النقد الدولي: تأثير انخفاض أسعار النفط حيادي على موازنة المملكة


جراسا -

قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أحمد مسعود، إن "تأثير أسعار النفط المنخفض على موازنة المملكة سيكون حياديا بالمجمل".

وأضاف مسعود، في رده على أسئلة "الغد" خلال مؤتمر صحفي عقد أمس في واشنطن بمناسبة إطلاق تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي، إن الحكومة ستعوض الإيرادات الناتجة عن الضريبة العامة على المبيعات نتيجة لانخفاض أسعار النفط، مضيفا أن الجزء الاخر من التعويض سيتم من خلال انخفاض كلف النقل التي تتحملها الحكومة.

وتوقع الصندوق أن تحقق المملكة نمواً مقداره 3.8 % في العام 2015، بانخفاض مقداره 0.02 % عن التوقعات السابقة لبرنامج الإصلاح المالي نتيجة النمو الأقل من المتوقع في الربع الثالث من العام 2014.

وكان الصندوق خصص المؤتمر للتحدث إلى وسائل الإعلام عن آخر الآفاق الاقتصادية والتوقعات الخاصة بالعالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى على وجه الخصوص، بينما قيّم أهم التحولات الاقتصادية التي حدثت خلال العام الماضي محدداً أهم المشاكل وسبل علاجها.

وفي كلمته، سلط مسعود، الضوء على ثلاثة موضوعات أساسية يرى الصندوق أنها الأهم بالنسبة للمنطقة، يكمن أولها في انهيار أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي عزاه الصندوق إلى مجموعة من عوامل العرض والطلب.

وخصص مسعود الموضوع الثاني للتحدث عن تعمق الركود في روسيا وانهيار الروبل، مشدداً على أن تباطؤ الاقتصاد الروسي يؤثر بلا شك على الآفاق المتوقعة لدول القوقاز وآسيا الوسطى سواء على صعيد التجارة أو الروابط بين تحويلات العاملين في الخارج والاستثمار الاجنبي المباشر، أو من خلال آثار اوسع على مستوى الثقة.

وعن الموضوع الثالث خصص لمسألة انخفاض التوقعات التي أعلن عنها مسبقاً للنمو في عدد من الاقتصادات الكبيرة؛ حيث خفض الصندوق توقعاته للنمو العالمي في العام الحالي إلى 3.5 %، ما يزيد بشكل طفيف عن العام الماضي وينخفض بمقدار 0.3 نقطة مئوية عن توقعات الصندوق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

وأشار مسعود إلى الاضطرابات الأمنية والأعمال الإرهابية التي يشهدها الشرق الأوسط، موضحاً أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش ما تزال تعيث فساداً في العراق وسورية، ما نشأ عنه تداعيات سياسية واقتصادية في الدول المجاورة (خاصة في الأردن ولبنان).

من جهة أخرى، أوضح مسعود أن النفط وانهياره جاء شديد البأس على دول مجلس التعاون الخليجي، بحيث يتوقع الصندوق انخفاض إيرادات تصدير النفط الخاصة بها بمقدار 300 مليار دولار تقريبا، ما يعادل 21 % من اجمالي الناتج المحلي هذا العام، وذلك بالمقارنة مع توقعات الصندوق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وعلى الرغم من توفر هوامش وقائية جيدة في شكل أصول اجنبية لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لمسعود، إلا أنه يجب عليها جميعها أن تحد من رفع الانفاق الحكومي خلال العام الحالي، بشكل مدروس.

ويوصي مسعود، بعدد من التوصيات للدول النفطية يبرز أهمها في أنها بحاجة ماسة إلى التكيف تدريجيا مع تراجع أسعار النفط على المدى متوسط الاجل، كما ستحتاج الى التكيف بالتدريج مع الواقع الجديد في سوق النفط العالمية اذا استمرت أسعار النفط المنخفضة لفترة طويلة. وسيتعين تحديد اولويات الانفاق بشكل افضل لضمان كفاءته في تحقيق اهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما يتعين النظر في الخيارات الممكنة لزيادة الإيرادات غير النفطية.

وقال مسعود "ما يزال تسعير الطاقة موضوعاً مهماً. فالواقع الجديد للمالية العامة في معظم البلدان المصدرة للنفط يعزز الحاجة الماسة لمعالجة التسعير المنقوص لمنتجات الطاقة، وهي ظاهرة مستمرة رغم هبوط أسعار النفط الدولية. وقد بدأت هذه العملية في عدد من البلدان بالفعل، وهو أمر مشجع".

وبين أنه "وبالنظر إلى المستقبل، يرجح ان يظل الانفاق الحكومي مقيداً لعدد من السنوات. ويعني هذا ان نموذج النمو الذي كان مطبقاً في العقد الماضي، والذي يرتكز على تصاعد أسعار النفط والانفاق الحكومي، لن يصبح قابلاً للتطبيق. وبدلاً من ذلك، سيكون على البلدان ان تكثف الإصلاحات لتمكين القطاع الخاص من التحول الى قاطرة للنمو على درجة أعلى من الاكتفاء الذاتي، وان تحقق تقدماً أكبر في تنويع الاقتصاد".

وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، قال مسعود إن انخفاض أسعار النفط يتيح انفراجة تستحق الترحيب بوجه عام. فهو يخفض فواتير استيراد الطاقة، ويخفف الضغوط على الميزانيات العامة بسبب انخفاض تكلفة دعم الأسعار الثابتة، كما يخفض تكاليف الانتاج ويرفع الدخل المتاح للتصرف اذا انتقل انخفاض تكاليف الطاقة إلى الشركات والمستهلكين.

غير ان بعض البلدان، وخاصة في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، لن تستفيد الآن من انخفاض أسعار النفط لأن أسعار وارداتها تقوم على تعاقدات طويلة الاجل، وبالاضافة الى ذلك، هناك عوامل اخرى توازن مكاسب انخفاض أسعار النفط في معظم البلدان المستوردة للنفط. فبعض المكاسب الاستثنائية التي تتحقق من انخفاض فواتير استيراد النفط تتقلص مع ضعف الآفاق المتوقعة للطلب في منطقة اليورو ومجلس التعاون الخليجي، إلى جانب هبوط أسعار السلع الأولية غير النفطية التي تصدرها بعض البلدان، كذلك يترتب على الركود الاقتصادي في روسيا تداعيات حادة على البلدان المستوردة للنفط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بوجه خاص.

ورغم ايجابية الانفراجة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، فإن المسار المستقبلي لأسعار النفط يظل محاطاً بدرجة عالية من عدم اليقين. وفق مسعود، الذي قال انه يجدر بالبلدان المعنية ان تتجنب الدخول في التزامات انفاق قد يتعذر عليها التراجع عنها اذا عادت أسعار النفط إلى مستوياتها المرتفعة أو حدثت تطورات معاكسة اخرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات