جراسا -

جرش مدينة التاريخ والحضارة والانسان استوطنت رحم التاريخ وترحلت بين الحضارات وتقاسمت مع الشرق والغرب كل الذكريات اليها وصل المنتصرون ومن بوابتها عبروا وعلى اسوار وحواف جبالها سقطت دول وتفرقت جحافل على مر الزمان .

فهي قبل التاريخ منحدرة من جبال عجلون وتتماوج مع التلال العتيقه وتتشوق الى العرب الكنعانية الاوئل اذ القحطانية ارحلوا إليها واستوطنوا مرتفعاتها وحملوا بعد خراب سبأ اسباب الرقي والعمرن وحاولوا ان يضيوا جرش ياقوتة الاردن .

تقبع في الجزء الشمالي من المملكة الاردنية الهاشمية التي تبعد عن العاصمة عمان بحوالي 48كم ، و على بعد حوالي 26كم من جنوب محافظة اربد ، وعن محافظة عجلون حوالي 12 كم غربا ،على خط الطول (35،90) وخط عرض (32،28) .

وهناك مزاعم متضاربه على تأسيس (جرش) البعض يعزوه الى الاسكندر المقدوني، والبعض يعزوه الى الجنرال باريكاس في القرن الرابع قبل الميلاد ولا يستبعد ان كل من هاؤلا ساهم في اعمار جرش ،يذكر صاحب" المنجد في اللغة العربية والاعلام " فيقول بنيت على انقاض مدينة قديمة تعود الى عام 1600 ق. م ، وفي عام 90م شكلت الرومان تحالفات بين المدن العشرة التي عرفت بمدن العشر" الديكا بوليس" فكانت جرش احد هذه المدن العشر ، من الاردنية التي كانت في الحلف : بيلا (طبقة فحل) ، ديون (ايدون) ، جراسا(جرش) ، فيلادلفيا(عمان)، جدارا (ام قيس) .

مدينة تعددت اسمائها جرش والحيانية و انطاكيا على نهر الذهب و جارشوا و جراسا، والاسم القديم لها جرش حيث تعددت الاراء في تعريف كلمة "جرش منهم من يقول انها نسبة الى رجل يمني يدعى جرش بن عبد الله بن عليم ....... ينتهي الى مره . كما ورد في كتاب معجم البلدان ليقوت الحموي " ، من يقول انها ارامية بسب اشتغال اهلها بزراع الحبوب وجرشها وغرس الاشجار ،ومنهم من يقول انها كلمة اعجمية ادخلت الى العربية وتعني جرش الشيء اي طحنه كما ورد في لسان العرب لابن منظور مثل غيرها من الكلمات التي ادخلت ، وآخر يقول انها نسبة الى الجراجاشيين من الحيثين الذين سكنوا جرش.
ولاكن الرأي الارجح انها نسبة الى رجل يدعى جرش بن عبد الله بن عليم بن جناب بن هبل وينتهي نسبه الى مره"بحسب ماذكره ياقوت الحموي"
اما الحيانية وسميت نسبة الى قبائل الحيانية من طيء القحطانية ، اما انطاكيا على نهر الذهب نسبة الى الامبرطور السلوقي انطوخيس الرابع احتفائا به عندما زارها حيث عثر على هذا الاسم منقوشا على بلاطه من بلاطات مبنى سبيل الحوريات .. اما جارشوا هي كلمة ارمية نسبة طواحين جرش الحبوب التي كان يحركها نهر الذهب ،اما جراسا هي كلمه مشتقة من جارشوا اطلقوا عليها الرومان هذا الاسم .. واستمرت تحمل هذا الاسم حتى جاء المسلمون واعادوا بتسميتها بجرش لانها كلمه عربية .

حيث ازدهرت في فترة الحكم اليوناني والنبطي و الرومانية والبيزنطي لها حيث تم بناء العديد من المعابد الكنائس ، والاعمدة والهياكل والمدرجات و المسارح والحمامات.

فتحها شرحبيل بن حسنة ، في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب سنة 635 ميلادياً في معركة طبقة فحل ،ازدهرت المنطقة تجاريا وخاصة في فترة الحكم الامويين، حيث عثر على مسجد اموي يعود بنائه الى عهد هشام بن عبد الملك ،وفي الحكم العباسي ايضا ازدهرت هذه المدينة وليس كما يقول بعض كتاب التاريخ ان جرش بعد ان اصابها زلزال اصبحت مدينة خراب خاليه من السكان بل كانت مليئة بالسكان والدليل على ذلك الفخاريات والاواني والعملات التي منها اموي وعباسي وايوبي ومملوكي؛ أذن المدينة كانت عامره ولم تخلوا من السكان خلال الحكم الاسلامي\\\\\\\"وليس كما يقول لويس مخلوف في كتابه الاردن تاريخ وحضاره واثار\\\\\\\" اصابها زلزال واصبحت مدينة خراب خاليه من السكان .

وفي الفترة الحكم العثماني ظلت مطمورة تحت التربة حتى اكتشفها الرحالة الالماني سيتزن عام 1806م واكتشفها للغرب فقط.

قامت الدوله العثمانية عام 1878 بأرسال الجالية من الشركس وبدأوا العمل في الزراعة وتربية الابقار و بناء الابنية حيث قاموا بناء مسجد يعود الى زمن السلطان عبد الحميد .

اذن جرش عربية قبل ان تكون يونانية او رومانية والمدينة خليط من الحضارات وليس كما يدعي البعض بالقول انها رومانه هذه مقوله خاطئه لانه يوجد نقوش ودلائل تدل انها عربيه اصالة المكان والزمان.

من اشهر معالمها : المدرج الجنوبي ،و شارع الأعمدة ، المدرج الشمالي الجنوبي ،و سبيل الحوريات ، و البوابة الجنوبية ، و المدرج الشمالي ، و معبد أرتميس ،ومعبد زيوس اليوناني ، وساحة الندوة ، المسجد الاموي ، والبيوت الاموية، البيت العثماني.

يعقد المهرجان في شهر تموز من كل سنه لتصبح المدينة الأثرية واحدة من أكثر المدن حيوية وجمالا و ناقه وثقافة.

مازلت جرش محجة الزائرين ومحط أنظار الرحالين والجغرافيين والسياح والعلماء وطلاب المعرفة من جميع أرجاء العالم ،وتشير الاحصائيات الى ان عدد الزوار في السنة الواحدة يصل إلى 430 ألف زائر .
تتميز بخليط من الحضارت العربية اليونانية والسلوقية والاغريقة والفارسية و الرومانية والبيزنطية والاسلامية، مماجعلها متعددة الثقافة والبنيان، وان معالم تلك الحضارات تستبين بالمدرجات والساحات والأعمدة والحجارة المزخرفة بالنقوش والرسومات والهياكل والمعابد والكنائس،والمساجد وبسب هذا السحر الباهر من الجمال والعراقة والأصالة اصبحت جرش مدينة الثقافة و الفنون لعام 2015م.

بقلم : الاعلامي محمود ابوغزله