"هدى" .. وجدل في تحديد الهوية!


جراسا -

كتب جلال أبو صالح - وغابت العاصفة "هدى"، كما تغيب الشهاب في خاصرة السماء. وبقي مسماها الأنثوي، الذي عكست صورته باستعراضها الطاغي في فلك الوطن العربي، خمسة أيام متتالية، مثار جدال (عقيم) لدى الأهالي. ناهيك، عن قوة الأعاصير النفاثة التي استخدمتها "هدى" في عرضها المسرحي والتي قدمته لنا عبر طبق ثلجي ناصع البياض!

أردنيا، أذهلت "هدى" عقول الأردنيين، لَمِ قامت به من عروض بهلوانية، في محاولة إثبات مدى جدارتها بإدخال السرور في قلوب الأهالي. فضلا على أنها أزاحت غطاء الكبرياء عند المواطنين في مدة قصيرة، لتكشف الحس الفكاهي الذي يمتازون به. ولكن كنت أظن، وإن بعد الظن أثم، بأن "هدى" قد تعرض ذاتها لنقد الأردنيين، كذلك النقد الذي تعرضت له النائب "هند" في الأمس القريب، عند محاولات النائب "يحيى السعود" المتكررة بردها عن الغضب الذي حل بها فجأة في إحدى جلسات المجلس.

لكن، "هدى" بزيارتها المتوقعة، عملت على إشغال عقول شرائح المجتمع الأردني بمسماها الأنثوي. عدا عن ذلك، بأنها أصبحت مثار اهتمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر)، بيد أطلقوا لها هوية أردنية تحوي رقما وطني، بالإضافة إلى بنود أخرى توضع في الهوية المعطاة لأبناء الوطن. وهذا بالكاد من باب السخرية والفكاهة فقط.

الأمر الآخر، الذي تعرضت له العاصفة "هدى" في زيارتها للأردن، مصدر الجهة التي قامت بإطلاق أسمها العنفواني. فقد انتشرت عبر صفحات"الفيسبوك" إشاعات توضح إبرام مواقع الطقس الأردنية والفلسطينية "صفقة" تقضي بتسمية العاصفة بـ "هدى" على خلفية ذكرى مولد محمد (ص) النبي الهادي الذي أفنى حياته بإخراج الناس من الظلمات إلى الهدى. فيما أعتبر أناس آخرين بأن تكون التسمية مجرد "بنج موضعي" يحل مكان خوف المواطنين من العواصف الهوجاء.

وأعجباه! كم تحملت هذه العاصفة – أنثوية الاسم - في زيارتها الوطن العربي من رثاء الشعوب على حالها؟ نزف في الخاصرة العربية يصب في ينابيع ماسي أوطاننا! الذين حاولوا تغطية سقوطهم السياسي بالوشم، بالنقوش، بالخوف من الشمس..قامت "هدى" بإيضاحه في أيام قليلة!

كما أشغل الوطن العربي ككل، خلال الأيام الماضية بتحديد هوية هدى، يشتعل أبناء المقاومة الفلسطينية وحدهم! في تحديد هويتهم العربية الإسلامية، من خلال وقوفهم ندا منيعا أمام الاستيطان. لكن ما تراه العين المراقبة والحصيفة فيما يحدث بسيدة الأرض فلسطين وسوريا العريقة من تدمير وقتل في صفوف أبنائهم، يعلم حجم الحاجة التي يحتاجونها من هؤلاء الذين أثارت العاصفة "هدى" أحاسيسهم الجياشة في تحديد هويتها!

نعم، "ولي وطن آليت ألا أبيعه، وألا أرى له غيري الدهر مالكا" آنستنا هدى الرائعة فيما حملته من معان الصفاء في ثلوجها المباركة، تشتت أخواننا وأهلنا في فيافي الأرض، وكادت تشعل النار في قلوب أشباه الرجال كونها تزينت باسم أنثى شرقية. الجراح تفتحت بعد أن عادت هدى إلى مدارها في فلك السماء، والغيوم تلبدت حزنا على ما اقترفنا من ذنوب تجاه أوطاننا الحزينة.

بعيد عن الحس الإنساني، من يرى أطفال بعمر الورد يتشبثون بعقال الآمل والنجاة من الصقيع والتجمد الشديدين في حضرة الضيفة "هدى". حس الفكاهة كاد ينسينا مواجعنا الدفينة. ألم يكن الطيار (معاذ الكساسبة) يستمتع بين أهله وزوجه بمنظر تساقط الثلج في حيه، لولا إدخاله في دوامة حرب واضحة المعلم – ليست حربنا؟ لا تذهبوا بعيدا فقضية القاضي (رائد زعيتر) ما زالت غامضة ولم ينقشع الضباب عنها بعد!

لم نزل في وكر الخوف والانسياق وراء المجهول .. "هدى" أيقظت أعوام جرح خلده العوز والفقر والضياع.. باستطاعتنا تحديد هويتنا ما كنا قادرين على تحديد هوية عاصفة هوجاء. بمقدورنا مضغ الفكاهة لحين استقرار عروبتنا العظيمة، حينما تفتح القدس أبوابها وتعود اليالي الدمشقية إلى سالف عهدها نشعل فتيل المرح والرقص معا.

عذرا "هدى" تناسينا نزف أيام خلت في ضيافتك!



تعليقات القراء

ابو خلف - ارفع عقالي لك احتراما لاسلوب كتابتك ورقيك
انا ارشح هذا الشخص لان توظفه قناة جراسا ان لم يكن موظف عندكم - اسلوبه رائع - شكلو حلو يجنن احلى من مهند - افكره تدخل المزاج غصب - اقبل مني احبك على راسك يالخوي
12-01-2015 07:42 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات