كيف نقول للأمريكان أسف لا نريدكم؟


لقد تطبّعنا نحن العرب والمسلمون والشرقيّون بشكل عام على طبائع الأخلاق المهذّبة في إحترام الناس ومنها احترام الوالدين وان يحترم الصغير الكبير وان نقول شكرا لمن يسدي لك معروفا وهكذا سلوكيّات تعلمناها صغارا ونعلِّمها لأطفالنا بل ونرضعها لهم مع حليب الأطفال .

ولكن مع تغيّر الظروف في الأسرة كما هي في المجتمع فقد اختلفت المضامين مع ان الظواهر باتت راسخة على طول الأيّام فاصبح تقبيل يد الأم او الأب غير وارد عند بعض الشباب لتفسيرهم له انه نوع من الإذلال وليس مزيدا من الإحترام والتقدير والثناء وزيارة الأرحام اصبحت تقتصر على بعض الأعياد وقد لا تقترن بهديّة اومال بحجّة ان البنات اصبحن يعملن كالشباب وقد يكون مدخولهم اكثر, حتّى ان ما كان يعرف بالعيديّة للأطفال تم اختصارها في كثير من الأحيان .

أمّا بخصوص المجتمعات والحكومات والدول فإنّ الوضع فيها مختلف حيث تلعب الأموال والمصالح والمواقف الدور الأكبر في العلاقات ومعادلات الشكر والثناء وتدخل مصطلحات عدّة في ذلك فهناك القروض والمنح والتمويل والإستثمار وسندات الضمان وجدولة الديون والإعفاءات وغيرها يقابل ذلك التنازلات في المواقف السياسيّة والإقتصاديّة في ظروف الحرب والسلم .

وغالبا ما تدفع الدول المهيمنة الدول الفقيرة ومجتمعاتها الى حافّة الفقر ممّا يستدعي من تلك الدول الفقيرة الى الإلتجاء للبنوك والمنظمات الدوليّة والدول الغنيّة للإقتراض منها وتحميل مواطنيها مديونيّة قد يضطرُّ المجتمع الى سدادها عبر عدّة اجيال وقد تضطرُّ الحكومات الى الرضوخ لإملاءات المانحين وشروطهم التي قد تمسُّ ثوابت وقيم تلك الدول والمجتمعات الفقيرة ممّا يخلق ثغرات واختراقات في نسيج تلك المجتمعات وقد يؤدّي الى تفسّخ في العلاقات الأسريّة والمجتمعيّة تصل الى نزاعات خطرة في معظم الحالات .

وتلك الإختلالات تنتج في الغالب لعدم تحديد الحكومات لأولويّات مواطنيها والمجتمع وهذا ناتج عن ضعف في الإدارة سواء كانت إدارة الأموال او الموارد المتاحة والموارد البشريّة او إدارة الإقتصاد وتلجأ الحكومات لإرضاء مواطنيها بإلهائهم بمصطلحات وهميّة مثل نسبة النمو ومكافحة الفساد والدعم الحكومي للسلع وإصلاح الأنظمة والتشريعات والرياضة والفن وغيرها من وسائل إلهاء الشعوب التي تفتقد الى الديموقراطيّة والعدالة والحريّة .
وعدم تحديد الأولويّات هو ايضا احد مساوئ الإدارة الأسريّة ممّا يوقعها في تخبّط مالي إضافة لشح مداخيل افرادها وهذا ينعكس على حالة افرادها النفسيّة والمعاشيّة.

والدول الضعيفة ماديّا والفقيرة إقتصاديّا وعديمة الديموقراطيّة والحريّة والشفافيّة تكون بالعادة محسوبة على احدى الدول الكبيرة التي تعتبر حامية لها في الأزمات وحافظة لوجودها عند تعرِّضها لمخاطر جسيمة لذلك تكون تلك الدول الضعيفة خانعة وخافضة الجناح لتلك الدول الحامية لها وتقدِّم اي تنازلات تطلبها منها بل وتكون حتى مواقفها متوافقة مع ما تريده تلك الدولة الحامية بالرغم مما تظهره البروتوكولات الرسميّة من ندِّية التعامل امام وسائل الإعلام وفي المناسبات الرسميّة وهذا ما ينطبق على الأغلب في الحالات العامّة المشابهة.

وكثير من الدول العربيّة الغنيّة والفقيرة ترتبط بالسياسات الأمريكيّة بعد ان تحرّرت الكثير منها من نير الإرتباط بالمملكة المتّحدة وغيرها بعد ان كانت بريطانيا وفرنسا هما الدولتان الإستعماريِّتان المهيمنتان على العالم حتّى بدايات القرن الماضي وقبل ان تصبح امريكا والإتحاد السوفيتي هما قطبي العالم الأعظم حتّى نهايات عقد الثمانينات من القرن الماضي حيث تفسّخ الإتحاد السوفيّتي الى عدّة دول اهمّها روسيا التي تحاول استعادة هيبتها من جديد من خلال تدخلِّها في حل القضايا الدوليّة واصبحت امريكا سيّدة العالم بلا منازع منذ اكثر من ربع قرن وباتت دول الشرق والغرب غنيّها وفقيرها يطلب ودّها وقربها وحمايتها وعلى الأقل الرضى .

ولكن الغرور اصاب الإدارة الأمريكيّة منذ عقود فبعد ان كان الرئيس الأمريكي السادس عشر ابراهيم لنكولن رمزا في تحرير العبيد اصبح باراك اوباما ورؤساء كثر قبله رموزا في استعباد الشعوب وإذلال دولهم ومجتمعاتهم والهدف هو نفسه حماية المصالح الأمريكيّة ونشر الديموقراطيّة والعدالة وصون الحريات وحقوق الإنسان في العالم .

وهكذا اصبح البيت الأبيض محجّا لكثير من رؤساء العالم وحكّامه بل اصبحت واشنطن المرجع لمسؤولين كثر يعملون في الإدارة والأمن والجيش والإقتصاد والثقافة والبيئة والعلوم وغيره في دولهم فمنهم من جاء ليتعلّم ومنهم من جاء ليُعتمد ويتعمّد ومنهم من جاء ليوقِّع ومنهم من جاء ليقدِّم تقاريره ومنهم من جاء ليقبض ومنهم من جاء ليجتمع بالسر او العلن مع الغير ............. والقليل جدّا جاء للسياحة .

اي ان واشنطن اصبحت الجامع لكل الأديان والمذاهب والأطياف والقوميات واالأجناس والألوان فواعجبي كيف لبلد عمره اقل من مائتين وخمسون عاما ولا يُعرف بالضبط من اكتشفه حتّى الآن هل هو كريستوفر كولومبس كما تعلمنا في المدرسة ام هو بحّار صيني مسلم ام غيرهما , وابناؤه من كل اصقاع الكون فهل هو سر الهي ام حلم سينبلج الصباح عليه ذات فجر فلا نجد له أثرا .

لا شك ان رجالات الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة منذ مائة عام واقعون تحت السحر الصهيوني والذي يطلقون عليه تخفيفا اللوبي الصهيوني ويربطوه لجهلنا بالإنتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة ويوهمونا ان تأثيره يبقى مسيطرا على عقليّة الرئيس الأمريكي سواء جلس لفترة واحدة او لفترتين سيّان وكأنّه وباء ليس له دواء .

وقد اكتشفت الشعوب الفقيرة ان امريكا تلعب بها كما تشاء واستفاقت الشعوب في كثير من الدول مكتشفة ان امريكا تنصِّب رؤساء وتخنقهم حتّى الموت بعد ان تنتهي صلاحيتهم وتبعد رؤساء عن الحكم بطريقتها وتخلق آخرين بطريقتها كذلك تفعل في الأحزاب والمنظمات وحتّى المسلّحة منها لذلك تُبقي مصائر الشعوب بيدها فكيف الخلاص ؟؟؟؟؟؟؟ .

قد يكون البعض على قناعة ان امريكا لا يمكن ان تنتهي إلاّ من داخلها ومن تفسّخ ولاياتها رغم انّهم اقتربوا من السكن على القمر بعلومهم وتطوّر تكنولوجيّاتهم كما ان بعضنا مؤمن بان اليهود لن ينتهوا إلاّ بعد ان يجمعهم الله في مكان واحد ويهلكهم ولكل فريق اسباب في قناعتهم ولهم دلائل على ذلك .

أمّا نحن الشعوب التي تعوّدت على الشكر واقتنعنا ان من لم يشكر الناس لا يشكر الله فماذا نقول للأمريكان اللذين يعتقدون انّهم ساعدونا في فترات مختلفة وأمدّونا بالمال والسردين ومسحوق البيض والطحين في شوالات مكتوب عليها ليس للبيع او المبادلة وتصرّفنا بها كما يحلو لنا وما زال الشعب الأمريكي البسيط يشعر انّه يقدِّم لنا العون كيف يمكننا القول له إنّنا شاكرون ولكننا آسفون لا تريد لإدارتكم التحكّم بنا بعد الآن وإذا استطعنا قولها للأمريكان ماذا سيحلُّ بنا وكيف لحكّامنا اللذين سنقطع بهم في منتصف الطريق من اين سيطعموننا ونحن ندري ان بقيّة الحكّام العرب كلُّ حمله على قدّه وانّ الودّ في الغالب مفقود وان التكامل العربي الذي ننعق به منذ سبعين عاما ما زال في مرحلة التقاتل العربي فما العمل ؟؟؟؟؟

الحل بيد الشعوب فلكي تقوّم حكّامها يجب ان تؤمن بأنّ التحمّل والصبر هما مفتاح الفرج والصبر لا يمكن له إلاّ بالإيمان ويبدأ ذلك حسب مفاهيم العولمة بالترشيد مبتدئين بطعامنا وشرابنا وتنقلاتنا وراحة اجسامنا من برودة وحرارة وبتقنين المياه والطاقة والتخلّي عن الكماليّات وعوامل الرفاهية والمحافظة على عوامل التنمية والتعليم وبناء الصحّة السليمة .

ويجب ان نؤمن ان الإعتماد على الذات هو الأساس في البقاء وتأمين حياة كريمة لأبنائنا بحيث نزرع فيهم حب الإيثار والعون والمساعدة للغير حتّى تكون الاسرة مترابطة والمجتمع متحابّا متعاونا عندها نستطيع ان نقول للأمريكان شكرا ولإدارتهم آسفين كفى توجيها لنا ما عاد لنا حاجة بكم .

انا ادري ان ذلك ليس بالهيِّن إذ يحتاج اولا التصالح الحقيقي بينالحكام وشعوبهم وثم بين الحكام انفسهم ببعضهم وثم العودة لبرامج التكامل العربي والإكتفاء الذاتي وبعد ذلك وضع الخطط والإستراتيجيّات والأهداف بعيدا عن إملاءات الأمريكان وغيرهم بحيث يكون المواطن العربي هو المستهدف وحياته الكريمه هي الهدف ورفاه ابناؤنا هو المرتجى وعندها يكون توكّلنا على الله وإنساننا العربي وليس على الأمريكان ودولاراتهم عندها ستحترمنا الشعوب والدول . 

حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وأدام رايته مرفوعة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات