حوادث السير .. القاتل القديم الجديد


جراسا -

م.أنس ابراهيم معابرة

على الرغم من حملات التوعية الكثيفة التي تقودها الجهات الأمنية والإنسانية في مجالات التوعية من مخاطر حوادث المرور وضرورة توخي الحيطة والحذر خلال القيادة؛ إلا أننا ما زلنا نستيقظ كل يوم على أخبار مفزعة وحوادث سير أليمة تهز وجدان المجتمع الأردني.

ومما أثار حفيظتي هو إحدى الدراسات التي خرجت يوم أمس لتذكر أنه في إربد وخلال الأسبوع الماضي فقط توفي حوالي 17 شخص وأصيب أكثر من 700 آخرين جراء حوادث المرور، فهل يستوعب المجتمع الأردني خطورة هذه الأرقام، وهل يدرك ما هو مقبل عليه إذا إستمرت هذه الظاهرة أو تفاقمت.

وبالعودة الى الدراسات والإحصائيات؛ فلقد توفي في العام الماضي 2013 حوالي 757 شخص وأصيب نحو 15 الف بجروح نتيجة 105 آلاف حادث سير وهو رقم ضخم جداً ويضع الأردن في المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث حوادث السير و الوفيات الناجمة عنها.

أما التكاليف المادية المترتبة على هذه الحوادث القاتلة فهي مرتفعة جداً؛ فقد بلغت في عام 2002 حوالي 170 مليون دينار أردني، وفي عام2003 حوالي 190 مليون دينار، وفي عام 2004 حوالي 202 مليون دينار، ووصلت في عام 2007 الى ما يقارب 281 مليون دينار و. ماذا لو تم إستخدام هذه الأموال في إستثمارات محلية أو للقضاء على الأمراض والجهل والأمية، ماذا لو تم إستخدامها في تنمية المشاريع الصغيرة أو القضاء على جيوب الفقر.

لقد سردت هذه المقدمة لإشعرك عزيزي القارئ الكريم بمدى خطورة هذه الظاهرة وضرورة الوقوف جنباً الى جنب في القضاء عليها والتخلص منها. ومن أجل معالجة هذه الظاهرة لا بد من إتخاذ مجموعة من الخطوات والإجراءات النابعة من أسباب حوادث السير ومنها:

أولاً: تحسين شبكة النقل

ويضمن هذا الموضوع توفير شبكة نقل آمنة تتمثل في القطارات والتي تغني المواطن عن إستخدام سيارته الخاصة وتقلل من فرصة حصول مثل هذه الحوادث وتلغي وجود سيارات التكاسي التي تملأ الشوارع وتتسب وبمئات الحوادث يومياً، ، بالإضافة الى ذلك ضرورة معالجة موضوع البنية التحتية وحل المشاكل الفنية في المناطق التي يتكرر حدوث الحوادث المرورية عليها.

ولا بد أيضاً من إستخدام التكنولوجيا الحديثة من الإنارة والأضوية في موضوع التنبيه الى مناطق الخطر والمنعطفات أو نتيجة لوجود حادث سير آخر أو مخاطر على الطرقات وغيرها.

ثانياً: تغيير إجراءات الحصول على رخصة القيادة

وهو موضوع هام جداً وضروري، فمن خلال الإحصائيات والدراسات يتبين أن غالبية حوادث السير تكون بين فئة الشباب بسبب الطيش والتهور واللامبالاة وعدم المسؤولية. فيجب أن يتم زيادة العمر الأدنى اللازم للحصول على رخصة القيادة وتشديد الرقابة على مراكز تدريب القيادة والقضاء على عمليات التلاعب الحاصلة فيها.

حيث أنه ومن واقع تجربتي في الحصول على رخصة القيادة تفاجأت بوجود وصل في المعاملة يثبت أنني قد حضرت مجموعة من الحصص النظرية في المركز على الرغم من أنني لم أفعل ذلك، وعند سؤالي عن هذا الموضوع أجابني المدير: \"لا أحد يحضر الحصص النظري لذلك لا نعقدها\". لذلك لا بد من عقد هذه المحاضرات في مديريات السير بدل من أن تقام في المراكز الخاصة التي لديها إستعداد لفعل أي شيء مقابل المال.

لهذا لا بد من وضع آلية جديدة للحصول على رخصة القيادة تضمن أهلية السائق الجديد العملية والنظرية والأخلاقية والإنسانية في التعامل مع المركبات والطرقات والمشاة.

ثالثاً: تشديد العقوبات

إن أكبر سبب من أسباب حوادث السير في أيامنا هذه هو إستخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، وأكاد أجزم أن أكثر من 70% من السائقين يستخدمون الهاتف أثناء القيادة ليشتت إنتباههم ويفقدهم السيطرة على المركبة ويقلل من عملية إدراكهم للمشاة ولمخاطر الطريق ويتسبب بقتل الأبرياء أو التعدي على ممتلكاتهم.

أما السبب الآخر هو السرعة الزائدة وتجاوز السرعة المحددة في الشارع والتي قلما تجد من يلتزم بها ويتبعها، لذلك وجب التنبه الى موضوع زيادة تواجد الكاميرات والرادارات الثابتة والمتحركة في مناطق إنتشار حوادث السير بسبب غياب الضمير لدى العديد من السائقين هذه الأيام وغياب الوازع الداخلي لديهم وضرورة تشديد إجراءات الرقابة على أخلاقيات القيادة من حيث الالتزام بقواعد الأولوية وإتباع خطوات التجاوز الآمن وغيرها.

ولا بد إيضاً من زيادة المبالغ المالية المترتبة على مخالفات المرور وخاصةً إستخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة أو تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء أو تجاوز حد السرعة المقررة في الشارع لتكون رادعاً لكل من غاب ضميره أثناء قيادته لسيارته.

وتبقى المخالفات المادية محدودة التأثير، لذلك لا بد من العودة الى تطبيق نظام النقاط على رخص القيادة وسحب الرخصة لفترات متباينة حسب المخالفة أو الحادث والأضرار المترتبة عليها.

رابعاً: زيادة مستوى الوعي

وكما أشير دائماً في العديد من كتاباتي الى أن الوعي هو أساس نجاح المجتمعات وهو الأداة في القضاء على الظواهر السلبية في الحياة اليومية. لذلك لا بد من زيادة مستوى التوعية المرورية خاصة في المراحل الدراسية الأبتدائية والثانوية لتعميق المفاهيم والمبادئ الصحيحة في عقول النشئ الجديد وتعريفهم بمخاطر حوادث السير وكيفية تجنبها وضرورة إتباع تعليمات السلامة على الطرقات والإلتزام بشواخص المرور وقوانينه.

بالإضافة الى ذلك لا بد من توعية المشاة أيضاً بكيفية تجنب حوادث السير وضرورة إتباع تعليمات السلامة العامة وإستخدام الجسور والأنفاق المخصصة للمشاة وعدم تعريض حياتهم للخطر.

ولا بد هنا من الإشارة الى الدور الكبير الذي تقوم به إذاعة الأمن العام في تناولها لمواضيع التوعية المرورية وتعريف المواطنين بمخاطر حوادث السير ونتائجها مباشرة ومن أرض الحدث، وذلك من خلال إستضافة مجموعة من المختصين يومياً ونشر تعليمات السلامة المرورية وتذكير السائق بها دائماً.

وتركز هذه الإذاعة الوطنية على النواحي الإنسانية والإجتماعية لحوادث السير والأضرار الناجمة عنها وتأثيرها على الأسر المنكوبة جراء هذه الحوادث القاتلة.

وتولي هذه المحطة والتي يتابعها عدد كبير من السائقين والموظفين لدى توجههم الى عملهم في الصباح الباكر أو عند عودتهم الى منازلهم في المساء عناية خاصة لمواضيع الإزدحامات المرورية وضرورة تجنبها وتحذير السائقين من التوجه الى تلك المناطق وذلك من خلال كوادر الأمن العام المنتشرة في جميع شوارع المملكة وضواحيها ومن خلال مروحيات الأمن العام التي تجوب سماء المملكة لتحفظ أمنها وأمن ساكنيها.

وتقوم هذه الإذاعة الكريمة بكوادرها أصحاب الخبرة العميقة في التعاطي مع أشكال الحوادث المختلفة وتعمل على طرح مواضيع هامة وضرورية بهدف توعية المواطن من عمليات التلاعب والإحتيال والنصب وتعاطي المخدرات وتهريبها وغيرها من المواضيع الأمنية الهامة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات