غرايبة يكتب: " الباشا " البلاونه !


جراسا -

خاص - كتب ادهم غرايبة - في توقيت متزامن , كان الدفاع المدني الأردني ينقذ أرواحا عدة في غير مكان , مراهق عاشق كان يهدد بالإنتحار من على بناية شاهقة في عمان , لم يستكمل بنائها , تكررت عليها حوادث التهديد بالإنتحار لأسباب متنوعة , يمكن لصاحبها أن يفكر بتأجيرها للراغبين بالإنتحار كأفضل مشروع إستثماري تزامنا مع وباء البؤس المتفشي هذه الأيام بسبب الحالة الاقتصادية و غياب الاحساس بموسسات الدولة . و ينقذ – ذات الجهاز - أرواحا بيضاء لأطفال عراقيين غدر بهم موج البحر الميت , فخطفهم بعيدا عن حضن أمهم الآمن , ليجمعهم حضن شهم أردني سخره الله لهم , ليكون سببا لنجاتهم , بعد أن احتضنهم لأكثر من نصف يوم , مستعيبا على نفسه أن ينجو بنفسه بشرط أن يتركهم لمصير بائس , مكابدا مشقة إحتضان طفلين يفترسهما الهلع و التعب و الجوع و الماء المالح في بحر إسمه لوحده يبعث الرعب!

الوكيل عمر " الباشا " البلاونه كان سببا لإدخال الفرحة لقلوب كل الأردنيين بالقدر ذاته الذي أدخله لقلوب الأسرة العراقية الذين ماج بهم بحر الدم و الطائفية و الارهاب في عراقنا الحبيب الذي يحظى باحترام خاص لدى عامة الأردنيين . الفرحة لم تكن في حيثيات البطولة التي جسدها , بقدر ما هي تكمن في تذكير الناس بأن الدنيا ما زالت بخير حقا, و ان النموذج الاجتماعي الذي تربينا عليه قبل حقبة الفساد المنظم مازال بيننا حيا يرزق . حينما كانت معايير الرجولة و رصيد النخوة أهم بكثير من الرصيد البنكي !

يقع عامة الناس في خطئية كبرى حينما يوسعون نصف قطر حديثهم عن الفاسدين فيشككون بكل صاحب قرار و مسؤول . غير صحيح أن كل وزير فاسد و أن كل مدير دائرة لا ينتج و ان كل ضابط كبير منظر بلا محضر . هناك منتمين حقيقين لبلدنا و الواجب تكثيف المطالبة و الضغط من أجل تنخيل أجهزة الدولة لتنقيتها من " الزوان " الذي أصابها .

"عمر باشا البلاونه " هو , بالضرورة , نقيض موضوعي و عدو صريح لبضع عشرات من الفاسدين الذي إشتغلوا طيلة الحقبة الماضية على تفريغ الاردني من شهامته و تخفيض منسوب انتماءه للاخرين من حولة . من المهم ان يدرك الناس ان سبب تراجع وضعهم المعيشي هو السطو الصريح على مقدرات الدولة و ممتلكاتها العامة و فوضى الضرائب و إغراقها في ديون لا نعرف اين تصرف, سيما ان ميزانيات المشاريع العامة وهمية و مضخمة , الأهم من كل ذلك أن لا تجف فينا ينابيع النخوة و أن يبقى بحر تمسكنا بدولة مدنية حديثه و بهوية وطنية صريحة في حالة مد دائم. حالة تردي اداء الحكومات و إغترابها عن مواطنيها ليست سببا لإنكار البلد و لا مسوغا للبرأة منها و لا مدعاة لمزيد من السلبية , مثلما هي ليست سببا للسكوت و القبول و التعايش مع الوضع القائم !

تكرار الحديث عن النماذج السيئة و كثافة إستحضار العينات الاجتماعية الفاشلة على حساب الاشخاص الطيبين و الناجحين هو مساهمة في تسويغ الإنحطاط العام و قبول بالتردي الدائم .

في قصة " الباشا " البلاونه الكثير من الدروس و العبر, لعل أهمها اننا نستطيع أن نحتضن البلد كي ننقذها من بحر الفساد و الطائفية و الجهوية و الاقليمية و العشائرية و التوارث السياسي , و ان نعفي أنفسنا من الدمار الذي نراه أمام أعيننا في كل محيطنا العربي, كي نصل – شعبا و حكما - لشاطئ دولة راسخة تحتكم لدستور يقدس الشعب و يحاسب الفاسد المالي و السياسي و الاداري , و مؤسسات تنتمي لدولتها !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات