السنيد يكتب: المطلوب حكومة تنهض بواقع الفقراء في الاردن


خاص - كتب النائب علي السنيد - هنالك طبقة سياسية متخمة تتشكل منها الحكومات عادة، ومواقع صنع القرار في الدولة لن تكون قادرة عمليا على الإحساس بمعاناة فقراء الأردنيين وذلك وفقا للاستعدادات النفسية التي تشكل الأرضية لفهم هذه القضية الإنسانية الملحة على حقيقتها، والتي هي في المحصلة حياة الناس، وكيفية توفير متطلبات أسرهم، وأطفالهم، والرسوم الخاصة بطلاب المدارس والجامعات، ودفع الفواتير الشهرية من كهرباء ومياه ، وهي المعيشة في الحد الأدنى التي تعتمد على راتب آخر الشهر، وليست تماثل حياة الأسر التي تأتيها روافد استثمارات، وأرباح شركات، وربما عوائد فساد، وإيغال بالأموال العامة.

فهذه الجهات الرسمية غالبا من ذات الطبقة التي تملك أرصدة في البنوك، وتحمل دفاتر الشيكات، ولديها بيوت فاخرة وفلل، وسيارات حديثة، وتصل مداخيلها الشهرية إلى الآلاف، وربما عشرات الآلاف من الدنانير، وهي غير معنية بحقيقة الفقر في الأردن، وما يشكله من مأزق للفقراء، واضطرار كثير من قاطني القرى إلى تحويل الجزء الأبرز من الراتب الشهري إلى “الدكان” المجاورة للمنزل نظير الحصول على تسهيلات بتوفير المواد الغذائية على سبيل الدين إلى آخر الشهر، وفي هذه الحالة فقد يأتي الدين على الجزء الأكبر من الراتب.

وهنالك أسر كثيرة تعتمد على الراتب التقاعدي للمعيل فقط، وقد يصبح توفير الخبز بحد ذاته مشكلة ، وقد يستدان إلى آخر الشهر.

وأسر في القرى الأردنية تعاني الأمرين في سبيل مواصلة أبنائها الدراسة الجامعية، وهذه ام المشاكل ، والتي دفعت كثيرا من الأردنيين لبيع أراضيهم الموروثة عن الأجداد، وقد تمكنت الدراسة الجامعية من الإجهاز على أكثر الأراضي التي يمتلكها الفقراء- وهي غالبا رخيصة الثمن - لصالح الذوات والتجار، وعدما يتخرج أبناؤهم لا يجدون عملا للأسف لسنوات طويلة قادمة.

وهكذا تتحول حياة الأردنيين إلى هم ، ومعاناة، وقلق متواصل، وتموت المشاعر الوطنية، والانتماء في صراع الأردنيين البسطاء مع احتياجاتهم اليومية، والوطن يظهر في هذه الحالة كحاضنة لعملية اضطهاد متواصلة يتعرض لها الفقراء وحدهم، وترقد الى جوارهم طبقة مرفهة تعيش حياتها الأسطورية على خيرات الوطن بمنأى عن المعاناة، وتوزع في إطارها المكتسبات، وتتقاسم النفوذ، والسلطة، وقد تمتد أياديها الى حقوق الفقراء البسيطة، ولا تقدم للوطن إذا ما ادلهمت الخطوب شيئا، وتظل حمايته واجبا مقدسا في أعناق الفقراء وأبنائهم.

ومما يؤرق كل الأردني هو الخوف من أن تنفجر مناطق الهوامش مرة واحدة ، والتي تتحول إلى قنابل موقوتة يوما بعد آخر.

فهل تأتي حكومة أردنية يوما ما وتعنى بتطوير حياة ومصير ملايين الفقراء الأردنيين في جيوب الفقر التي تعاني الهم والحزن، والحاجة ، وتكون هذه الحكومة مكرسة في سبيل إحداث التنمية في الريف، وإحياء الخاصية الإنتاجية في القرى التي قتلتها السياسات الحكومية، والنهوض بالواقع الاقتصادي لها، وانتشال الأردنيين من فقرهم، ومن معاناتهم اليومية.

والقضية لا تزيد عن حكومة تصل إلى القرى والمحافظات بنفسها، وتبدأ بمشاريع التنمية التي تعالج البطالة، وتحسن الواقع التنموي لها من خلال تفعيل خاصيتها الإنتاجية وتطور المناطق وفقا لطبيعتها الإنتاجية، وهو ما يفضي إلى اكتشاف الهوية الاقتصادية لكل محافظة، ويصار إلى اتخاذ القرارات مباشرة لصالح الناس بدلا من بقائهم لسنوات، وهم يترجون رحمة المسؤول القابع في مكتبه بعمان وإذا اطل فيأتي بصيغة بروتوكولية تحجب عنه الرؤية ومن ثم يغادر.

ويمكن تسخير الصناديق الحكومية كلها لإحداث التنمية في المناطق التي تشكل خاصرة الدولة الضعيفة، ويمكن بإحياء الموسم الزراعي فيها ان يتحقق راتب تكميلي لكل أسرة بحيث يسد من فرق العجز في ميزانيتها الشهرية.

وعندما تطل الحكومة على الريف، و خارج مركز المحافظات، والعاصمة عمان فلعلها تؤثر اجتماعيا في إعادة تنظيم العادات الاجتماعية التي تستنزف جزءا من دخل الناس البسيط في جانبها الاقتصادي، وتقلل من كلفة هذه العادات على مصروفات العائلة الأردنية، وذلك متعلق بالأفراح والأتراح، والمناسبات الاجتماعية.

يمكن لحكومة أردنية موثوقة من أن تزيد من عطاء مناطق الأردن في الزراعة، والسياحة، وتقلل من مستوى البطالة من خلال إحداث مشاريع إنتاجية وفقا للطبيعة الإنتاجية في كل محافظة، وبذلك تحفز الأردني على العطاء، وكذلك يمكن لها أن تقلل الكلف الاجتماعية المترتبة على إعادة مراجعة جدوى العادات الاجتماعية ، والمهم أن يصل المسؤول الأردني إلى حيث الأردنيين يعانون الأمرين وحدهم، ولا يشعرون بوجود حكومة سوى مع كل قرار رفع للأسعار.



تعليقات القراء

عيسى الخطيب
350 الف مواطن يستلمون اعانات من التنمية الاجتماعية بكلفة 140 مليون دينار سنويا تساهم في عجز الموازنة
03-12-2014 01:48 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات