التطور الفكري العربي


التطور الفكري, هو التغيير مع الوقت في السمات الوراثية الخاصة بأفراد المجتمع عبر الأجيال المتلاحقة , رغم أن هذا المفهوم خلال العصور الماضية كان يرتكز على النظرية الثابتة بان كل الخصائص الجوهرية غير قابلة للتغيير, بدأ هذا المفهوم بالتغير خلال عصر التنوير عندما انتقلت أفكار الفلاسفة اليونان التي تضمنت أن الحيوانات الأولى عاشت في الماء وإن حيوانات اليابسة تولدت منها وان الكائنات الحية تتغير على مر الزمان, مع إن الأفكار التطورية عند اليونان والرومان قد انتهت في أوروبا بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية, إلا أنها لم تنتهِ عند الفلاسفة والعلماء المسلمين, في العصر الذهبي للإسلام, حيث تم استكشاف الأفكار التطورية في الفلك البشري على يد العلماء المسلمين.

اقتبس عن الجابري في كتاب / تكوين العقل العربي, - إن الفكر يحمل معه شاء أم كره، آثار مكوناته وبصمات الواقع الحضاري الذي تشكل فيه ومن خلاله, فالتفكير بواسطة ثقافة ما, معناه التفكير من خلال منظومة مرجعية تتشكل إحداثياتها الأساسية من محددات هذه الثقافة ومكوناتها, وفي مقدمتها الموروث الثقافي والمحيط الاجتماعي والنظرة إلى المستقبل, بل النظرة إلى العالم, إلى الكون والإنسان, كما تحددها مكونات تلك الثقافة- انتهى الاقتباس.

أن تطور الفكر الصائب لا تفيد الفرد فقط بل تفيد المجتمع بأكمله وتطور المنطق الأساسي لتكريس قيم الأصالة في المجتمع يستند إلى التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل, والتفاعل مع معطيات المجتمعات البشرية, على اختلاف نماذجها, زمنياً ومكانياً, أن مفهومَ الفكر العربيٍّ الذي دخل السجن ونكوصه إلى ماضيه, مكبلا فكره على قدراته الإبداعيَّة, العقلَ العربيَّ, في هذه الحالة بالذات هو خاضعٌ, بوجهٍ خاصٍّ, لتاريخ التخلُّف الذي أَعقب فترةَ ازدهار الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة.

أن تدهور التطور الفكري العربي ساعد على بروز القوى الفاعلة خارج إطار الدولة مما ادى الى انتشار ظاهرة الانقلابات العسكرية والحكم الشمولي, وواجهت هذه الدول مشاكل كبيرة في ترسيخ مفهوم المواطنة ضمن إطار الدولة, وهو بالتالي ادى الى تنامي تيارات التطرف الفكري الديني, وفى هذا المجال نؤكد أنه لا تنمية فكرية وعطاء ثقافي وعلمي دون تنمية وبناء الركائز الأساسية لنهضة المجتمع الفكرية, ولعل ما أصاب الفكر العربي بالتوقف عن العطاء ما هو إلا تعبير واضح على انهيار مقومات المجتمع في تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات الوطنية ليس فقط في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة بل في مفردات الثقافة والفكر وبصفة خاصة محاربة منظومة التعليم الأساسي وتداعياتها وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الفرد والمجتمع حيث تختزل الواقع الأليم الذى يعانى منه المجتمع, وأصبح التعليم الأساسي غير قادر على تلبية الاحتياجات التربوية المتطورة خاصة في عصر العولمة وتكنولوجيا المعلومات فأصبح مردود تلك المنظومة التعليمية وعائدها في التطور الفكري غير كافٍ للتطور والنهوض بل سوف يؤدى إلى مزيد من التدهور الفكري العربي,



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات