أَمْرِيْكَا والإِرْهَابُ وَسِيَاْسَةُ الْكَيْلِ بِمِكْيَالَيْنِ


يتحدَّثون في علمِ السياسَةِ عن قاعدةِ الكيلِ بمكيالين ،وهي قاعدةٌ قديمةٌ منذُ بدءِ التاريخِ، ولكنَّ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيَّةِ ،حوّلت تلك القاعدةِ لدستورٍ ومنهاجِ عملٍ ،وكثيرةٌ هي الشواهدُ على انتهاجِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيَّةِ لهذهِ السياسةِ ،حتّى أنَّ البعضَ رأى بأنَّ سياسة الكيلِ بمكيالين أصبحتْ رمزاً يُضاهِي تمثالَ الحريَّةِ العمياءِ ،الذي يتباهَى بهِ الأمريكيون.
سياسةُ الكيلِ بمكيالين ،التِي تنتهجُها الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيَّةِ وحلفائِها تجاهَ العربِ ،تبدو واضحةً جداً ،وتدفعُ إلى التساؤلِ عن السِرِّ ،الذي يَكمُنُ وراءَ دفعِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيّةِ إلي انتهاجِ هذهِ السياسةِ ،وتحديداً تجاهَ قضيةِ الإرهابِ؟!
يشعرون بالقلقِ حيالَ العراقِ ،لكنَّهم لا يشعرون بأيِّ قلقٍ حيالَ ما يحدثُ على أرضِ اليمنِ الحزينِ أو البحرينِ أو لبنانَ أو سوريا من أحداثٍ مماثلةٍ بل أكثر.
تساؤلاتٌ عديدةٌ ،أثارَها الموقفُ الأمريكيُّ ،ضدَّ التقدمِ السريعِ لمسلحيّ (دَاعِشْ) في العراقِ بعدَ اقترابهِ من بغدادَ وأربيلَ.
فقدْ رأتْ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيّةُ في "نظريّةِ الاحتمالاتِ" ،تنظيمَ الدولةِ الإسلاميِّةِ (دَاعِشْ) حسْبَ الإدعاءاتِ الأمريكيّةِ ،خطرًا يُهدِّدُ السلامَ العالمِيّ بصفةٍ عامّةٍ ،والولاياتُ المتحدةُ الأمريكيّةُ بصفةٍ خاصةٍ ،وكأنّ بغدادَ وأربيلَ لا تبعدانِ عنْ واشنطن سِوى بضعةِ كيلو متراتٍ !!ولذا قامَتْ بحشدِ المجتمعِ الدولِيّ بمَا فيهِ الأردنّ الخاسرُ الأكبرُ ضِدّهُ ،وممارسةِ شتّى أنواعِ الضغوطِ على مجلسِ الأمنِ الدولِيّ ،وانتزعتْ قرارًا يجيزُ لها ضربَ العراقِ تحتَ أيّ مبررٍ من المبرراتِ .
فأمرَ البنتاجون بوارجَهُ الحربيّةِ بالتحرّكِ إلى الخليجِ العربِيّ ،وأوفدَ خبراءَ عسكريِّين إلى عاصِمَتَيّ العِراقِ وكردستانَ ،قبلَ أنْ تشرَعَ مقاتلاتُه بشنِّ ضرباتِ ضدّ أهدافٍ للتنظيمِ.
في المقابلِ نجدُ أنّه وفي الحالةِ اليمنيّةِ ،لم تحرّكْ واشنطن ساكنًا عندما استولى الحوثِيّ على أراضٍ واسِعةٍ في اليمن بما فيها العاصمةُ صنعاءُ ،وارتكبَ نفسَ الأعمالِ التِي يمكنُ إدراجها تحت تصنيف الجرائم ضد الإنسانية.
إنّ تفسيرَ هذا التناقض ،يمكنُ استقراؤهُ مِن خلالِ دافِعَين أساسيين همَا النفطُ وأمنُ إسرائيلَ ،فيمَا تظلُ باقِي الدوافعِ ثانويّةً لا تأثيرَ لها يُذكَرُ على القراراتِ السياسيّةِ، ،الّلهم إلا إذا كانت تتماشَى معَ هذين الدافِعَين الأساسيين.
هذا الموقفُ المتناقضُ في الحالتَين العراقيَّةِ واليمنيّةِ ،يُلقِي بظلالٍ كثيفةٍ على المبادِئِ الأمريكيّةِ وحلفائِها الأوروبيِّين ،في الديمقراطيّةِ وحقوقِ الإنسانِ ،وتأثِيرِها على متخذِي القرارِ في واشِنْطن.
وهذا الموقفُ البشِعُ ،يُقدِّمُ الدليلَ الحيَّ على أنَّ أمريكا لا تقيمُ وزنًا للحياةِ الإنسانيِّةِ ـ ومِن ثمّ فإنَّ الكيلَ بمكيالين حيالَ نشاطِ الحوثِيِّ الإجرامِيِّ لنْ يكونَ في مصلحةِ الإنسانِيّةِ عمومًا وأمريكا على وجهِ الخصوصِ.
إنّ جماعةَ الحوثِيِّ الإرهابيَّةِ همْ مجموعةٌ متطرفةٌ تنتهجُ الفِكرَ الرافِضيِّ المظلمِ ،ومرتبطةٌ بأطرافٍ خارجيةٍ ،وتتلقّى الدعمَ من الدولةِ الصفويّةِ في إيرانَ ،ومدعومةً سياسيًّا مِن قِبَلِ أمريكا وبعضِ الدولِ الغربيَّةِ ،التي توجهُهَا بهدفِ بثِ الفتنةِ والفرقةِ بينَ الشعوبِ العربيَّةِ والانتقامِ منهم بأثرٍ رجعِيٍّ ،لما تحمله قلوبُهُم مِن حقدٍ دفين على أهلِ السنّةِ ،من خلالِ ما تقومُ به من أعمالٍ وحشيّةٍ بحقِّ أهلِ السنَةِ في العراقِ واليمنِ وسوريا ولبنانَ والأهوازَ والبحرين.
إنّ الأزماتِ التي تعاني منها دولُ المنطقةِ ،هي نتيجةُ التدخلاتِ الإيرانيَّةِ في الشؤونِ الداخلية في كلٍ من سوريّة والعراقِ واليمن ولبنان والبحرين .
وإيرانُ تبحثُ جاهدةً عن مَوطئِ قدم لها بالقربِ من المملكةِ العربيّة السعوديّةِ خصمُها اللدودِ.
لذلكَ وسَّعتْ معركتَها من شمالِ اليمنِ إلى جنوبهِ ،لتحويلِ اليمنِ العربِيِّ إلى محميةٍ إيرانيّةِ ترعى بها قطعانُ الإرهابِ الصفويّ .
وهو ما يُنذِرُ بتوسيعِ رقعة النفوذِ الإيرانيّ في اليمنِ ،على حسابِ السعوديةِ التي لم تعملْ ما يكفِي للحدِّ من هذا النفوذِ ،فالخطرُ الإيرانِيّ خطرٌ حقيقيٌّ وليسَ خطرًا متوهمًا كما يتوهمُهُ البعضُ.
وللعلمِ فإنّ إيرانَ "دولةٌ استعماريّةٌ" تحتلُّ من الأراضِي العربيّةِ أكثرَ ممّا تحتلُّهُ إسرائيلُ فهي تحتلُّ الأهوازَ العربيّةَ التي مساحتها 324 ألف كيلو متر مربع بينما مساحة فلسطين 20 ألف كيلو متر مربع أي 16 ضعف مساحةِ فلسطين ،أضفْ إليها كلاً من العراقِ وسوريا ولبنان واليمن وطمب الصغرى وطمب الكبرى والخير لقدّام والبحرين على الطريق ،إنْ لمْ نستيقظْ ،وهذا ما صرَّحَ به النائبُ في البرلمانِ الإيرانِيّ "علي رضا زاكاني" ،المقرَّب من المرشدِ الإيرانِيِّ "علي خامنئي" ،واصفاً صنعاءَ بأنّها "أصبحتْ العاصمةَ العربيَّةَ الرابِعةَ التابعةَ لإيرانَ بعدَ كلٍّ من بيروتَ ودمشقَ وبغدادَ، مبيناً "أنَّ ثورةَ الحوثيين في اليمن هي امتدادٌ للثورةِ الخمينِيَّةِ (الثورةُ الإسلاميّةُ في 1979).
تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ
إنّ موقفَ أمريكا وبعضَ الدولِ الغربيّةِ التي تقدِّمُ الدعمَ المعنويّ والسياسيّ لجماعة الحوثِيّ ،مُشينٌ ويندى له الجبينُ ،حيالَ سكوتِهم عن المجازرِ البشعةِ ضدّ الشعبِ اليمنِيّ الشقيق ،في حين أنّها تعتمدُ موقفًا يتباينُ معَ تنظيمِ الدولةِ الإسلاميّةِ (دَاعِشْ).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات