جراسا -

خاص - محمود الشرعان - جانب الصواب رئيس الوزراء عبدالله النسور عندما لم يكن دقيقا في قناعته بانه وخلال السنتين الاخيرتين توقف الحديث عن وجود فساد في الدولة، ولم يكن دقيقا بشكل اكبر عندما أكد أن السبب المباشر وراء وقف توغل الفساد هي الارادة السياسية الحكومية والشعبية، فهنا نقف عند سؤال "هل قرأ دولة الرئيس تقرير ديوان المحابسة لسنة 2013" ليرى حجم الفساد المنتشر منذ عامين على الأقل أي منذ تسلمه زمام الرئاسة، بحسب ما يراه مراقبون.

 حديث النسور اليوم خلال محاضرة القاها في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية اليوم الاحد.

في حين يتفق المراقبون على حديث دولته أن الحكومة لم تسكت عن اي حالة فساد دون تحويلها الى المحكمة مشددا على أن الأسوأ من الفساد والظلم هو السكوت عليه واجازته، والدليل على ذلك حديث رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو انه لم يكن يعلم بأن حجم الفساد في الاردن بهذا المستوى والا لكان رفض تولي موقع رئيس الهيئة لما يواجه في هذا الموقع من تحديات جسام.

(بينو : لا أقبل التجديد أو التمديد )

حديث رئيس هيئة مكافحة الفساد كان واضحا بقدر ما يحمل اليأس داخل شخصه، فحينما قال " لا أقبل التجديد أو التمديد" فهذه إشارة تحمل العديد من الاحتمالات، في جلسة مصارحة ومكاشفة نظمتها وزارة التنمية السياسية والشوؤن البرلمانية مع امناء الاحزاب فهو كلام له دلالته وأهميته.

الفساد ما زال متوغلا في الجسد الحكومي المتمثل في المؤسسات دون حصر، فعندما نقف حائرين امام مئات الصفحات من تقرير ديوان المحاسبة، وعندما لا تجد الا ارقام وحقائق تذهلك، وتجعلك تفكر الف مرة أن الحكومة التي ادعت "التقشف" تحقق رقما قياسا في التجاوزات وعدم الالترام في معظم الوزارات، بل تعدت ذلك الى نشر المئات من المواد الصحفية لتتناول جزءا بسيطا من هذا التقرير الذي نستعرض أهمها :

( بعض تجاوزات المؤسسات الحكومية التي تم ذكرها في تقرير ديوان المحاسبة )

- وزارة الشؤون البرلمانية : شراء شوكولاته بقيمة 259 دينار خلال يومين

- وزارة الشؤون البرلمانية : شراء عصير بقيمة 330 دينار خلال يومين فقط

- وزارة الشؤون البرلمانية : شراء قهوة بقيمة 796 دينار خلال شهر واحد

- كلفة تجديد مكتب وزير التربية والتعليم دهان وطراشة مبلغ 50 الف دينار

-وزارة التربية والتعليم: المكافآت الخاصة بالموظفين العاملين في جائزة الملك عبدالله للياقة البدنية الدورة السادسة فقط 449.999 الف دينار

- كلفة رواتب مستشارين خارجيين في "هيئة الأوراق المالية 399 ألف دينار

- سلطة تطوير العقبة 54 ألف دينار كلفة احتفالات "فنية" في عيد الاضحى

- رئيس المركز الوطني للسكري تقاضى بدل رواتب ومكافآت ومياومات مليون ومئة ألف دينار

-شركة تطوير العقبة :631 ألف دينار مصاريف سفر

- وزارة الخارجية : شراء كميات كبيرة من (الهدايا، والورود، ومواد التجميل )

- وزارة الخارجية: ادخال العديد من فلاشات الانترنت دون بيان مستخدمي هذه الفلاشات

- وزارة التربية والتعليم : حجم المكافآت للأمين العام للشؤون الفنية في عام 2012، (13.953) دينار

هذا ويعلق نائب - فضل عدم ذكر اسمه - على هذه الحقائق التي كشفها ديوان المحاسبة، بأنها "ضعيفة" حيث أن ما خفي كان أعظم وأكبر، وأن هذه القشور لا تساوي امام التجاوزات الحقيقية وعدم الالتزام بشيء، في حين يعلق مواطن من الطبقة المتوسطة، بان هذه الارقام أن صحت فأن الحكومة لم تكافح الفساد فقط بل كافحته لدرجة أن اكتشفت مفاهيم أخرى له، وأن الحقيقة السوداء لا يمكن أن تغطى بـغربال، على حد تعبيره.

(ذياب : قوى تحارب من أجل بقاء الفساد )

من جهته قال الامين العام لحزب الجبهة الشعبية سعيد ذياب أن كلام دولة الرئيس لم يكن بالدقة المطلوبة، وأن الفساد أصبح ظاهرة كبيرة في المملكة، حيث تحول الى "الحياة المؤسسية" أي اصبح لديه  قوة داخل المؤسسات الحكومية تدافع عنه وتحارب لإبقائه وهذا أكبر من الفساد ذاته .

واضاف ذياب لـ "جراسا" أن دفاع الحكومة عن الفساد لم يكن موفقا، ومحاربة الحكومة ضد "الفساد" وخاصة خلال العامين السابقين لم تكن بالقوة المطلوبة، مضيفا أن السبب وراء ذلك هي غياب المنطومة القانونية، وعدم وجود ارادة سياسية اضافة الى عدم وجود شجاعة حقيقية لمحاربة الفساد.

وحول حديث دولة الرئيس علق "ذياب" أن الرئيس تحدث كثيرا، وأن حديثه اليوم لا يضيف شيئا جديداً على حالة "الردة" عن الاصلاح، التي نعيشها، وخاصة ان معظم القرارات الني اتخذتها الحكومة كانت لمصلحة المؤسسات المالية الكبيرة، وعلى حساب المواطن.


( ارقام وحقائق خلال عام 2013 )

وعلى صعيد متصل، اشار تقرير ديوان المحاسبة  ان هيئة مكافحة الفساد  تعاملت خلال العام 2013 مع 1808 شكوى واخبار حفظ منها 1151 شكوى فيما تعامل قسم المعلومات والتحقيق مع 230 قضية حول منها 74 قضية الى المدعي العام المنتدب منها 50 بالمائة في القطاع الخاص.

كما تم حفظ 75 قضية منها 50 قضية لعدم وجود شبهات فساد او لانها شملت بقانون العفو العام.

وفصل الادعاء العام خلال عام 2013 في 61 قضية وشكوى من اصل 108 قضايا وشكاوى وساهمت الهيئة من خلال القضايا التي نظرت بها باسترداد ما يزيد عن 25 مليون دينار اضافة الى استرداد بعض الاراضي الى خزينة الدولة.

(القطاطشة: تقرير المحاسبة "فيض من غيض")

اما النائب محمد القطاطشة فقد اتفق على أن "الفساد المباشر" أي الاختلاس المباشر من المسؤول قد توقف ، اما الفساد الاداري فما زال موجودا، في وقت يتم فيه مكافأة مسؤول في منطقة معان التنموية بـ 12 ألف  ويتقاعد وزير فهذا فساد، وعندما يتم تعيين ابناء الذوات وعند بقاء المؤسسات والقطاعات التنموية بإستنزاف ميزانية الدولة فهذا الفساد.

واضاف القطاطشة لـ "جراسا" عندما يعترف رئيس الوزراء أن هناك تهربا ضريبيا من كبار المسؤولين بقيمة 2 مليار، لا يحق له أن يتحدث عن توقف الفساد، مشيرا الى ان تقرير ديوان المحاسبة "غيض من فيض".

ووجه القطاطشة سؤالا لـ رئيس الوزراء حول اعفاء شركات المياه من الضرائب، اضافة الى وجود السيارات الحكومية "الأسطولية"، وحول خسارة "الملكية الاردنية للطيران" وشراء " نجيب ميقاتي" الاسهم بقيمتها دينارواحد ورقمها الحقيقي 23 دينار مما تسبب بخسارة قدرها مليون دينار أردني للضمان .


أمام هذه الأرقام والحقائق المطروحة من قبل المختصين والخبراء وتقرير ديوان المحاسبة نطرح سؤالا لرئيس الوزراء النسور هو أنه كيف أوقفت "حكومة التقشف" الحديث عن وجود  فساد في الدولة خلال العامين الماضيين ؟ علما بأن أرقام وتقارير ديوان الحكومة نفسها " المحاسبة" شمس لايغطيها غربال .

لا حاجة بأن يهدي أحد ما   النسور نسخة من تقرير ديوان المحاسبة ، فالنسخة قد تسلمها هو شخصيا باليد ، ولكن تسلم النسور للنسخة أعاد الى الأذهان ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه دايان حينما نشر خطة عسكرية للجيش الصهيوني عبر الصحف وثارت ضده عاصفة من الانتقادات خشية أن يطلع العرب على الخطة ، فردّ حينها على منتقديه بأن يطمئنوا قائلا لهم :" العرب لا يقرؤون وإذا قرؤوا لا يفهمون واذا فهموا لا يعملون "