عاصفة الحزم .. ما هي في حقيقتها


بين الحرب الإعلامية الشرسة التي يشنها العديد من الإعلاميين المصريين على قطر و المصالحة الجريئة التي تمت بين القيادة المصرية و القطرية مؤخرا شاركت قطر بالقمة العربية بشرم الشيخ في خطوة لم يكن الكثير من الإعلاميين و السياسيين في مصر يتوقعونها إطلاقا، فتصاعدت أدخنة التوتر بين مصر و قطر منذ إندلاع فتيل المواجهات بعد ثورة 30 من يونيو مما أدى الى شلل العلاقات الثنائية بين البلدين بصورة كبيرة جدا لدرجة ان الكثير نَوًهَ عن عدم امكانية حدوث مصالحة مرجوة في القريب العاجل إطلاقا، و مع حرب المصالح الشرسة التي تتزعمها ايران في لبنان و اليمن و المحادثات بينها و بين أمريكا حول برنامها النووي من جهة و بين الخلاف الأمريكي الصهيوني الحاد حول النهج الضروري لحل الأزمة مع ايران حيث ترى أمريكا ان الحل الدبلوماسي هو الأنسب بينما ترى القيادة الإسرائيلية أن عدم المرونة مع ايران و الضغط هو سيد الحلول...و بعد ثورة الربيع العربي التي عصفت بأمتنا العربية بصورة شرسة...و مع غياب العراق حيث كان الرادع الأكبر لإيران بالمنطقة...أخيرا شعر العرب بالمخاطر الإيرانية بالمنطقة و ضرورة ايقاف سياستها الإمبريالية التي تتمدد بصورة جَلِيًة من خلال حزب الله بالجنوب اللبناني و حلفائه من الحوثيين باليمن...اخطبوط من المواجهات كان يهدد كيان المنطقة بأكملها،

لن أدخل بالتفاصيل المُلِحًة و الدقيقة للحرب في اليمن، فالكثير يعلم مركز اليمن الإستراتيجي بالنسبة الى مضيق باب المندب او ما يعرف بالإنجليزية Bab El-Mandeb Straight و حساسية موقعه للحركة الملاحية بالمنطقة و تأثيره على ناقلات النفط التي تمر به حيث تمر من خلاله 30 بالمئة من مجمل الحركة الملاحة النفطية بالعالم...الكل يعلم أن إيران تتكلم مع المنطقة العربية من خلال حلفائها السياسيين الذين هم أوراق ضغط خطيرة على منطقة الشرق الاوسط و قد يكونوا اوراق اشعال فتيل للأزمات حينما تريد بالمنطقة، فالنظام السوري و الذي هو حليف استراتيجي لها على حافة الإنهيار مهدداً أن يتسبب بفراغ قوة أكبر من الحالي داخل الاراضي السورية، حيث إذا حصل هذا سيكون هنالك انعكسات سلبية و استرايتجية أكبر على منطقتنا العربية، و فشل الساسة اللبنانيون بإيجاد أزمة لحزب الله في الجنوب حيث يمتاز هذا الحزب بالفكر الجهادي بصورة مطلقة بعكس فكر الدولة اللبناني المرتكز اساسا على الديمقراطية و الحوار السياسي و نظام المؤسسات التي ترعى شأن الدولة و مصالح الشعب اللبناني...شتان بين العُمرين...فكيف سيجتمع حزب جهادي شرس له قيادة و جيش داخل الاراضي اللبنانية على طاولة الحوار مع دولة ديمقراطية لن تعيش بوجوده ككيان سياسي إطلاقا...؟ كيف لدولة أن تكون لها جيشان و قيادتان منفصلتان؟ فحينما ارادت اشعلت ايران حرب عقائدية في لبنان و المنطقة منذ انسحاب اسرائيل من الجنوب اللبناني في عام 2000... لتسبب الارباك و الشلل في الحياة السياسية اللبنانية الى يومنا هذا...

الحوثيون باليمن هم ورقة لعب جديدة في يد ايران...و لكن في هذه المرة انقلب السحر على الساحر...فحينما لعبت بهم لم تدرك أن الأحداث الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط تركت رواسبها السلبية في الحوار السياسي بين الدول العربية و قادتها بالمنطقة كلها، فكمية التوتر كبيرة جدا بمنطقة الشرق الأوسط مما دفع بجامعة الدول العربية حفاظا على ماء وجه الأمة العربية التي مزقها الربيع العربي و ارهقها سياسيا و و اقتصاديا حيث تشعر الجامعة بالمرارة مما يحدث في سوريا و العراق و ليبيا و عجزها عن تدارك تلك الأزمات بالسرعة المرجوة نظرا لحجم المصاب الكبير...بإيجاد القوة المشتركة، و أظن انها تريد القول للعالم باسره و لإيران بأننا كعرب موجودون بالرغم من ثقل المصاب في البلدان العربية...بأننا نستيطع ايجاد آليات الضبط و الربط بالمنطقة حتى لو تأخرنا و لكننا نستطيع...بأننا نشعر من ثقل النكسات أننا مهددون ككيان عربي بالكامل و لنا استراتيجيتنا التي نستطيع من خلالها العمل تحت مظلت الامم المتحدة للدفاع عن هويتنا و وجودنا كعرب حتى لو كانت هذه الحرب طائفية الهوية...فالأغلبية الساحقة من العرب ينتمون الى الطائفة السنية و لكننا عرب بالمنبت و الأصل و لنا هوية للدفاع عنها، الخوف احيانا يولد القدرة على الكفاح من أجل البقاء...

و لا أعلم ماذا كان العالم يتوقع من منطقة الشرق الاسوط، فالتوتر الذي ساد بالمنطقة لفترة طويلة ارغم جاكعة الدول العربية على التكلم بهذه اللهجة مع ايران و ارسال هذه الرسالة الإستراتيجية و العسكرية الى العالم، فكثرة الفوضى في الكثير من الأيحان تخلق الخوف...و الخوف يجبر صاحبه على اظهار المخالب للكفاح من أجل البقاء و للدفاع عن نفسه و الزمجرة بوجه عدوه...فلذلك اشعر في ذاتي أن عاصفة الحزم هيا بُشْرَةْ خير أولية و مبدئية للمنطقة بأكملها..فتوحدنا تحت راية "أن الفوضى بالمنطقة خلقت في وجداننا كعرب ضرورة التفاهم و الوحدة حول القضايا المصيرية"، و حتى لو رأى بعض من السياسيين أن هذه العاصفة هي ضعيفة سأختلف مع هذا الرأي...بأن كثرة الضغوطات من الربيع العربي خلقت الفوضى الخلاقة...فبداية موسم الغيث قطرات من السماء...و هذه بداية الغيث للمنطقة...فقد توحدنا حول ضرورة ارساء قواعد الشرعية السياسية باليمن، انها بداية و هي التي نملكها و نستطيع البناء عليها قواعد راسخة بالمستقبل كعرب...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات