ووصينا الإنسان بوالديه حسنا


حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة قال الوليد بن عيزار أخبرني قال سمعت أبا عمرو الشيباني يقول أخبرنا صاحب هذه الدار وأومأ بيده إلى دار عبد الله قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها قال ثم أي قال بر الوالدين قال ثم أي قال الجهاد في سبيل الله قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني 

ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) كذا للأكثر . وحذف بعضهم لفظ البر والصلة وبعضهم البسملة ، واقتصر النسفي على قوله كتاب البر والصلة إلخ . ووقع في أول " الأدب المفرد للبخاري " باب ما جاء في قول الله - تعالى - ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وكتاب الأدب المفرد يشتمل على أحاديث زائدة على ما في الصحيح وفيه قليل من الآثار الموقوفة ، وهو كثير الفائدة وقد نشرته المطبعة السلفية بعناية وتخريج . ونشرت شرحا مفيدا له في مجلدين . والأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا ، وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق ، وقيل : الوقوف مع المستحسنات ، وقيل : هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك . وقيل : إنه مأخوذ من المأدبة وهي الدعوة إلى الطعام ، سمي بذلك لأنه يدعى إليه ; وهذه الآية وقعت بهذا اللفظ في العنكبوت وفي الأحقاف لكن المراد هنا التي في العنكبوت ، وقال ابن بطال : ذكر أهل التفسير أن هذه الآية التي في لقمان نزلت في سعد بن أبي وقاص ، كذا قال إنها التي في لقمان وليس كذلك ، وقد أخرج مسلم من طريق مصعب بن سعد عن أبيه قال حلفت أم سعد لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه . قالت : زعمت أن الله أوصاك بوالديك ، فأنا أمك ، وأنا آمرك بهذا ، فنزلت ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ، وصاحبهما في الدنيا معروفا كذا وقع عنده ، وفيه انتقال من آية إلى آية ، فإن في آية العنكبوت وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم والمذكور عنده بعد قوله : وإن جاهداك على إلخ إنما هو في لقمان . وقد وقع عند الترمذي إلى قوله : حسنا الآية ، فقط ، ومثله عند أحمد لكن لم يقل " الآية " ، ووقع في أخرى لأحمد ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن - وقرأ حتى بلغ - بما كنتم تعملون وهذا القدر الأخير إنما هو في آية العنكبوت وأوله من آية لقمان ، ويظهر لي أن الآيتين مما كانتا في الأصل ثابتتين فسقط بعضهما على بعض الرواة ، والله أعلم . واسم أم سعد بن أبي وقاص حمنة - بفتح المهملة وسكون الميم بعدها نون - بنت سفيان بن أمية ، وهي ابنة عم أبي سفيان بن حرب بن أمية ، ولم أر في شيء من الأخبار أنها أسلمت . واقتضت الآية الوصية بالوالدين والأمر بطاعتهما ولو كانا كافرين ، إلا إذا أمرا بالشرك فتجب معصيتهما في ذلك ، ففيها بيان ما أجمل في غيرها ، وكذا في حديث الباب ، من الأمر ببرهما . 

قوله : ( قال الوليد بن عيزار أخبرني ) هو من تقديم اسم الراوي على الصيغة وهو جائز ، وكان شعبة يستعمله كثيرا ، ووقع لبعضهم " العيزار " بزيادة ألف ولام في أوله ، وكذا تقدم في أوائل الصلاة مع كثير من فوائد الحديث ولله الحمد . وقال ابن التين : تقديم البر على الجهاد يحتمل وجهين : أحدهما : التعدية إلى نفع الغير ، والثاني : أن الذي يفعله يرى أنه مكافأة على فعلهما ، فكأنه يرى أن غيره أفضل منه ، فنبهه على إثبات الفضيلة فيه . قلت : والأول ليس بواضح ، ويحتمل أنه قدم لتوقف الجهاد عليه ، إذ من بر الوالدين استئذانهما في الجهاد لثبوت النهي عن الجهاد بغير إذنهما كما يأتي قريبا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات