من أخ الشهيد الى والد الأسير


جراسا -

كتب - الشريف حسن بن زيد آل عون - في اليوم قبل الأخير، من العام 2009، التحق أخي، الشريف علي بن زيد، بقوافل الشهداء الأبرار، وهو يؤدي واجبه الوطني والعربي والإسلامي، في حرب على أعداء الإسلام، في أرض بعيدة عن الوطن، في غربة عن أهله وأردنه الغالي.
كانت الفاجعة أكبر من تصور أي من أفراد عائلتي، ولم أصدق في تلك الليلة، أن أحدا يمكن أن يتفهم شعوري وغضبي وتأثري. كانت الأيام والليالي قاسية قاسية. امتزج فيها الغضب بالدموع والدعاء، وانتصر فيها الإيمان بالله، سبحانه وتعالى ، وبإرادته، واستطعت بإرادة المولى، عزّ وجل، أن أفهم وأتفهم، وأتقبل ما حصل لأخي الأصغر. أدركت أن الله سبحانه وتعالى اختاره كي يكون شهيدا للوطن، بكل معنى الشرف والنبل، شرف الشهادة، التي نالها أجداده من بني هاشم، في الدفاع عن الإسلام، وعن العروبة، وعن فلسطين وعن القدس، وعن الأردن وعن حاضرنا ومستقبل أبنائنا وبناتنا. تصالحت مع نفسي، وأدركت أن عليا كان قد نذر نفسه، للتضحية والشهادة في سبيل الوطن، عند التحاقه بالجيش العربي المصطفوي. تصالحت مع نفسي، عندما شاهدت الفخر والاعتزاز، في عيني جلالة سيدنا أبي الحسين، وهو يودع ابن عمه علي، حين التحق بقوافل الشهداء، من أهله وأبناء وطنه الغالي.
أدركت أن الراحة الأبدية لعلي بشهادته لن تكتمل، إلا إذا رضيت أنا وعائلتي بقدره، وتقبلنا تضحيته بشبابه وحياته، فداءً للأردن الغالي، ولعروبته، ولدينه.
أقول هذا، وأبوح بشعوري وعواطفي وأفكاري، ولأول مرة منذ استشهاد أخي قبل أكثر من خمس سنوات، أقولها مخاطبا والدي، والد الطيار البطل معاذ الكساسبة، حماه الله، وأعاده سالما غانما لمليكه وأهله ووطنه، لأنني أدرك تماما، ما تشعر به يا والدي. ولعلي أنا الوحيد، الذي يتفهم شعورك، وعواطفك وخوفك وقلقك.
فمعاذ، أعاده الله سالما، كان يعلم قدسية المهمة، التي يقوم بها، تماما مثل علي، وأرادك، يا والدي العزيز، أن تكون سندا له، فخورا به، سعيدا بتضحياته، راضيا بإرادة المولى عز وجل. ومعاذ، تماما مثل علي، يضحي بنفسه وشبابه، في سبيل إنقاذ الإسلام من الإرهابيين والمجرمين، الذين يريدون احتكار الدين الحنيف واختطافه. معاذ، يا والدي العزيز، يريدك أن تكون راضيا عنه، وترضى بقدره، مهما كان، ليكتمل فخره واعتزازه.
سامحني يا والدي، فأنت والد وأب، وأنا أخ، ولكن المصيبة، التي ألمّت بي، جعلتني أكبر سنين وأعواما، خلال دقائق قصيرة، سامحني، لأني تجرأت بأن أبوح، بعاطفتي، التي أنكرت طوال سنين خمس، كي أشاركك الرضى، الذي اخترته لنفسي ولأخي علي، فأنا أسلمت نفسي إلى الله، ورضيت بإرادته، عزّ وجل، فارتحت وأرحت.
بسم الله الرحمن الرحيم: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، صدق الله العظيم.

الغد



تعليقات القراء

مواطن في بلد الحشد والرباط
بالفعل رساله مؤثره ورائعه ومعبره
30-01-2015 06:58 AM
jeries
رحم الله الشهيد علي ونسال الله ان يفك اسر معاذ . هذا هو الايمان الذي يجب ان يتحلوا به اهل الاسير
30-01-2015 07:45 AM
أبو خالد - عوجان
رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه
30-01-2015 09:16 AM
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
صح لسانك أحسنت بكل ماللكلمه من معنى
30-01-2015 10:40 AM
مهند حجازين
كلنا فداء للوطن الحبيب الغالي ليحى الوطن وكلنا معاذ
30-01-2015 11:56 AM
مهند حجازين الكرك
حماك الله يا اخي العزيز وكثر من امثالك هذة مواقف الاشراف والابطال
30-01-2015 11:59 AM
محمد ابوراما
رحم الله شهيد الوطن والواجب علي واسكنه فسيح جنانه واتمنى وانا وكل مؤمن شريف صادق بأيمانه ان يعيد الله بطل الأردن الطيار معاذ سالماَ لوطنه وأهله وبيته سالماَ يارب العباد ياكريم (( قلوبنا معك يا معاذ )
30-01-2015 01:57 PM
احمد الشلول
عليه رحمة الله واسكنه فسيح جناته وادخله الجنه مع الشهداء والصديقين في علييين
30-01-2015 02:47 PM
الشيخ عوض المعايطه
اللهم ارحم اموات المسلمين اجمعين وتقبلهم في الصالحين والهم ذويهم الصبر والسلوان وفك اسر معاذ الكساسبه يا رب العالمين
31-01-2015 12:23 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات