جراسا -

محرر الشؤون البرلمانية - اتسمت غالبية مناقشات النواب لمشروعي قانوني الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية المستقلة للعام 2015 بانها "خطابات شعبوية" لا مناقشات علمية مبنية على لغة الارقام ..!

من تابع وقرأ غالبية مناقشات النواب، التي حمل البعض منها هجوما عنيفا على رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وهو امر لا نحرم النائب حقه بالتعبير عما يجيش به صدره.. الا ان الزمان والمكان اللذان شن به هؤلاء النواب هجومهم على الرئيس، وبشكل شخصي احيانا، يجعلنا نتسائل عن جدوى هذه الخطابات العصماء في ظل مناقشة مشروعين لقانونين حساسين وخطيرين للغاية، يحتجان الحجة والبرهان والقدرة على فهم لغة الارقام لا القاء قصائد شعرية هجائية لن تسمن او تغني شيئا ، وسيما ايضا انه تم تمرير القانونين في المحصلة !؟

كنا نتمنى على بعض السادة النواب، تنحية خلافاتهم مع رئيس الحكومة، والابتعاد عن سياسية "الاستعراض" التي باتت مكشوفة للقاصي والداني، ومناقشة الموازنة العامة بلغة اقتصادية تفند الصحة من عدمها للسياسات الحكومية الاقتصادية التي بنيت على اساسها موازنة 2015 !؟

الخطابات العنترية الرنانة ما عاد يثق بها المواطن .. والهجوم بقصد الهجوم على رئيس الحكومة والحكومة دون تفنيد السياسات الاقتصادية للحكومة، وغربلة مشروع قانون الموازنة بشكل علمي سليم، ربما يفسره البعض بانه مجرد استعراض للاستهلاك الاعلامي والشعبي، ورسائل موجهة للقواعد الشعبية لهؤلاء النواب، لا مناقشة اقتصادية حقيقية سليمة تستدعي محاججة الرقم بالرقم !

استغلال منبر مجلس النواب، خلال مناقشة مشروع قانون في غاية الخطورة، ببعض الخطابات البعيدة جدا عن فحوى مشروع قانون الموازنة، امر يجب التوقف عنده وعدم تمريره لبعض النواب الذين ظنوا انهم سيكسبون عرضا اعلاميا وتسجيل مواقف على الحكومة ورئيسها، وهم ربما لا يعون اننا كاعلام نقف لهم بالمرصاد، وان تلك الاساليب لم تعد تنطلي ولا تمر على أحد ..!

ولكي توضع الامور في نصابها الحقيقية، وبعيدا عن محاباة او تملق لاحد ، فانه لا يمكن ابدا ان لا نسجل لرئيس الحكومة عبدالله النسور، انه تميز بقدرته على اتخاذ القرار وتحمل تبعاته، فيما كان اخرون يتهربون من اتخاذ القرار خوفا من تحمل التبعات، وكان همّ بعض الحكومات ترحيل ازماتها السياسية والاقتصادية للحكومة التي تليها ؟!

الهجوم على الرئيس ونحن لسنا محامين عنه بشكل مؤكد ولا هي مهمتنا ووظيفتنا، وطالما اصطدمنا مع سياسات لحكومته، الا ان توقيته وزمانه ومكانه، نختلف معه جملة وتفصيلا، بل ويجدر بنا التنويه الى ان الرجل اقدم على سحب البساط من تحت اقدام "نواب الخدمات" ووزراء في حكومته ايضا، فيما يتعلق بموضوع التعيينات التي طالما كانت الواسطة المقيتة تتحكم بها دوما، وقلص من "مساحة الحركة" التي كان يستغلها البعض لتلميع انفسهم امام قواعدهم الشعبية.

نعي تماما، كاعلاميين ومراقبين لكل ما يدور في فلك السياسة الاردنية وبواطنها، ان نوابا كانوا يهاجمون الرئيس بشراسة تحت القبة، فيما كانوا يتملقونه في الجلسات المغلقة ، بل ويقدمون اعتذاراتهم مشفوعة بان هجومهم كان مجرد "مناكفات سياسية " لا اكثر !

الخطاب النيابي، يفترض به ان يرتقي الى عقلية المواطن الاردني الذي بات على مستوى عال من الوعي والفكر، ولم يعد يقبل الخطابات الانشائية، والـ"بروباغندا" الاعلامية التي يقوم بها هذا النائب او ذاك، بل عبر عمل برلماني واع ومدرك بشكل مطلق لمشاكل الوطن والمواطنين وهمومهم وتطلعاتهم الحقيقية، وبطريقة علمية مدروسة، لا بخوض "معارك اعلامية" مع رئيس الحكومة .. بمنطق الفرزدق ؟!