سيداو .. إلى أين؟!


جراسا -

بقلم: د.إيمان صالح العمري

إن خيبة آمال الإنسان في حياته الراهنة هي التي لا شك تجعله يفكر في حياة أفضل،وغالبا ما يقصر الإنسان عن فهم المراد ؛لأنه يُخضع التشريعات الربانية إلى مظاهر مادية وحسب ،لأنه في الغالب لا يَملك ولا يحاول أن يتملك قيماً روحية.

أقول الإنسان كان رجلاً أو امرأة،، وفي الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة كان لقصور فهم الرجل للحقوق والواجبات في التشريع الإسلامي وقصور فهم المرأة أيضاً للحقوق والواجبات دوراً كبيراً في خلط الأدوار،وكان لحضور الرجل دوراً كبيراً في تهميش دور المرأة في صنع الحياة ، وجعلها في ميادين أخرى عصب الحياة،ولكن باختياره هو وإلزامه لها قسرياً بهذا الدور،لذا نظرت المرأة للعلاقة بينها وبين الرجل كعلاقة ندية لا علاقة تكاملية،ومن هنا ظهرت إشكالات ومشكلات عديدة وهي نتيجة طبيعية للقصور في فهم التشريع الإسلامي المتكامل في نظر الإسلام للرجل والمرأة والأسرة والأبناء ،فهي علاقة بناء مجتمع متكامل لا علاقة فردية تنظر للمرأة على أنها فرد أوحد في المجتمع.

ثم إن المرأة عانت عقوداً طويلة في الغرب ظلماً وحرماناً واضطهاداً ولم ينصفها تشريعاً أو فكراً أو حتى قانوناً وضعياً، ولقد سلكت المرأة في المجتمع الغربي طرقاً عديدة لنيل حقوقها وتنازلت عن حقها وحرمة جسدها دون أن يكون لهذه التنازلات العديدة جدوى.

وتعاقبت السنون على وضع المرأة دون أن تحقق أشياء ولو يسيرة ،ثم إن القرن العشرين قد شهد اهتماماً متزايداً بقضيتها ،وعقدت الأمم المتحدة الكثير من المؤتمرات وخرجت باتفاقيات ملزمة وغير ملزمة للدول،حتى أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية ما يعرف "بسيداو"إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة ،وتعتبر الاتفاقية بيان عالمي لحقوق المرأة وتساوي مساواة مطلقة بين الرجل والمرأة
وتلغي ما تسميه بالنمطية بين الجنسين ،وتؤكد على فردية المرأة بغض النظر أن تكون زوجةً ابنةً أرملةً عزباء،مع الدعوة إلى تغيير هياكل الأسرة وإعطاء الشرعية بين أسر الشاذين والشاذات ،وهناك الكثير من التحفظات التي تركزت على بعض المواد والتي لا تناسب الشرع الكريم،،والأردن أيضاً تحفظت على بعض المواد مثل مادة(9) ومادة (15) ومادة (16)
فالمادة(9) : تتعلق بإعطاء المرأة حقاً مساوياً للرجل في اكتساب جنسيتها وكذلك فيما يتعلق بجنسية أطفالها
والمادة(15): تتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة في الأهلية القانونية وقوانين السفر
والمادة(16)::تتعلق بقوانين الزواج والأسرة.
وإن تعاليم الدين الحنيف -ولا بد هنا من التفريق بين المنهج وحامله- و كثير من القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية يكفلان للمرأة جميع حقوقها مع التأكيد على إعادة النظر في بعض الإجراءات المستمرة لتلبية حاجات الجميع وفق مصادر التشريع الإسلامي.
إن سيداو لا تتعارض في بعض بنودها مع الدين الإسلامي وحسب الذي هو دين الدولة الأردنية بل تتعارض مع الفطرة الإنسانية وقيم كثير من الشعوب.وفيما يلي عرض مختصر لنصوص المواد ونظرة الشرع الكريم إلى هذه المواد ::
نص المادة(15)::
1- تمنح الدول الأطراف المرأة المساواة مع الرجل أمام القانون.
2- تمنح الدول الأطراف المرأة المساواة مع الرجل في الشؤون المدنية بمطلقها
3- توافق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة
التي لها أثر قانوني وتقيد أهلية المرأة لاغية.
4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيارهم.
وأرجو هنا أن نكون منصفين في تحليل النقاط التالية ::
1- للمرأة اختيار محل سكنها سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة
2- للمرأة أن تقيم في أي بلد ترغب فيه متزوجة أو غير متزوجة
3- للمرأة أن تنتقل وتسافر بدون إذن من أب أو أخ أو زوج
ونجحت الجهود الأردنية في إلغاء التحفظ على مادة (15 )دون الرجوع للتشريعات الإسلامية،،ونص المادة (16) وهو صلب موضوعنا الآن والذي عملت السيدة أسما خضر وصويحباتها على إلغاء التحفظ عليها والتي تتضمن خلافات صريحة وواضحة لانتهاك الشرع الإسلامي وهو:
* اتخاذ الدول جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور:
1- نفس الحق في عقد الزواج
2- نفس الحق في حرية اختيار الزوج
3- نفس الحقوق أن تقرر عدد أطفالها
4- نفس الحقوق في الولاية والقوامة والوصاية
5- نفس الحقوق الشخصية للزوج أو الزوجة بما في ذلك اختيار اسم الأسرة
والمهنة والوظيفة
5- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها

وحبذا لو كانت السيدة أسما خضر قد قرأت الشرع جيداً وحاولت إعطاء محاضرات توعوية للرجال والنساء على حد سواء بدل من تأزيم الأمة الإسلامية والعربية فكرياً أكثر مما هي مأزومة إن جاز التعبير .إن المادة(16) لهي أخطر ما في الاتفاقية فهي تمس الأسرة كمؤسسة ونظام وتدعو بكل صراحة وصرامة تجاوز شرع الله!!!
الحق أننا مهدِّنا لسيداو سنوات وسنوات قبل التوقيع ،وكل أصحاب السيادات والقرارات
لم يجرِ حتى ولو استفتاء بسيط على نسبة وتناسب هذه المعاهدة مع ثقافتنا الفكرية
وفي الحقيقة أنني كتبت أكثر من مرة ..ونظمت قصيدة عن معاهدة سيداو ،،قدمتها لنفسي أكثر من مرة ..وصفقت لنفسي!! إلى أن جاءتني دعوة لحضور مؤتمر حول هذا الأمر في قصر الثقافة في عمان الاثنين الموافق ::
21/11/2011م ،،وظننت أنَّني ذاهبة للحوار ..ولأسمع صوتي لأفاجأ أنني جئت لأشهد إشهار هذه الاتفاقيةوإلغاء بعض التحفظات الأردنية،، و ليسجل حضورناوكأنه مآزرة للحدث ..
أو دعائية له ..ذهبت أنا وحوالي ستين امرأة وشابة...فوجئنا أننا محور للمهزلة !!!
أسما خضر وصويحباتها!!
أسما خضر لها صوت مسموع ...وفكر مصنوع..وإعلام مرئي ومطبوع!
قبل هذا المؤتمر بيومين عملنا على مؤتمر ثلاثة أيام متواصلة حول :
(( الهوية واستشراف المستقبل في ظل التحديات المعاصرة))
ولم يحظ هذا المؤتمر ولو بنصف دقيقة من التلفزيون أو الإعلام الأردني ..ويغطى هذا المؤتمر كاملاً على التلفزيون الأردني وجميع مواقع الإنترنت والصحف دون أدنى تحليل للحدث!! ولا أدري كم من المؤامرات والمؤتمرات سنضع لنبلور هوية الشعب الأردني؟؟!
كم امرأة أردنية تعرف ما هي بنود سيداو لتنوب عنها أسما خضر للتوقيع؟؟!!!
كم يشكلن هؤلاء من نساء الشعب الأردني؟؟!!
من يدعم مثل هؤلاء النساء ؟ ولماذا يصلن وبسهولة بالرغم من الحواجز التي توضع بطريقنا ونحن صاحبات قلم وفكر،،أنا لا أريد نقاشاً غير موضوعي ولا أريد فتح باب عليَّ لا يغلق...ومن أنا وماذا يشكل صوتي أمام هؤلاء النسوة اللاتي يتحرك لأجلهن الإعلام ويظهرن وكأنهن صورة نساء الأردن!!!
إلى متى هذا الانفصام بين شرائح الشعب الأردني وممثليه؟؟
في الحقيقة أن تصدير المشكلات الاجتماعية في الغرب إلى مجتمعاتنا العربية دون أن نضع يدنا على المشكلة..وإن المشكلة الحقيقية في مجتمعنا بقصور الفهم وتفهم الآخر للآخر،فنحن لسنا بحاجة إلى اتفاقية سيداو ولسنا بحاجة أن توقع أسما خضر باسمنا
اتفاقيات دون أن تطرحها باستفتاء شعبي
إن خصوصيتنا الدينية والثقافية والاجتماعية ومراعاة حقوق الرجال والنساء على حد سواء يجعلني أقول لأسما وصويحباتها من هذا المنبر::
لااااااااوألف لا لتمرير هذه الاتفاقيات وأنا أعلم أن (لائي) أمام (نعمها) تعني بمفهوم السلطة::نعم!!! فالاتفاقية مررت والسلام!!!
وحسبنا الله ونعم الوكيل



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات