هنا مصر


جراسا -

تختلط الاوراق فيها فتصبح واجهة للنزاعات في المنطقة، النزاع مسلح في سوريا بلا قواعد اشتباك او فهم للتحالفات ، والنقيض في العراق فالتحالف مرهون بحجم المواجهة، و في مصر الاشتباك فيها توسع للنفوذ بين المتخاصمين والمتحالفين في سوريا والعراق، بندقية هناك وخطاب سياسي في مصر.

استدل الستارة نهائيا على مشروع التمكين الامريكي بإخراج الاخوان من معادلة الحوار او التشارك او المنافسة السياسية، وتحالف المتخاصمين مستغل كل طرف حاجته للأخر، واثبات لحسن النوايا تبرئة لوجه الفساد "مبارك" .

ولا يمكن فهم ما يحدث او حدث في مصر دون استعراض للأحداث المتناقضة هناك، انتفاضة شعبية تنطلق في مصر ضد حكم مبارك في اجواء حالة وعي تسهم حركة كفاية واخواتها بالتأسيس لها ، الاخوان لم يشاركوا في اي حراك لرفض التوريث ، وحاولوا الملاعبة السياسية فذهب نائب المرشد حينها لمدح "جمال مبارك" و وصفه بالشاب الذكي والطموح وصاحب الرؤيا ، وانطلقت الثورة ولم يشارك الاخوان في الايام الاولى وعندما اشتدت موجة الاحتجاج شاركوا على استحياء وبعد قرار مبارك التنحي شاركوا بقوة ونظموا وتبرعوا.

"عنان" بأسلوب الحكم التأمري وهيبته المريضة التي تعكس واقع القيادة العسكرية تحالف مع الجميع ضد الجميع ، فأسس لحالة انفصام سلوك عند القوى السياسية جميعاً.

الاخوان اداة قطرية وقطر اداة امريكية وكلا الطرفين تفاعلوا مع التوجه من اجل ضبط الحركة الثورية و توجيهها وتأجيجها حين يلزم في مصر تحديدا حديثنا ، قبل انطلاق الثورة في مصر كان التقارب بين الاخوان والادارة الامريكية بوساطة قطرية يأخذ شكل التابعية بدل التنسيق وطلب من الاخوان في اكثر من مناسبة للإعلان بوضوح وصراحة عن موقفهم حول الكيان الصهيوني والاسلام الوسطي برؤيا امريكية. الاخوان ومعهم عدد من الهيئات تحت مسمى قوى مجتمع مدني ايضا تحالفوا وذهبوا باتجاه التأزيم والتأجيج ، في البدء كان "البرادعي" رجل امريكا هو الغاية ومن ثم اراد الاخوان ان يكون لهم مكان خاص بهم فابلغوا قطر انهم مستعدين لتولي الحكم في مصر.

تسارعت الاحداث لتصل الى مرحلة وصول "مرسي" للحكم ، في مقالات سابقة كنا قدر تحدثنا بإسهاب عن هذه الفترة تحديداً وعرضنا الكثير من التصريحات في صحف مصرية وعربية وعالمية لقيادات اخوانية من الصف الاول ، وقبل شهرين جاء حاكم مشيخة قطر الشاب ليؤكد كل ما قيل حول القيادة السياسية لحماس والاخوان ، ويؤكد ان خوض حماس للانتخابات كان بطلب امريكي صرف.

في مصر الرافضة للإخوان كانت عناصر القوى الوطنية الاكثر صدقا في التوجه بعد ان تأكد لهم ان الاخوان لا يملكون اي برنامج حكم وما يفعلونه لا يخرج من اطار التمكين الامريكي في المنطقة ، متحالفين بشكل غير علني مع الفلول الرافضين استبعادهم ، دون ان ننسى ان نظام "مبارك" لم يكون فرد او فقط عائلة بل منظومة مترابطة من تحالف الفاسدين والمستبدين، وهؤلاء بدافع حقدهم على الحالة الانقلابية ومحاولة للعودة للحكم ،تحالفوا سرا واحيانا دعم توجه دون تحالف مع القوى الوطنية ضد حكم الاخوان ، وبرز طبقة من المثقفين اصحاب الانا المصرية، الذين رفضوا ان تكون مصر جزء من محور تقوده قطر .

في تلك الفترة كان الحديث عن انتخابات مبكرة وكان الطرح بمبادرة شعبية عربية رفضت من قبل الاخوان، وراهن الاخوان على نفوذهم وشعبيتهم، وفي النهاية خسروا الرهان وخرجوا من دائرة التنافس السياسي.

قوى سعودية وقطرية وامريكية في مصر كلهم تنافسوا وتعاركوا وتواجهوا ، والخسارة في النهاية للشعب العربي في مصر ، انتخاب "السيسي" انتصار للعقلية العسكرية الحاكمة منذ اسقاط اسرة "محمد علي" وعودة للمربع الاول في شكل وطريقة الحكم، "السيسي" لم يمتلك برنامج حكم اعتمد على التلاعب بعواطف الناس، والاخوان مع حلفائهم في الداخل من خلال اعتمادهم على العنف منحوا الرجل طريقة حكم بإثارة الشعور الشعبي بالحاجة الى الامان، فتلاشت المطالبة بالحرية والانتعاش الاقتصادي والنماء . وصارت الاولوية للمان والامن وحتى ان كان على حساب الحرية والسلوك الديمقراطي.

اعاد الفلول تجميع قواهم ومنحوا دعمهم "للسيسي" دون اي تحالف علني او اتفاق سري، الا انهم ادركوا ان العقلية العسكرية في الحكم ستعطيهم صلاحية اعادة انتاج الجسم الوظيفي في الدولة وخاصة انهم يمتلكون ما نسبته 60% على الاقل من هذا الجسم، والجسم الوظيفي هو عنصر مهم من عناصر النظام.

وقرار براءة "مبارك" لا يراد منه اعادته او أيا من افراد عائلته للحكم اطلاقا الا انه صك غفران لعودة الفلول للظهور علانية في الشارع السياسي والشعبي بشكل منظم .

المشكلة في مصر تتمحور بالذهاب نحو تنافس الاخوان وحلفائهم ضد مؤسسة الحكم بقيادة الجيش بمواجهة الفلول وغياب للقوى الوطنية الصادقة.

مصر اليوم مربع بأضلاع اربع اضعفها الشعب ، والقوى الصادقة افلست سياسيا نتيجة استهلاك شعارها وانقسامها بين الرؤيا الواضحة وبين العاطفة التي ايدت "السيسي" الفراغ في مصر سيقود لفوضى اجتماعية لا تظهر عوارضه الان بسبب التلاعب الاعلامي والسياسي بالعواطف الوطنية من خلال المشاريع الجبارة، الا ان الانتهاء من المشاريع سيكون بمثابة التفرغ للبدء بالتيه الجديد.

الثورة في مصر لم تحقق شيئاً مهم ، لأنها لم تحسم خياراتها وذاك لأسباب كثيرة ومتعددة بحاجة الى وقفه مع السلوك الاجتماعي اليومي للمواطن العربي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات