أخطبوط العلاقات !


الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يتواصل مع الآخرين ، فوحدته ونفوره من محيطه تجعله في مهب الريح عاجلا أم آجلا.

فلا غرابة أن العلاقات الإجتماعية الإنسانية من الأهمية بمكان لكل بني إنسان ، فالإنسان يحتاج إلى أخيه الإنسان أيا كان لشأن حياتي سواء كان هذا الشأن مشورة تزيد الأدب والعلم والمعرفة ،أو لدعم لوجستي تقوي وتعين الإنسان لمواصلة مسيرة حياته.

لذلك تجد أن أنجح الأشخاص من إتسعت قاعدة معارفه ، وأنجح التجار من تعدى الخلافات لبناء العلاقات الإنسانية واحترف فيها لأبعد الحدود، فقد كسر لبناء هذه العلاقات كل القيود، وتدرب كيف يحتوي الناس ، ويتقبل الاختلافات ويحل الأزمات، ويكون نقطة الإرتكاز في دائرة العلاقات ، فتراه يتعامل مع الجميع ولا يغلق الباب تجاه أيا كان ولو كان متضررا من إختلاف رأي أو عقيدة أو منهج حياتي وعملي، فنجده مادًا يديه يبدأ بالسلام ،ويشيع الإحترام ، ويتحدث بانسجام، ويبتعد عن كل مايعكر صفو العلاقات فلا يشارك فيها ولا يعبر عنها بسلبية ولا يتبع الرعاع في كل أمر مشاع، فهو يحكم عقله ويشارك قلبه ويرى بأنه لا جدوى من خلاف يخلف تشويها لكل ماسعى في بنائه من قيم ونظم وسيرة.

ولذا فإن هذا النوع من الأشخاص الناجحين له تأثير السحر على الاخرين شكلاً ومضمونًا ، يبادر للعطاء قبل أن يأخذ ، و يساند قبل أن يطلب السند ،متحدثا لبقا يعرف ماذا يقول ، وكيف يثير الحوار في أي مسار ، وكيف يكون مستمعا منصتا لأي أمر مثار،يتواصل مع الآخرين متى ما أتيحت له الفرصة سواء بالهاتف ، بالمراسلة الإلكترونية، بالتواصل الاجتماعي بأي وسيلة كانت تنقل رسالته وعاطفته وأمانيه للطرف الآخر، يعطي الإنطباع الأول أن من يتحدث معه مهم ، وأن من يسأله أكثر أهمية ، وأن من يتواصل معه يجد التعبير الحقيقي في ملامحه وتصرفاته وابتسامته وردوده، يشعر الآخرين بالإرتياح طبقا لما يقرأه عنهم من تصرفاتهم وملامحهم ومن أول لقاء.

إن مصطلح "أخطبوط العلاقات أو الشبكي" أو مايسمى بالإنجليزية "Networker"، هو باختصار إنسان ناجح لديه قائمة كبيرة من المعارف الذين من خلالهم يسير شؤون حياته ، فهو لا يتعثر إلى وجد بقدمه، مستقر عاطفيا ، ومسير ذاته في أي مسار ، ومطوع نفسه حسب كنه أي المضمار، لسانه لا يقطر إلا عسلا، وأسلوب حياته لا يضايق أيا كان ، يستغل كل الفرص لزيادة فرصته ، ويستغل كل شخص لزيادة معرفته ، يبادر للسؤال عن الجميع ليوحي لهم أنه موجود لا مفقود ، وإذا فقد يشعر الجميع أنهم فقدوا شخصا مهما؛ فيبادروا بالسؤال عنه وعن سر غيابه ، فلا حدود في علاقاته وصداقاته وإنتماءاته، فهو ينتمي للجميع ولا يصنع الأعداء بل يوسع دائرة الأصدقاء.

أعزائي ليس عيباً أن يبادر الانسان ليكسب صداقة محيطه،ويحجم الأعداء نبلاً وكرمًا واحترامًا وصفاءً وأخلاقًا ، وأن يتعلم كل يوم معرفة جديدة وأخلاقا نبيلة ومعان جليلة ؛ ليكون إنساني الطرح في هذا الكون ، فقد وجدنا لنتعارف ونتآلف ولا نتخالف وهذا هو شريعة تعامل "أخطبوط العلاقات" وهو سر تميزه ونجاحه دون الآخرين الذين يصنفون الناس هذا معي وداك ضدي ولا يعون أننا أمة وسطا في تعاملاتها وإدارة شؤون حياتها



تعليقات القراء

فراس الحمد - كاتب وباحث
مقال رائع
21-02-2015 12:33 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات