن خطاب لله المتعلق بأفعال المكلفين , الحكم الشرعي .

و يتصدر افراد في اتخاذ القرارات المصيرية نيابة عن الشعوب , برسم السياسات , وتقوم على نهجها ونبضها العلمانى، اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة , وتهميش دور العلماء الربانيين في اتخاذ القرارات المصيرية , وادارة الظهر للعقيدة السمحة , والفكر المبدع , بتوزيع الثروات بعدالة السماء (العدل اساس الملك) ، بالتالي نحن الان كأمة في مازق مأزوم يتحكم شذاذ الآفاق بالمجتمعات, المصليين على بوصله حلف الناتو , المتشيطنينَ بالأفكار التلمودية , والمتخندقينَ في صفوف القواعد الاجنبية , يؤخرون نصر الامة وعزها وتمكينها, بالانتماءات الضيقة والوطنيات المأفونة .

واشد ما دخل على اوطاننا خطرا وجورا وظلما منذ بداية القرن المنصرم وخصوصا في سجون كبريات الدول العربية هو تعذيب المسلمين بوحشية فاقت التصور البشري جسديا ومعنويا وفكريا ’ فالجسد ناله دمارا شاملا تدخل المسامير كل انحاء جسده وتفقأ عينيه ويطفئ بجسده وعينيه اعقاب السجائر , ويؤتي بالرجل فتغتصب زوجته امامة او اخته او امه , ويداس على المصاحف بالأقدام ’ عداك عن الالفاظ النابية القاذعه , وكذا في سوريا و العراق وابو غريب وسجون القهر ومناطق اهل السنة تم تهجيرهم وقتلهم وتعذيبهم , دون رحمة او شفقة, ومن اقبيه هذه السجون والقهر الانساني وغيرها على مساحات اوطاننا العربية , ومن اعماق القهر والظلم والاستبداد والغاء الاخر ظهر التكفير بعقيدة توازي حجم التعذيب والقهر بتكفير الانظمة والمجتمعات التى ترضى بحكمهم.

فعلان يمشيان ويمارسان في عالمنا الاسلامي بخط متعرج تماما يجانب الخط المستقيم الذى رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للامة بقول لله سبحانه وتعالى (قُلْ هذه سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيِّبُ الزاني، والنفسُ بالنفسِ، والتاركُ لدينه المُفارِقُ للجماعة» رواه مسلم

بَيْد أن المشارِبَ والافكار في زمننا تعدَّدت وتنوعت ، والطرقَ المُوصِلة للمنهج للحق تفرَّعَت وفرخت ، وما بين مُوصِلٍ للغاية وهدف الاسلام وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، أو هاوٍ بسالِكها بجلباب الايمان إلى مكانٍ سحيقٍ، أو سالِكٍ وعرًا على شفَا جُرُفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم ، هنا يظهر طوق النجاة من كلام الصحابي الجليل ابن مسعود في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال خطَّ لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا خطًّا فقال هذا سبيلُ الله ، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينِ الخطِّ ويساره وقال هذه سُبُلٌ على كلِّ سبيلٍ منه شيطانٌ يدعو إليه ثم تلا قول الله سبحانه وتعالي ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) .

وفي الليلة الدهماء يُفتقدُ القمر ، وفي اليوم القائظ شديد الحر والقر يُستجلَبُ الظلُّ ، ويُستعذبُ المورِدُ العذب ، وفي خِضَمِّ الفتن والخلافاتِ التي تموجُ كموجِ البحرِ العاصف ، يبحثُ المسلم عن سفينة النجاة التى توصله الى الله بهدى النبي صلى الله عليه وسلم و قَبَسِ من نورٍ النبوة يُضِيءُ له الظلمات ويمشي به في الناسِ، أو عن طوقِ نجاةٍ يتَّقِي به أمواجَ البحر اللُّجِّيِّ الذي يغشاهُ موجٌ من فوقه موج , مع فتن اقبلت كقطع الليل المظلم يتبع اولها اخرها , والزوابِعِ الفكرية التى تمسك بطرف النص وتتناسي متنه تجعلُ الحليمَ حيرانًا, وهنا يظهر دور العلماء الربانيين الذين يوضحون للناس دينهم وقليل ما هم والله لا يضيع دينه وعبادة ابدا والله متم نوره ولو كره الكافرون .



تعليقات القراء

د محمد يوسف
ابدعت طاب المداد افكار عميقة جدا تستحق المراجعه اشكر قلمك الاستاذ عاطف المناصير ولا فض فوك
09-04-2015 05:42 PM
علا محمد
فعلا احتراق المبادئ أساس احتراق الأمم ..

رؤيا عميقه أتمنى تفصيلها ضمن مقالات عده،،
طاب مدادك أستاذ عاطف المناصير
09-04-2015 11:17 PM
اسماعيل
نعم( العدل أساس الملك) ولينصرن الله أمة غير مؤمنه( لنظامها العادل) على أمة مؤمنه ( ظالمه ) لإن الظلم ظلمات تحل على حياة الأمه من تقتيل وتدمير وعذابات على أفرادها.
11-04-2015 08:14 AM
م . عاكف عبيدات
كلام في الصميم من شخص رائع عسى ان يجدي نفعا في امتنا أخي عاطف.
13-04-2015 07:01 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات