"هيبة الدولة "(3) السعودية نموذجا


يطلق مصطلع المال العام على الأملاك المنقولة وغير المنقولة التي تعود ملكيتها للدولة ولمكوناتها بالشراكة بينها ، وفيما يتعلق بالأموال المنقولة " النقد" تكون نهايتها على جزائين الأول رواتب والثاني يتم تحويلها لمشاريع كي تصبح أموالغير منقولة ، والمحافظة على هذا المال العام تتم من خلال علاقة تشاركية بين الدولة والمواطن ، ويقع العبء الأكبر فيها على الدولة من حيث عن طريق قيام مؤسساتها المسؤولة عن تنفيذ تلك المشاريع بناءا على شروط فنية وهندسية تحقق استدامة لتلك الأموال ، ويرافق ذلك القيام بصيانة دورية لها على أساس أن التكلفة المالية " اموال غير منقولة " تتضاعف عشرات المرات خلال السنوات ، وبالتالي فإن القيام بتنفيذ تلك المشاريع من جديد يمثل هدرا كبيرا وربما ضخما في المال العام .

ودور المواطن في حماية تلك الأموال العامة الغير منقولة لايمكن تحقيقه دون تربية اجتماعية يكون أحد مكوناتها الرئيسية المواطنة ، التي ايضا لايمكن تحقيق وجودها دون وجود مفاهيم كثيرة من ابرزها العدالة والمساواة بين مكونات المجتمع وعلى كافة الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وعلى نفس السياق هنا نجد أن قيام الدولة " كدولة " بدورها الاشرافي وما يتبعه من حسن تنفيذ للعقود مع المنفذين واستمرارية عمل الصيانة لتلك الأموال؛ يجعل المواطن متحملا للمسؤولية في حال قيامه باتلاف تلك الأموال ، لأنه يجد في حمايةالدولة لها سببا رئيس في أن مشاركا معها في تلك المسؤولية .

وهذه المقدمة وضعتها كنهاية لمفهوم " هيبة الدولة " في دولة كالسعودية ، وكيف أن العلاقة التشاركية بين الدولة والمواطن قد تحققت، وكانت النتيجة أن تعود لجامعتك وبعد غياب دام لخمس وعشرين عاما وتجد أن صنبور الماء يعمل كما كان يعمل قبل خمس وعشرين عاما ، وان بلاط ممرات الجامعة التي تفصل بين الكليات لم تفقد بلاطه واحدة منها ، وأن ارضية ممرات قسم الإعلام في كلية الأداب كما هي ، والذي يثير الدهشة هنا أن ابواب القاعة الرئيسية للجامعة " الهول " كما هي ولايوجد اي تغيير عليها سوى اختلاف بسيط في اللون نتيجة لمرور ايدي الاف الطلاب عليها خلال السنوات الخمس والعشرين ، وعند دخولك لقاعة المسرح الجامعي تجد أن السجاد الذي فرش عام 1984 كما هو بل زاد عتقا " كالنبيذ" ، وفي النهاية تقف مدهوشا أمام تلك الصور من " هيبة الدولة " في تلك الدولة التي استطاعت أن تفرض هيبتها بكل بساطة .

وفي حديث جانبي في قاعة المدخنين في مطار الملك خالد الدولي جلس الى جواري مواطن أردني تخرج من الجامعة الأردنية عام 1995 ، وعاد لها قبل عام وقال جملة واحدة فقط كي يؤكد على حقيقة ما تم الحديث فيه عن " هيبة الدولة " ؛ أنه وجد كليته وقسمه " هندسة صناعية، متغير ليس للأفضل بل للأسوء وانه كان يتمنى لو أنه تمت المحافظة عليه كما كان قبل عشرين عاما وهو طالب ، وموقف أخر حدث لي شخصيا عندما دخلت لمدرسة ابني الصغير التي بنيت قبل ثلاثة سنوات فقط ووجدت أن ابوابها قد خلعت مقابضها وتم تشويه جدرانها برسومات " خرابيش" ، وعند الحديث مع مدير المدرسة كانت جملته واحدة " هي ثقافة المجتمع التي تنبع من علاقة المواطن مع المال العام الذي تتجسد في حماية والحفاظ عليه هيبة الدولة ؟، والأمثلة لدينا كثيرة على فقدان " هيبة الدولة " التي يتشارك فيها المواطن والدولة معا دون تمييز .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات